متحدث «الشباب والرياضة»: سلوك معلم الجيولوجيا مخالف لتوجه وزارة التربية التعليم    "فضل يوم عرفة" أمسية دينية بأوقاف مطروح    بنك جيه.بي مورجان يحذر من صدمة في سوق الأسهم الأمريكية خلال الأسبوع الحالي    الاستعلام عن شقق الاسكان الاجتماعي 2024 في اكتوبر وزايد    التضامن توضح حقيقة صرف معاش تكافل وكرامة قبل عيد الأضحى 2024    باحثة: إيران لن تتدخل إذا نفذت إسرائيل عمليات في لبنان    عمرو أديب: رجعنا منقوطين من غينيا بيساو.. والمنتخب لا شكل له    وزارة الرياضة عن واقعة درس الجيولوجيا: سنصدر قرارا صباح الثلاثاء.. والمدرس خالف سياسات الدولة    الحبس سنة مع الشغل لمتهمين بتهمة التنقيب عن الآثار في الصف    أبل تكشف عن تقنية الذكاء الصناعي Apple Intelligence    افتتاح مدرسة ماونتن فيو الدولية للتكنولوجيا التطبيقية "IATS"    فيلم "ع الماشي" يحتل المركز الرابع في شباك إيرادات أمس    غدا.. "ليتنا لا ننسى" على مسرح مركز الإبداع الفني    أدعية العشر الأوائل من ذي الحجة (الكوامل الجوامع)    جريدة المصري اليوم تكرم الكاتب الصحفي محمد سمير رئيس تحريرها الأسبق    رسائل بوتين.. استراتيجيات جديدة لتأجيج التوترات الإقليمية في أوروبا    أول تعليق من نقابة الأطباء على رفض طبيبة علاج مريضة بالسرطان في الإسكندرية    تفاصيل قافلة لجامعة القاهرة في الصف تقدم العلاج والخدمات الطبية مجانا    العرض الخاص اليوم.. خالد النبوي يروج لفيلم "أهل الكهف"    قيادى بفتح: الرئيس محمود عباس يتمتع بصحة جيدة وسيشارك غدا فى مؤتمر البحر الميت    وزير التجارة ونظيره التركي يبحثان سبل تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين    الإفتاء: النبي لم يصم العشر من ذي الحجة ولم يدع لصيامها    العاهل الأردني يؤكد أهمية انعقاد مؤتمر الاستجابة الطارئة في البحر الميت    تزامنا مع احتفالات الكنيسة، قصة القديسة مرثا المصرية الناسكة    لفقدان الوزن- تناول الليمون بهذه الطرق    تعرف على الأضحية وأحكامها الشرعية في الإسلام    محمد ممدوح يروج لدوره في فيلم ولاد رزق 3    ميدفيديف يطالب شولتس وماكرون بالاستقالة بعد نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي    لميس الحديدي تكشف عن سبب إخفائها خبر إصابتها بالسرطان    تكريم أحمد رزق بمهرجان همسة للآداب والفنون    تطورات جديدة حول اختفاء طائرة نائب رئيس مالاوي ومسؤولين آخرين    أمين الفتوى: الخروف أو سبع العجل يجزئ عن البيت كله في الأضحية    مشروب بسيط يخلصك من الصداع والدوخة أثناء الحر.. جسمك هيرجع لطبيعته في دقايق    «المصريين الأحرار» يُشارك احتفالات الكنيسة بعيد الأنبا أبرآم بحضور البابا تواضروس    «الصحة» تنظم برنامج تدريبي للإعلاميين حول تغطية الشؤون الصحية والعلمية    رشا كمال عن حكم صلاة المرأة العيد بالمساجد والساحات: يجوز والأولى بالمنزل    موعد محاكمة ميكانيكي متهم بقتل ابن لاعب سابق شهير بالزمالك    10 صور ترصد استطلاع محافظ الجيزة أراء المواطنين بالتخطيط المروري لمحور المريوطية فيصل    مصر تتربع على عرش جدول ميداليات البطولة الأفريقية للسلاح للكبار    جامعة أسيوط تطلق فعاليات ندوة "الهجرة غير الشرعية: أضرارها وأساليب مكافحتها"    الرئيس الأوكراني يكشف حقيقة استيلاء روسيا على بلدة ريجيفكا    غدًا.. ولي عهد الكويت يتوجه إلى السعودية في زيارة رسمية    المرصد المصري للصحافة والإعلام يُطلق حملة تدوين في "يوم الصحفي المصري"    سفر آخر أفواج حُجاج النقابة العامة للمهندسين    ليونيل ميسي يشارك في فوز الأرجنتين على الإكوادور    "بايونيرز للتنمية" تحقق أرباح 1.17 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام    مستشفيات جامعة أسوان يعلن خطة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    اسكواش - مصطفى عسل يصعد للمركز الثاني عالميا.. ونور الطيب تتقدم ثلاثة مراكز    مفاجأة مثيرة في تحقيقات سفاح التجمع: مصدر ثقة وينظم حفلات مدرسية    تشكيل الحكومة الجديد.. 4 نواب في الوزارة الجديدة    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    الدرندلي: أي مباراة للمنتخب الفترة المقبلة ستكون مهمة.. وتحفيز حسام حسن قبل مواجهة غينيا بيساو    جالانت يتجاهل جانتس بعد استقالته من الحكومة.. ما رأي نتنياهو؟    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل عام مضى إلى عام مقبل
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 01 - 2017

فى البدء تكون الرؤية الشاملة؛ التى لا يمكن بغيرها تجاوز الإخفاقات الموروثة وتخفيف معاناة الحاضر وتقليص تكلفة التقدم وتحقيق التطلعات المشروعة والمُسْتحَقة للأمة المصرية. وقد حملت مقالاتى على مدى عام 2016 رسائل لعام 2017 وربما لأعوام طويلة مقبلة، وجاء معظمها متعلقا بالتحديات التى تجابه الاقتصاد المصرى؛ وفى مقدمتها حتمية واستراتيجية التصنيع، وضرورة وفلسفة الإصلاح الاقتصادى، ومستقبل النظام الاقتصادى الاجتماعى.
