عندما قابلنى سائح إيطالى فى باريس،وحاول النصب عليّ سألنى: هل أنت من الدول المطلة على البحر المتوسط؟ (حيث إن بلده يطل على هذا البحر الواقع شمالى مصر وهو يسعى لإيجاد أرضية مشتركة تجمعنا مما يساعد على أن أتقبل ما يطرحه) قلت: نعم ثم عرف أننى من مصر. وهنا فهمت أن الإنسان حينما يكون خارج دولته فإنه يمكن أن يدخل فى عالم أوسع منها، ويصبح من المنتسبين إلى إقليم أو منطقة بحرية أو قارة مثل إفريقيا. وحينما قابلت الأستاذ حمدى فؤاد،مراسل «الأهرام» فى واشنطن قبل نحو 20 عاماً، اشتكى من أن كثيراً من الأمريكيين المسيحيين يعتبرون أن كل عربى مسلم؛ أى يعتبرون العربى المسيحى مسلماً، لهذا لا يعاملونه بشكل أفضل؛ أى أنه ضحية مثل المسلم هناك. فى هذا العالم الأوسع يشعر المسلم أو العربى المسيحى بأنه من الأقلية فى الحقوق، حينئذ يتذكر حقوقه، ويتمسك بالقوانين التى تحدد العلاقة بينه وبين المنتمين للأغلبية المختلفة عنه فى المذهب أو لون البشرة. وهنا يتذكر ما يجب أن تكون عليه العلاقة بينه وبين بقية بنى وطنه. لهذا عندما يعود إلى وطنه الأم يجب أن يفكر بطريقة جديدة تأخذ فى اعتبارها الاحتياجات البدنية والروحية للمواطن الآخر ،وأن يتصرف على أنه فى العالم الأوسع يمكن أن يجد نفسه فى وضع المواطن الآخر فى لحظة ما. فالدول المتحضرة التى نسعى للذهاب إليها تجتهد فى أن تقبل التعدد الدينى والثقافى باعتباره أمراً طبيعياً مفيداً. وهذا مكن بعض تلك الدول من حل مشكلاتها سلمياً وبتكاليف أقل. وهذا لا يعنى أنها وصلت إلى حد الكمال، ولكنها تسعى إليه. إنه العالم الأوسع والأرحب. لمزيد من مقالات عاطف صقر;