أول مشاركة للفلاحين بندوة اتحاد القبائل الإثنين المقبل    الدولار يواصل الانخفاض متأثرًا ببيانات الوظائف الضعيفة    البصل يبدأ من 5 جنيهات.. ننشر أسعار الخضروات اليوم 10 مايو في سوق العبور    التنمية المحلية: تلقينا 9 آلاف طلب تصالح في مخالفات البناء خلال أول 48 ساعة    فصل متمرد.. تغير المناخ تكشف تأثير تقلبات الطقس على الزراعات    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 10 مايو 2024.. الكومي ب38 ألف جنيه    «القابضة للمياه»: ندوة لتوعية السيدات بأهمية الترشيد وتأثيره على المجتمع    «القاهرة الإخبارية»: العدوان الإسرائيلي يتصاعد بعنف في غزة    الخارجية الفلسطينية: اعتداء المستوطنين على مقرات الأونروا في القدس المحتلة جريمة ممنهجة    «دعم منتظر».. الأمم المتحدة تصوت على عضوية فلسطين اليوم    رئيس الحكومة اللبنانية يبحث مع هنية جهود وقف إطلاق النار في غزة    إصابة شخصين وإحراق منازل في الهجوم الروسي على خاركيف أوكرانيا    "تخطى صلاح".. أيوب الكعبي يحقق رقما قياسيا في المسابقات الأوروبية    "اعتلاء منصات التتويج".. هاني العتال يوجه رسالة للزمالك قبل مباراة نهضة بركان    الأهلي يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة بلدية المحلة.. اليوم    أشرف عبد العزيز: ما فعله محامي الشيبي «جريمة»    نشوب حريق داخل ميناء الشركة القومية للأسمنت بالقاهرة    التعليم: 30% من أسئلة امتحانات الثانوية العامة للمستويات البسيطة    طعنها بالشارع.. حبس المتهم بالشروع في قتل زوجته بالعمرانية    إصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة بالقليوبية    حالة الطقس المتوقعة غدًا السبت 11 مايو 2024 | إنفوجراف    بالتفاصيل، تشغيل قطارات جديدة بدءا من هذا الموعد    ضبط وتحرير 24 محضرًا تموينيًا في شمال سيناء    إلهام شاهين: مهرجان ايزيس فرصة للانفتاح على العالم والترويج الثقافي لبلدنا    تشييع جثمان والدة الفنانة يسرا اللوزي من مسجد عمر مكرم ظهر اليوم    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    حفل زفافها على البلوجر محمد فرج أشعل السوشيال ميديا.. من هي لينا الطهطاوي؟ (صور)    بكاء المنتج أحمد السبكي بسبب ابنه كريم.. ما السبب؟    صابر الرباعي يكشف حقيقة دخوله مجال التمثيل وتقديم مسلسل 30 حلقة    صلاة الجمعة.. عبادة مباركة ومناسبة للتلاحم الاجتماعي،    دعاء يوم الجمعة لسعة الرزق وفك الكرب.. «اللهم احفظ أبناءنا واعصمهم من الفتن»    الصحة: أضرار كارثية على الأسنان نتيجة التدخين    أسعار اللحوم الحمراء في منافذ «الزراعة» ومحلات الجزارة.. البلدي بكام    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    طبق الأسبوع| مطبخ الشيف رانيا الفار تقدم طريقة عمل «البريوش»    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    مصطفى بكري: مصر تكبدت 90 مليون جنيها للقضاء على الإرهاب    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    ملف رياضة مصراوي.. زيارة ممدوح عباس لعائلة زيزو.. وتعديل موعد مباراة مصر وبوركينا فاسو    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    أشرف صبحي يناقش استعدادات منتخب مصر لأولمبياد باريس 2024    نص خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة اليوم 10-5-2024.. جدول مواعيد الصلاة بمدن مصر    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    أعداء الأسرة والحياة l «الإرهابية» من تهديد الأوطان إلى السعى لتدمير الأسرة    إصابة شرطيين اثنين إثر إطلاق نار بقسم شرطة في باريس    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    البابا تواضروس يستقبل رئيسي الكنيستين السريانية والأرمينية    خالد الجندي: مفيش حاجة اسمها الأعمال بالنيات بين البشر (فيديو)    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُني على خمس فقط (فيديو)    مسؤول أوروبي كبير يدين هجوم مستوطنين على "الأونروا" بالقدس الشرقية    فريدة سيف النصر تكشف عن الهجوم التي تعرضت له بعد خلعها الحجاب وهل تعرضت للسحر    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    آية عاطف ترسم بصمتها في مجال الكيمياء الصيدلانية وتحصد إنجازات علمية وجوائز دولية    4 شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزل في محيط مسجد التوبة بمخيم جباليا    مجلس جامعة مصر التكنولوجية يقترح إنشاء ثلاث برامج جديدة    «الكفتة الكدابة» وجبة اقتصادية خالية من اللحمة.. تعرف على أغرب أطباق أهل دمياط    «أنهى حياة عائلته وانتح ر».. أب يقتل 12 شخصًا في العراق (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عالم دونالد ترامب.. أسئلة ما بعد الصدمة

بغض النظر عن كل مظاهر الاعتراض والرفض التى شهدها احتفال تنصيب الرئيس الأمريكى الجديد يوم الجمعة الماضى (20/1/2017)، فإن ما كان يراه الكثيرون كابوسا تحول إلى واقع، وما كان يتصوره كثيرون خيالا أصبح، رغما عن الجميع، واقعا. دونالد ترامب هو الرئيس ال 45 للولايات المتحدة الأمريكية.
