ما دام أن المواقف السياسية والإجراءات القانونية مُعطَّلة ضد قناة الجزيرة، لأسباب لا تزال غامضة، فلماذا لا تلجأ الجماعة العلمية المتخصصة فى شئون الإعلام بدورها فى إطار البحث الأكاديمى والمهنى فى كشف الأخطاء المهنية الفادحة التى تقترفها القناة يومياً؟ على وجه الخصوص فيما يتعلق بمصر، حيث الانتهاك الصارخ لأهم القواعد القانونية والعرفية المعنية بطبيعة الإعلام، والتى تشترط الحيدة بتوفير تغطيات موضوعية وإتاحة الفرصة المتكافئة أمام وجهات النظر المختلفة..إلخ، خاصة وأن «الجزيرة» صارت شديدة السخاء فى توفير المادة التى تعين الباحثين على إثبات هذه الجرائم الإعلامية اليومية التى تتعارض بشكل سافر مع المبادئ واجبة الاتباع. هناك عمليات تزوير كبرى، مثل عرض لقطات بإيحاء، بل وبالتصريح، بأنها لحدث ما، وهى فى الأصل لحدث آخر، بل قد يكون نقيضاً، مثل بث مظاهرات صاخبة ضد الإخوان بأنها لمناصريهم! إضافة إلى استخدام اللغة المنحازة التى يتعلم دارس الإعلام المبتدئ وجوب تجنبها، مثل الإصرار بثبات على وصف الحكم الذى يمثل الشعب بعد 30 يونيو بأنه انقلاب، ويقولون عن القوات التى تمثل الدولة فى تعاملها مع الإرهابيين إنها تعتدى وتقتل وأن ضحاياها فى الاشتباكات قتلى. أما قوات الإرهاب بنصوص ما يذيعونه فهى تتصدى وتواجه وتدافع ومن يسقط منهم شهداء! مع الشماتة السافرة فى خسائر القوات الوطنية، والتهوين من إنجازاتها ضد الإرهابيين. كما أن المذيع يتحول عن وظيفته كمُعبِّر عن المشاهد يطرح الاستفسارات التى تلقى إضاءة على ما يهمه، إلى أن يصير مجادلاً، وأحياناً بغلظة غير مبررة، مع من يمثل وجهة النظر الأخرى، ويقاطعه، ويُسفِّه رأيه، بل ويتعمد إرباكه بالتنبيه المتكرر إلى ضيق الوقت وإلى وجوب الاختصار..إلخ أيضاً، ومما يجب إخضاعه لدراسة جادة، والأجهزة الفنية تتيح الكثير من الإمكانيات المساعدة، ليس فقط بقياس الزمن المتاح لكل وجهة نظر، وإنما بفضح كيف يتلون الصوت عندما ينتقل المذيع فى خطابه إلى من يُفترَض أنه ممثل لوجهة النظر الأخرى، حيث يبدو الجفاء والحدة، إضافة إلى نظرات الغلظة والتهكم..إلخ [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;