رئيس جامعة جنوب الوادي يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الثاني    اتصالات النواب توافق علي موازنة القومي لتنظيم الاتصالات للعام 2024/2025    فاطمة ناعوت تكشف سبب رفضها للمشاركة في مناظرة «الأزهري» (تفاصيل)    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    وزير الرى: مبادرة حوض النيل بشكلها الحالى تعتمد على مبادئ غير تعاونية    السياحة : 106٪؜ نسبه إشغالات أحد منتجعات شرم الشيخ    محافظ دمياط تجري زيارة مفاجئة لوحدة رأس البر    الملحق التجاري السعودي: الصادرات المصرية تحتل المركز الأول بالمملكة    السويد: نرفض أي هجوم إسرائيلي على قوافل المساعدات إلى غزة    ريال مدريد في رسالة خاصة ل كروس: جزء من تاريخ النادي وستبقى في القلوب    الأهلى يقدم التعازي لرئيس الترجي في وفاة شقيقه    الزمالك يصرف مكافآت الفوز بالكونفيدرالية قبل لقاء مودرن فيوتشر    الميركاتو الصيفي.. نجم الدوري الهولندي على رادار ليفربول    لتغيبهم دون إذن مسبق.. محافظ دمياط تحيل عددًا من الموظفين بالمجلس المحلي للتحقيق    200 ألف جنيه لأسرة المتوفى و20 ألفًا للمصاب.. توجيهات عاجلة من وزير العمل بشأن حادث معدية أبوغالب    محافظ الجيزة يتفقد موقع حادث «معدية أبوغالب» (صور)    جنايات المنصورة تقضى بالإعدام شنقاً للمتهمة بالتخلص من ابنة جارتها لسرقة قرطها الذهبي    السيسي يستقبل مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية اليوم    قبل الفستان.. كيف دعمت كيت بلانشيت القضية الفلسطينية؟    رئيس جامعة بنها يتفقد فعاليات القوافل المتكاملة بقرية قلما بقليوب    في اليوم العالمي للشاي.. 4 أفكار للاستفادة من أكياس المشروب المستعملة    رئيس الوزراء يتابع عددا من ملفات عمل الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي    دفاع متهمة برشوة الرى يطالب بإخلاء سبيلها كونها السيدة الوحيدة بالقضية    «الإسكان»: اعتماد المخطط التفصيلي ل3 مناطق صناعية في بني سويف    تحقيق جديد في اتهام سائق بالتحرش.. وتوصيات برلمانية بمراقبة تطبيقات النقل الذكي    العرض على شاشات المتحدة.. صبا مبارك بطلة مسلسل وتر حساس من 45 حلقة    نقيب القراء: لجنة الإجازة بالإذاعة حريصة على اختيار من هم أهل للقرآن من الكفاءات    دعاء النبي في الحر الشديد: كيفية الدعاء أثناء موجة الطقس الحار    150 هزة ارتدادية تضرب غرب نابولي.. وزلزال الأمس هو الأقوى خلال العشرين عامًا الماضية    مكتب الإعلام الحكومي بغزة: الرصيف البحري لا يمكن أن يكون بديلا عن المنافذ البرية والمساعدات لم تصل حتى الآن إلى شمال القطاع والوضع كارثي    القبض على المتهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بالإسكندرية    احذروا الشائعات.. مجلس الوزراء يكشف حقيقة بيع المستشفيات الحكومية ووقف الخدمات المقدمة للمواطنين    لمواليد برج السرطان.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (التفاصيل)    للتوعية بحقوقهن وواجباتهن.. «الهجرة» تناقش ضوابط سفر الفتيات المصريات بالدول العربية    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    هالاند.. رقم قياسي جديد مع السيتي    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    المؤبد لشيال في السوق لإتجاره في الهيروين بالخانكة    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    محافظ جنوب سيناء: نمتلك خبرات