يعيش المجتمع المصري في عزلة لم يعهدها من قبل، نتيجة الفضاء الإلكتروني الذي كونت صفحاته المتنوعة مجتمعات افتراضية يتم خلالها تكوين صداقات عابرة للقارات. وفي نظرة سريعة إلى الجالسون في وسائل النقل العامة والخاصة تجدهم ملتفون حول أجهزة هواتفهم المحمولة، ومنكبون على شاشات الموبايل وملقون بأنظارهم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة "فيسبوك وتويتر وانستجرام" وغيرها. الأغرب من ذلك عندما تقوم بزيارة عائلية، وبمجرد مرور بضع دقائق تجد كل شخص في العائلة أخذ جانبًا لإرسال تعليقاته على " الواتس أب أو الفيسبوك"، ووصل الأمر أنك إذا قمت بمعاتبه أحد الأشخاص على عدم اتصاله بك وتهنئتك في مناسبات متكررة تجده يباغتك بأنه أرسل لك رسالة عبر "الواتس أب أو الفيسبوك" للتهنئة! المؤسف أيضًا أن صفحات التواصل الاجتماعي تحولت إلى كتاب مفتوح يقرأه كل من هب ودب، وهو مؤشر خطير على خصوصية الشخص وعلاقاته بالآخرين، كما تحولت المناقشات الأسرية بين الآباء والأبناء إلى مناقشات على مواقع التواصل الاجتماعي في ظل ابتعاد الجيل الحالي من الشباب عن أسرهم، وكذلك الأمهات التي كانت في الماضي شغلها الشاغل هو تربية الأبناء وتعليمهم بينما دخل التواصل مع أصدقائها عبر "الفيسبوك" لنشر التعليقات كأحد اهتماماتها الأساسية هذه الأيام. ورغم الإيجابيات التي يتمتع بها الفضاء الإلكتروني من خلال التواصل مع الآخرين، وجمع المعلومات العلمية والثقافية، ونشر الثقافات المختلفة، إلا أن هناك آثار سلبية خطيرة لهذا الواقع على المجتمع، عبر انجذاب الشباب له حتى وصل إلى مرحلة إدمان الفيسبوك وعدم إمكانية الاستغناء عنه، إضافة إلى عزل الشباب عن مجتمعهم وإهدار طاقاتهم ناهيك عن استخدام مصطلحات ومفردات لغوية جديدة تهدد اللغة العربية الجميلة. فالأسرة المصرية مطالبة بمراقبة أبنائها، والتخلي عن الثقة الزائدة فيهم، وتحويل طاقاتهم السلبية إلى طاقات إيجابية لبناء المجمع. [email protected] لمزيد من مقالات عماد الدين صابر;