كان الانشغال متركزا على شخص وتاريخ ونوادر هذا الملياردير العقارى البعيد والغريب تماما عن عالم الحكم والسياسة، ولم يأبه كثيرون بإعطاء الدولة التى سيكون ترامب رئيساً لها اهتماماً مماثلاً، رغم الارتباط الشديد بين الرئيس والدولة. دونالد ترامب لم يأت من فراغ، هو ابن شرعى لواقع سياسى - اجتماعى - اقتصادى وثقافى أيضا تعيشه الولايات المتحدة الأمريكية بشعبها ومؤسساتها واقتصادها. ولعل هذا يفسر «الغرابة» و«التعجب» الذى اكتسى أغلب التحليلات والتفسيرات عن فوز ترامب، فهؤلاء الذين أبدوا استغرابهم لفوز ترامب، تجاهلوا، عن عمد أو عن غير عمد واقع الولايات المتحدة، وهذا ما حاول الكاتب الإسرائيلى «نتسان هوروفيتس» تفنيده فى صحيفة «هاآرتس» عقب إعلان فوز دونالد ترامب بقوله: «الولايات المتحدة بمكانها ومئات الملايين من مواطنيها قائمة بالتأكيد، ولكن (أمريكا) لم تعد قائمة». المقصود هنا هو الدور والمكانة العالمية، وبالتحديد دور ومكانة الولايات المتحدة كزعيمة للعالم الحر، خصوصاً فى ظل تنكر، بل وثورة ترامب، على قيم وثقافة العالم الحر، وفى ظل تبرؤ ترامب من شركائه خاصة فى أوروبا وحلف شمال الأطلسى «الناتو».
سؤال إن «أمريكا لم تعد قائمة» عندما يصدر عن كاتب إسرائيلي، رغم كل وعود ترامب لإسرائيل سواء ما يتعلق بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس أو بدعم سياسة التوسع الاستيطاني، فإنه، يعبر عن مخاوف إسرائيلية حقيقية من تراجع المكانة الأمريكية العالمية لأن هذا يؤدى إلى تراجع الدعم الأمريكى لإسرائيل. كما يعبر هذا الفهم الإسرائيلى أيضاً عن توجس وخشية من احتمال دخول أمريكا «ترامب» فى تفاهمات مع روسيا بخصوص سوريا قد تكون على حساب مصالح يراها الإسرائيليون شديدة الحيوية والأهمية بالنسبة للكيان الصهيوني.
هل الإقرار بحقيقة وجود درجة لا بأس بها من الاتساق بين شخص دونالد ترامب بما يحمله من رؤى وأفكار وبين «الحال الأمريكي» المتردى يكفى لنفى ما تردد عقب فوز ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية من أنه «رئيس استثنائى فى سياق التاريخ الأمريكي؟».