هائلة في مجال السياحة.. وشرم الشيخ لديها إمكانيات متفردة    أحمد الفيشاوي يحتفل بالعرض الأول لفيلمه «بنقدر ظروفك»    رئيس جامعة بني سويف: مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية علوم الأرض    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    خبيرة تغذية توجه نصائح للتعامل مع الطقس الحار الذي تشهده البلاد (فيديو)    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات اليوم    تعرف على سعر السكر والزيت والسلع الأساسية بالأسواق منتصف الأسبوع الثلاثاء 21 مايو 2024    حسام المندوه: الكونفدرالية جاءت للزمالك في وقت صعب.. وهذا ما سيحقق المزيد من الإنجازات    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    مدحت شلبي يكشف العقوبات المنتظرة ضد الزمالك بسبب سوء تنظيم نهائي الكونفدرالية    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال قرب مفترق بلدة طمون جنوب مدينة طوباس    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر في قلب السعودية
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 02 - 2017

عندما تسافر، باعتبارك صحفيًّا، في وفد رسمي لتمثيل مصر في مهرجان، فإنه شيء يدعو للفخر، ولكن مايزيد الفخر فخارًا هو أن ترى مدي عِشْق شعب بأكمله لكيان اسمه مصر، فتراك تزهو ببلدك، وحضارتك، وتاريخك، وشعبك، وكل ما يحمل اسم أم الدنيا، لتعيش أيامًا من السعادة الحقيقية، التي تخفف عن نفسك كل عناء وتعب المشاكل التي تئن بها مصر، وتنعكس على نفسية كل المصريين، لكن عندما ترى كل هذا الكم من الحب والهيام والعشقْ لهذا البلد، مهد الأديان، وقِبلة الأنبياء، الذي كرمه الله عز وجل في قرآنه عن سائر البلاد، من كل شعوب الأرض، فلا تملك إلَّا أن تقول لا كرامة لبلد في عين أهله، فهم يئنون، ويتوجعون، ويصرخون من قسوة المعيشة، في حين يهيم فيه الغير حبًّا وغرامًا، يحتسون فيه السعادة كؤوسًا لاتنتهي، حتى الثمالة، على شواطئه الخلابة، وأرضه الطيبة، ونيله الساحر، وحضارته العريقة، وآثاره المذهلة .
أحاسيس جياشة من الفرح والسعادة انتابتني على مدار 5 أيام ، وأنا بصحبة الوفد المصري الكبير الممثل لمصر في أكبر وأهم مهرجان في المملكة العربية السعودية : مهرجان التراث والثقافة بالجنادرية ، الذي اختار أم الدنيا ضيف شرف دورته الحادية والثلاثين ، في 2017 ، وأنت ترى مدى الحب والعشقْ لمصر ، في كل مكان تذهب اليه ، وكل وقت يمر عليك في الرحلة ، حتى تشعر وكأنك في بلدك .
كانت رحلة استكشافية ، قبل أن تكون للعمل ، ذهبت وتدور في عقلي عشرات الأسئلة : هل أثرت أزمة تيران وصنافير على علاقات الشعبين ؟ هل غيرت السعوديين وملكهم خادم الحرمين الشريفين نحو مصر بالسلب ؟ كيف سيكون استقبالنا بعدها ؟ كيف ستكون المعاملة ؟ كيف ستكون مشاعرهم نحونا ؟ هل ستنجح الثقافة والفن في إصلاح ما أفسدته السياسة ؟
لم أنتظر طويلًا لأبحث عن الإجابات ، فلقد جاءتني بنفسها سريعًا ، بلا أدنى عناء ، رسائل سعودية مباشرة لمصر ، تكشف بجلاء عن مدى رسوخ حب الشعبين في القلوب ، وتجذر العلاقات بين البلدين في التاريخ ، تقول : "مهما كان الخلاف ، فلن نستطيع الاستغناء عن مصر ، ولا شعبها ، سنظل نحبكم أبد الدهر ، ولن يفرقنا شيء عابر ، سيذوب مع مرور الأيام" .. رسائل لا تخطئها عين بصيرة ، وخاصة عندما تكون صحفيًّا ، فتفهم وتحلل من الإشارات والمواقف ، ما يمر على المواطن العادي مرور الكرام .
