«أكون أو لا أكون- ما الدنيا إلا مسرح كبير-الموسيقى غذاء الروح - لقد تجسد الشيطان فى هيئة إنسان - الحب أعمى -......» ما أكثر تداول هذه الكلمات وسط العامة من الناس دون أن يعلم معظمهم لمن تنتمى أو من صاحب هذه الجمل الشهيرة؟ إنه شكسبير. هذا الكاتب الانجليزى ذو الطابع الجماهيري، والذى ذاع صيته 400 عام إلى الآن، هو ليس مجرد كاتب لكنه مؤسسة مسرحية كاملة، تخطت كتاباته المرحلة النصية وأصبحت مراجع تاريخية، وأخرى فى علم النفس، وغيرها فى العلوم الطبيعية، كما أنه صاحب أول «منفيستو» للإخراج المسرحى بشكل مباشر، ونجد هذا بوضوح فى مشهد الفرقة التمثيلية بمسرحية «هاملت». وأصبح من أهم المحطات المسرحية فى التاريخ، ويرجع جزء كبير من نجاحه إلى أهتمامه بالجانب الشعبى فى أعماله، ولم يكن مسرح شكسبير شعبيا من الجانب الجماهيرى فحسب، وإنما كان شعبيا من الجانب الفولكلورى أيضا، فقد توجه شكسبير إلى جميع أفراد الشعب، فتناولت أعماله حياة الأمراء والملوك، مستعينا بالعناصر الشعبية التراثية لمغازلة العامة، فاستلهم من الأساطير والمعتقدات الشعبية السائدة فى تلك الفترة العديد من المشاهد كالأشباح، الجن، السحر،المهرجين، الألعاب الشعبية، الأمثال الشعبية وغيرها. كذلك تناوله للموضوعات الغريزية المشتركة بيننا جميعا، كالحب، الغيرة، الحقد، التردد، الطموح والخوف. كما خلق شكسبير شخصيات درامية أصبحت ذات شهرة عالمية حتى لمن لم يقرأها مثل «هاملت - روميو وجوليت - عطيل - لير». لقد استفاد شكسبير بخبرة من سبقوه حتى يستطيع أن يحقق نجاحا مماثلا،وأدرك أهمية أن تصل كلماته لعدد كبير من أبناء وطنه، فتعدت حدود إنجلترا وطارت إلى العالم أجمع. فترجمت أعماله إلى لغات متعددة وقدمت نصوصه على جميع مسارح العالم،وظهرت فرق مسرحية كثيرة تحمل أسمه. بل وأنتقلت أعماله إلى شاشات السينما بعضها يحمل نفس الأسم وآخر مأخوذ عن عمل ما. ولم تتوقف جماهيرية شكسبير عند مستوى النصوص أو العروض المسرحية فحسب، بل انتقلت إلى الدراسات الأكاديمية المتخصصة وأصبح هناك مكتبات مليئة بالدراسات العلمية تناولت أعماله وأحيانا حياته الشخصية. لقد أهتمت إنجلترا آنذاك بشاعرها وكاتبها الشعبى العظيم وساندته،فأصبح أيقونة لثقافتها على مدار التاريخ، وحارسا على تراثها الأدبي.