السؤال حاول ديفيد بيل الإجابة عليه فى مجلة «فورين بوليسي»، بكشف العلاقة بين فوز ترامب انتخابياً وبين صعود غير مسبوق لظاهرة «الشعبوية» أى «تصاعد العداء للنخبة الحاكمة لدرجة الانقلاب عليها». هناك بالفعل درجة عالية من الاتساق بين أفكار ترامب العدائية للمؤسسة الحاكمة فى الولايات المتحدة، وللسياسة الليبرالية المعولمة، ولتورط الولايات المتحدة فى حروب خارجية تخدم مصالح الآخرين أكثر مما تخدم مصالح الولايات المتحدة لا لشئ إلا من أجل تأكيد دور الزعامة الأمريكية، وبين الموجة «الشعبوية» الراغبة فى التغيير وإسقاط النخب الأمريكية ومؤسساتها التى أفقرت الملايين من الأمريكيين وأدت إلى انتشار البطالة خاصة فى صفوف الشباب، كما أدت إلى اتساع الفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون فى المجتمع الأمريكى الذى تحول بفعل هذه السياسات إلى «مجتمع خطر» Risk Society . يقر «ستيورات باتريك» فى «مجلس العلاقات الخارجية» بهذا التلاقى بين ترامب وشخصيته وأفكاره وتمرده، وبين ملايين الأمريكيين الذين قرروا هم أيضاً التمرد على هذه المؤسسة وسياساتها، فيقول: «فهم ترامب أن هناك عدداً متنامياً من الأمريكيين الذين لا يثقون بالعولمة، والقلقين من الالتزامات الأمريكية فى الخارج.. وهو أيضاً وعد بقيادة ولايات متحدة أكثر انفصالاً عن العالم وأكثر اهتماماً بمصالحها الخاصة الأمر الذى لقى صدى لدى المواطنين الأمريكيين الذين لا يريدون قبول تحمل العبء العالمى كثمن للقيادة الأمريكية».
إذا كانت هذه هى الحقيقة فإن أسئلة كثيرة باتت تفرض نفسها بعد أن أصبح ترامب رئيساً حول «عالم دونالد ترامب» انطلاقاً من تشكك فى استمرارية تماسك ما يسمى ب «العالم الحر» وبالتحديد التحالف الأمريكى الأوروبي، وقيادة الولايات المتحدة لهذا التحالف، ومنظومة القيم والمؤسسات الحاكمة له وبالتحديد الليبرالية كأبرز القيم، وحلف شمال الأطلسى كمظلة أمنية- دفاعية تقودها الولايات المتحدة للدفاع عما كان يسمى ب «العالم الحر». هل يمكن أن يتفكك هذا العالم الحر ويتبعثر، بحيث تتجه الولايات المتحدة إلى تحالفات انتقائية مع بعض أطرافه، بريطانيا مثلاً، وأن تتجه بعض أطرافه إلى تحالفات مع قوى دولية منافسة خاصة روسيا والصين؟
الأسئلة التى تخص شكل النظام العالمى وخرائط تحالفاته الجديدة فى ظل حكم ترامب، ومستقبل ومكانة الأمم المتحدة كثيرة ومثيرة جدا فى ظل تصريحات شديدة الخطورة وردت على لسان الرئيس ترامب، أقل ما توصف به أنها استفزازية، تناولت حلف شمال الأطلسى (الناتو) الذى اعتبره «بائداً» و«عديم الفائدة»، كما تناولت الاتحاد الأوروبى الذى توقع تفككه، فى مقابل عرضه غصن زيتون على روسيا، باقتراحه صيغة جديدة للتعاون تقوم على رفع أمريكا العقوبات المفروضة على روسيا عقب ضمها لشبه جزيرة القرم مقابل موافقة روسيا على التفاوض على معاهدة جديدة لخفض التسلح النووي.
الأسئلة الأصعب تتعلق بالداخل الأمريكى سواء مدى قدرة ترامب على الوفاء بوعوده للملايين الذين انتخبوه من العاطلين بإيجاد الوظائف الكافية والمناسبة لهم، ومدى قدرته على تجديد حلم «أمريكا العظيمة» ومدى قدرته على التعامل مع مؤسسات الحكم الأمريكية التى دخل معها فى صدام مبكر وعنيف خاصة أجهزة المخابرات الأمريكية التى لم تتورع عن تمرير تقارير تتهم روسيا بأنها وراء فوز ترامب، ما يعنى عدم جدارة ترامب بالرئاسة. مثل هذه المواجهات المبكرة تقول إن «عالم دونالد ترامب» سيكون حتماً عالماً مضطرباً داخليا وخارجيا، لكن هذا لا يعنى أنه، ومؤسسات الحكم سيكونان عاجزين عن وضع إطار ل «التكيف المتبادل» لإدارة الدولة، وهذا التكيف الذى سوف يستهدف إعادة هندسة إدارة السياسة الأمريكية سيكون مسئولية الوزراء الذين اختارهم لإدارة الدولة وإدارة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وأيضاً مسئولية مراكز البحوث والدراسات الكبرى التى تقف وراء كل هؤلاء.
لمزيد من مقالات د. محمد السعيد إدريس;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.