1- وانصرف: دس فى يده بطاقة عيادته الخاصة مبتسماً، فور دخوله إلى مكتب الأطباء بحثا عن طبيب العيادة الخارجية لتوقيع الكشف على ابنه، فمزقها وألقاها على الأرض مبتسماً وانصرف! 2- أدعية: أشرت إليه قائلا: آخر البحر، فوقف قائلا: تفضل يا أستاذ.. ثم بدأ حديثه موجها إياه إلى المقعد الخلفى الذى أجلس فيه، حاكيا كيف أنه يخرج صباحا إلى عمله قائلاً: «يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم» و يخرج شرطى المرور إلى عمله قائلا أيضا «يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم وفى آخر اليوم يعود الشرطى فرحا مبتسما بما جمع. بينما يعود هو باكيا بسبب قلة ما حصل عليه و ضغوط الأقساط و عدد مخالفات السير. لذا فهو دائما يدعو الله أن يرزقه براكب آخر وثالث فى نفس المشوار، ساعتها لم أتابع حديثه إلا قليلا، فقد كنت أتمنى ألا يصعد راكب آخر كى ابقى منفردا بالكرسي, لكننى أدركت أننا نلتقى فى نقطة واحدة، وهى أن كلينا يدعو.. أن نصل بسرعة و أمان! 3- عطش: فى مساء الخميس الماضى ونحن ساهرون ليلاً فى الحقول فى انتظار وصول نوبة الرى التى مُدتها أربعة أيام - لولا سهرنا لإدراك أول وصول للنوبة, لا نستطيع رى الأرض؛ فعند انتباه الآخرين للماء يخرجون للري, ونحن فى نهاية الترعة نقضى لياليها سهارى حتى يأذن الله بوصول الماء؛ فالماء لا يصلنا نهاراً- تركنا أبو أحمد بحثاً عن بقايا من فروع شجر ناشف لإشعال النار لعمل الشاي، ولم يلبث إلا قليلا ًثم عاد يرتعد مُقسما بأغلظ الأيمان انه سمع ما يشبه الهاتف- صوتاً ليس له وِجه ولم يعرف له مصدراً- منادياً: يا هذا.. أى شاى تريدون أن تشربوا وزرعكم قُتل عطشاً؟! 4- عادة: كان من عادتها معى أن تقول ما تريد منى من خلال مقدمات وشروح وتفاسير، وكان من عادتى ألاّ أصغى إلا للجزء الأخير من حديثها، إلا أنها هذه المرة أرادت أن تستولى على إصغائى منذ الوهلة الأولي, فقالت لى مباشرة ما تريد من دون مقدمات أو شروحات أو تفاسير ولكن- يا للأسف- لم أكن أصغي, فى انتظار الجزء الأخير من حديثها! 5- من الأول: قالت: كان يقول لى كلاماً جاداً، وكنت أصغى إليه باهتمام, ولكن من كثرة إعادته للموضوع كنت أفقد متابعتى لحديثه، ولا أعى ماذا يريد أن يقول، وعندما كوّنت فكرة عامة عن الموضوع، وجدته يتحدّث بجدية قائلاً: خذى بالك معي، سوف أعيد من الأول! 6- لا شيء: سألنى هل هناك ما يضايقك؟ أجبته بشيء من العصبية وأنا أشيح بوجهى عنه: لا شيء... لاشيء..لا شيء. ولما سألته: وأنت هل هناك ما يضايقك؟. أجاب وهو يبتسم: يوووووووه! كل شيء.. كل شيء.. كل شيء! 7- خالة ابنة عمها: قالت: لم أكن أتصور أن خالة بنت عمى تحمل لى كل هذا الكُره. ظهر هذا واضحا لا يخفى على أحد فى فرح ابنة عمى الأسبوع الماضي: فعلى الرغم أنى كنت بجوار العروسة ألازمها كظلها إلا أنها عندما جاءت إلى الحفل سلمت على وقبلتنى قبلتين أما العروس فقبلتها أربع قبلات !!!!! 8- دعاء: دائماً ما كنت أراها تدعو بعد صلاتها بدعاء تهمسه همساً, واليوم أخذتنى الصاعقة عندما استطعت ترجمة همساتها الدعائية بعد مرور أربعين عاما. فلأول مرة تدعو علنا ويخرج الدعاء من بين ضلوعها لا من بين شفتيها. فكانت تقول فى دعائها: اللهم استرنى بوقفة زوجى على قبري... ولا تفضحنى بوقفتى على قبره! 9- تهويش: ثلاثة عيدان ذرة يابسة حطمتها وأنا أحذرها من أن تعود لفعلتها, وهى تُصغى فى صمت. وبعد أن أيَقَنّتْ أنى انتهيت مما أنا فيه نظرت إلى ّ وقالت: هذه آخر مرة أراك تحمل مثل هذه العصى !!! 10- أربعين: أنفقت من عمرى أربعين خريفاً ولم أزل بقبرى الكبير منتظراً خريفى الأخير! 11- كيف: الطيبون دائماً يرحلون من هذه الدنيا. فكيف لها أن تستقيم بعد رحيلهم؟! 12- قصة: حاصرتها القصص عنه. فقصة حبه أُُبلِغت بها تليفونياً فحدثت نفسها: كلام فى الهواء. وصلتها قصة حبه مكتوبة فمزقتها. قائلة: حبر على ورق. ولما استقصت علمت أنها- هي- قصة حبه الوحيدة! 13- الجسد الجثة: على الوجه المبتل بالعرق دارت وطنت وحطت، فتأفف ونَشَّها بيده، طارت ثم عادت إلى الجسد ذى الرائحة التى تعرفها، وهى تتعجب: كيف لجثة أن تتحرك بهذا الشكل العجيب؟!!! 14- ابنة من تكون؟: قالت: ألا تعرف ابنة من أكون؟ قلت: لماذا.. ألا تعرفين أنت؟!