أخيرا وعلي الأقل من الناحية القانونية يسدل الستار نهائيا بعدما رفضت المحكمة الإدارية العليا الطعن المقدم من الحكومة المصرية في حكم بطلان اتفاقية رسم الحدود بين مصر والسعودية وقضت بتأييد مصرية الجزيرتين . ولكن من الواضح أن الموضوع لم ولن ينتهي رغم هذا الحكم " البات " الواجب النفاذ , وهذا لأن هناك عدة سيناريوهات تنتظر ما بعد ذلك الحكم ! أولها وأهمها ما يتردد من بعض النواب بأن الأمر لم يحسم بعد , ويروا أن البرلمان فقط هو صاحب الاختصاص الأصيل والمتفرد في مناقشة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وذلك وفقا للمادة 151 من الدستور . ثانيا هناك بعض المصادر التي أعلنت بأن الحكومة تنتظر حكم الدستورية العليا في النظر إلي المتنازعين والفصل بين السلطات بشأن مدي اختصاص مجلس الدولة بنظر الدعوي عما إذا كانت الاتفاقية عملا من أعمال السيادة ! ثالثا هو لجوء الجانب السعودي إلي التحكيم الدولي وأن كانت تلك الخطوة مستبعدة جدا علي الأقل في الوقت الحالي . وتبقي تلك الخطوات السابقة هي مجرد الشق الخاص الذي ستتحرك علي أساسه الدولة بمسئوليها , أما ما يتعلق بالجانب الشعبي فالموضوع مختلف تماما لأنه لاقي ترحيبا واسع النطاق من جانب الجماهير المصرية , حيث لا يوجد أي مواطن مصري عاقل وطبيعي يمكن أن يرفض ملكيتنا أو سيادتنا علي أي جزء عزيز من أراضينا . وكما أنه لا يخفي علي أحد أن هذا الحكم الذي أثلج صدورنا جميعا , إلا أنه لا يمنع أيضا رفضنا الشديد لتلك النغمة النشاز التي يتشدق بها البعض بوجود خيانة أو تخوين ببيع أراضينا أو التفريط فيها ! وكما سبق وكتبت هنا في هذا المكان ومازالت عند رأيي وموقفي , بأن جيش بلدي ورئيسنا الذي هو أبن لتلك المؤسسة العسكرية العظيمة , وجميعهم يعرفون تماما معني الوطن والوطنية ولا يمكن أن يفرطوا في ذرة تراب واحدة من أرضنا الحبيبة . ولكن وبما أن الأمور تطورت إلي هذا الحد الكبير وأصبح التشكيك هو عنوان المرحلة بين أبناء الوطن وبعضهم , وبيننا وبين أشقائنا في السعودية الذين يصرون علي رأيهم بأحقيتهم في الجزيرتين . وبناء عليه تحول الموضوع الآن إلي قضية رأي عام سواء هنا أو هناك , وبالتالي أصبح يتوجب علي الجميع منا التعامل بمنتهي حذر حتى لا تشيع الفتنة وتتسع الهوة أو الفجوة أكثر ما هي متسعة أساسا , ولعل جانب كبير من هذا يقع علي عاتق العقلاء من جميع النواحي والأطراف. أما المسئولية الأكبر فهي تقع علي عاتق حكومتنا التي أخطأت أولا حينما أرسلت القضية إلي البرلمان دون انتظار حكم المحكمة, وهذا ما أثار وأغضب العديد من أطياف الشعب , وهاهي تخطأ مرة أخري بإصرارها علي إثبات سعودية الجزيرتين , مع أنه من باب أولي و احتراما لمشاعر مواطنيها الغاضبين أن ترجئ هذا الموضوع وليتها من الأفضل أن تغلقه تماما ! وبالنسبة لغضب السعودية ولها كل الحق في مطالبتها باسترداد ما تعتقد أنه ملكها , ولكن كل ما نطلبه منها وكما ظلت منتظرة طويلا لأكثر من سبعين عاما بسبب موانع أو دواعي أمنية , وبالتالي فلن يضرها كثيرا أن تمد قليلا من حبال صبرها إلي أن يفصل الله تعالي فيما بيننا , أو يحسمه التحكيم الدولي في حالة أن أرادت هي اللجوء إليه . [email protected] لمزيد من مقالات علا السعدنى;