البداية كانت على سلم الطائرة ، وأنت ترى وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عادل الطريفي ، مبعوثًا من جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز ، في استقبال وزيرنا الكاتب الصحفي حلمي النمنم ، وكل الوفد المصري ، بموفور الود والحفاوة والترحاب ، لتأتي بعدها أقوى الرسائل ، في اليوم التالي ، حيث قام جلالة الملك بافتتاح المهرجان ، بصحبة أشقائه من ملوك وأمراء الخليج ، في جو من الإخاء والحبور ، ليذهب ، عقب ذلك مباشرة ، ضيفًا كريمًا على الجناح المصري العملاق ، الذي يمتد على مساحة شاسعة تبلغ 2000 متر مربع ، يحمل عراقة التاريخ المصري ، مصنوع بأنامل مبدعة مصرية ، عاشقة للتصميم الفني ، الذي يفوح منه عبق التاريخ ، وإحساسها المرهف بسحر الإبداع .. إنها المهندسة المصرية رانيا فائق ، رئيس قسم الديكور والتجهيزات الفنية بصندوق التنمية الثقافية بوزارة الثقافة ، التي سابقت الزمن ، وأنجزت أكبر جناح في مهرجان التراث والثقافة الحادي والثلاثين بالجنادرية ، على الورق ، في 24 ساعة ! .. في 24 ساعة فقط ، كانت قد أعدت كل الرسومات المجسمة للجناح ، بعدها بدأت رحلة التنفيذ ، فسافرت للسعودية ، وقادت فريق عمل ، وفِي غضون أسبوع واحد فقط ، حوّلت الخيال إلى واقع ، ليخرج الجناح في أبهى حُلّة ، أمام الملك سلمان ، ورفقته الرفيعة المستوى من كبار رجال المملكة ، وأمراء الأسرة الحاكمة ، والذي أصر على زيارة الجناح ، بنفسه ، غير مبالٍ بإرهاق أو تعب أو سن ، رغم أنه كان يمكنه إرسال مبعوث عنه ، بل وتفقد كل أقسامه ، بصحبة الوزير النمنم ، ورئيس قطاع مكتبه اللواء حسن خلاف ، وهو سعيد بكل مايشهده ، يشيد بجمال الجناح المصري ، وروعة تصميمه وتقسيمه ، ليختم زيارته بعبارة إعجاب ، باحت بكل مكنون الحب العميق بقلبه لمصر وشعبها : "مصر عادت من جديد" ، لتكون أبلغ رسالة للقيادة السياسية في مصر من الملك ، مفادها " لننحِ خلافاتنا جانبًا .. فلا غنى لنا عن مصر أبدًا".
وتتوالى الرسائل ، طوال أيام المهرجان ، من شعب المملكة من كل المستويات ، والأعمار ، وأنت تراهم يتوافدون على الجناح كالسيل ، يغمرونه بالحب ، وفِي عيونهم علامات الانبهار بالحُلي النادرة من العصور المتعاقبة على القاهرة : الفاطمية ، والمملوكية ، والطولونية ، والإخشيدية ، وغيرها ، من الفضة الخالصة ، المعشقة بالأحجار الكريمة تخطف القلوب والأبصار ، و كنوز الشكمجيات ، واللوحات البارزة ، وصناديق المجوهرات ، المصنوعة بمهارة ودقة لا متناهية ، في تصميمات ساحرة ، ممزوجة بالصدف اللؤلؤي الناصع البياض ، فتنتزع الآهات ، وتذهلهم تحف من الأواني الفخارية ، والخزفية ، التي تشع جمالًا ، بتكوينات ألوانها الزاهية ، التي تتمازج في روعة وإتقان ، و التشكيلات البديعة من الخط العربي بأنواعه الزاخرة بالإبداع : النسخ ، الثُلث ، والكوفي ، والعثماني ، وإبداعات الفن التشكيلي ، من تابلوهات زيتية من فرط روعتها تكاد تنطق حياة ، ترسم مظاهر الحياة في ريف مصر الأصيل ، وأخرى مطبوعة على الجلد ، فضلًا عن إبداعات النسيج ، على السجاد الصوفي الفاخر ، الذي يحمل زخارف هندسية ودائرية وتشكيلية ، ليكون جناحها شاملًا بحق ، مُعبِّرًا عن حضارة وعراقة أم الدنيا ، وكل يوم ، يمتلأ الجناح عن آخره ، وأنت تسمع عبارات الزهو على كل الألسن ، وهي تقول : "حقًّا .. إن مصر أم الدنيا" .. لتؤكد بما لايدع مجالًا للشك أن "مصر في قلب شقيقتها السعودية ".
[email protected]
لمزيد من مقالات ياسر بهيج;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.