هذه الأيام لم يعد خافياً على أحد أن هناك العديد من الكفاءات والأسماء لشخصيات هامة بعينها تعتذر عن شرف تولى مهام وحقائب وزارية، على ما يبدو أن هذه الحالة ليست وليدة اللحظة فى مواجهة الحكومة الحالية برئاسة المهندس شريف إسماعيل فحسب، فالمتابع للموقف برمته سيتضح له بسهولة أننا أمام حالة ممتدة منذ عام 2011. اليوم أصبح من الواضح للعامة جميعاً أن منصب الوزير افتقد بريقه ورونقه، ولم يعد مطمعاً، لم يعد هناك من يسعى إليه بلهفة كما السابق، لم يعد الحلم الذى يصبو إليه البعض، على ما يبدو فلقد تراجعت لحد ما شخصية «عبده مشتاق» الذى يريد أن يكون وزيرا يُشار إليه بالبنان، فى أى وزارة لا يهم، ولا يقلل من طموحه ورغبته العارمة فى الوصول إلى كرسى الوزارة بل على العكس فمن خلال ذلك المنصب سوف يتمكن فيما بعد من التحرك فى المجال العام بمسمى وزير سابق بعد ترك المنصب لأى سبب وفى أى تعديل وزارى لاحق . اليوم وفى ظل الظروف الراهنة تبدلت الرؤى فهناك أسماء وقامات بعينها ترفض تولى حقيبة أى من المهام الوزارية بحجة أنه عبء وحِمل أكثر من كونه منصباً وسلطة وجاهاً. بالطبع لم يعد يخفى علينا جميعاً أن هذه الحالة ما هى إلا نتاج للعديد من الأسباب. فالمنصب لم يعد مُغرياً ولم يعُد مغنماً كما السابق، وبالتالى العائد المادى ليس مبهراً أو حافزاً لذلك، ويمكن للشخص المرشح لتولى المنصب من أصحاب الكفاءات أن يحصل على أضعافه خارج العمل الحكومى بسهولة. أيضا فإن الخيارات المتاحة أمام أى وزير لأسباب مالية وفنية أصبحت لحد ما محدودة جداً، ما يجعل القادم مثل السابق، الكل يتحرك فى نفس الدائرة المغلقة من وجهة نظره فى مجال محدد حسب قناعته الشخصية، ليس له مساحة واسعة من التجديد أو التغيير للأفضل، حتى يرى البعض أن حلم الإصلاح الشامل فى ظل جهاز إدارى عتيق ومترهل غير قابل للتحقق، ولا سيما أن المسألة تحتاج إلى إرادة سياسية، وموارد مادية كبيرة، ورغبة فى إعادة رسم الخريطة السياسية والاجتماعية فى المجتمع، وهذه جميعهاً تتجاوز صلاحيات وسلطات الوزير مهما كان. اليوم لم يعد خافياً دور بعض القنوات والمنابر الإعلامية، من خلال أقلام وبرامج التوك شو التى بدورها توجه رسائل معينة من شأنها رفض المنصب الوزارى أو قبول وظائف عامة بعينها خوفاً وهرباً من النقد اللاذع، للبعد عما يتعرض له السادة أصحاب المعالى من الوزراء والشخصيات العامة من كثرة التجريح، والتشهير أحياناً، الأمر الذى يجعلهم يرفضون ذلك المنصب تماماً. أيضا هناك من يفضل السلامة والابتعاد قدر الإمكان عن ذلك الحِمل الثقيل وسط الظروف الراهنة فالوضع الاقتصادى صعب للغاية، والاختيارات المتاحة محدودة جداً، وتطلعات الناس فى تصاعد مستمر، والشكوى والضجر لا يتوقفان فى الشارع المصرى على مدار الساعة. ربما تناسى البعض لسبب أو لآخر أن المناصب العامة تحتاج إلى أصحاب الإرادة الحديدية أولئك الذين يمتلكون القدرة على التضحية والمثابرة والرغبة القوية فى الخدمة العامة، مهما كانت الظروف والمعوقات، وبالتأكيد لا أظن أن العديد من الأسماء المطروحة حالياً فى مرحلة إعادة البناء التى نعيشها ينقصهم ذلك، ولا يحق لنا أن نلومهم أو نحاول التأثير على قناعاتهم الخاصة، بل على العكس فمن خلال الملابسات والأوضاع التى نمر بها حالياً يتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن الكثير يريدون خدمة البلد، لكن يريدون أن يأخذوا فرصتهم كاملة فى مجالات مختلفة وطريقة مختلفة أيضا، بعيداً عن بريق الشهرة والكراسى والمناصب ووهج الأضواء الصاخبة. لمزيد من مقالات هالة برعى;