وقد سجلت، أولا، إننى أرى دون ريب أن قدرات مصر القائمة والكامنة تسمح لها بأن تصبح دولة صناعية متقدمة، لتثبت مجددا أنه كلما بدت وكأنه لن تقوم لها قائمة تنهض عفية جبارة قادرة على الريادة، كما برهنت فى كل حقب تاريخها الألفى. وعلى استراتيجية التصنيع أن تنطلق من رؤية متكاملة؛ تُؤمِن رأس المال اللازم للاستثمار والتمويل, وتُحفِز المنظمين والمبادرين والمبتكرين من الصناعيين, وتوفِر قوة العمل المتعلمة والمدربة والمؤهلة, وتطوِر منظومة ابتكار واستيعاب مواد ومعارف التكنولوجيا, وتوسِع السوق الداخلية والخارجية للمنتجات. ويقينا لا تصنيع بغير تنمية شاملة لأن مدخلاته ومخرجاته ترتبط بكل قطاعات انتاج السلع والخدمات، وبغير رفع معدلات الادخار والاستثمار المحلى، (نحو إستراتيجية لتصنيع مصر).
وثانيا، إنه لا يمكن إلا أن تكون كبيرة الحجم الصناعات التحويلية الثقيلة التى تمثل الروافع الكبرى للتصنيع، ومنها الغزل والنسيج والصباغة والحديد والصلب والآلات والمعدات والهياكل المعدنية ووسائل النقل من سيارات وقاطرات وسفن والأجهزة الكهربائية وأجهزة الحاسبات والاتصالات والألومنيوم والأسمدة والأسمنت والبتروكيماويات وتكرير البترول واللدائن والمراجل. لكن التصنيع يتطلب الاهتمام الكبير بتنمية وتحديث المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة، التى تقوم- عبر روابطها الأمامية والخلفية مع الصناعات الكبيرة- بدور صناعات مُكمِّلة فتستخدم منتجات الغزل والنسيج والصباغة فى صناعة الملابس، مثلا، أو تقوم بدور صناعات مغذِّية فتنتج مكونات لصناعة السيارات، مثلا، (هل الصناعات الصغيرة ليست جميلة دائما؟).
وثالثا، إن التعلم الإيجابى من الخبرة التاريخية المصرية، وخبرة سقوط النظم الأصولية سواء الإشتراكية أو الرأسمالية، يكشف أن معيارى مشروعية أى نظام اقتصادى اجتماعى، هما التخصيص الرشيد للموارد وعدالة توزيع الدخل. ويرتكز النظام المنشود إلى تكامل أمثل بين أدوار: الدولة والسوق، وقطاعى الأعمال العام والخاص، والتخطيط الوطنى والمبادرة الفردية، والانفتاح الخارجى والسيادة الوطنية. وتتضمن رؤيتى دورا حاسم الأهمية للرأسمالية الصناعية المصرية، شريطة أن تنهض بمسئولياتها المجتمعية والتنموية والوطنية؛ وخاصة باحترام الدستور والقانون، والتحرر من تضارب المصالح. وأعلنت باستقامة أن النظام المنشود يمثل أساس بناء دولة المواطنة، دولة كل مواطنيها- ومنهم الرأسماليون المصريون بكل شرائحهم- التى تحترم كل حقوق المواطنة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية والثقافية، دون تهميش أو تمييز.
ورابعا، إن خطاب الرأسمالية الصناعية المصرية قد تضمن مطالب مشروعة ينبغى أن تستجيب لها الدولة، ومن ذلك بجانب مطلب حماية الصناعة الوطنية مطلب زيادة الطاقات الإنتاجية الصناعية بتشجيع إقامة المصانع الجديدة، وتوفير الأراضى اللازمة للصناعة ومدها بالمرافق والخدمات العامة، وتشجيع التوسع فى الطاقات الإنتاجية القائمة، وحصر الطاقات الانتاجية الصناعية العاطلة وتشغيلها، وتعميق التصنيع المحلى بإضافة مراحل جديدة الى عمليات الإنتاج الصناعى.
وخامسا، إنه لا ينكر سوى جاهل أو حاقد مغزى الانجازات الكبرى فى مشروعات شبكة الطرق الرئيسية الجديدة التى تربط أنحاء المعمور وغير المعمور من أرض مصر، ومشروع قناة السويس مع تطوير الموانى والمطارات، ومشروعات بناء محطات الطاقة بكل أنواعها خاصة محطة الضبعة النووية، ومشروعات ربط سيناء بالوادى عبر شبكة من الأنفاق، ومشروع استصلاح واستزراع مليون ونصف مليون فدان اعتمادا على تنمية مصادر جديدة للمياه. لكن هذه المشروعات الكبرى للبنية الأساسية الإنتاجية والتوسع العمرانى، لن تؤتى كامل ثمارها المرجوة بتعزيز الأمن القومى والانسانى فى مصر مع غياب استراتيجية للتصنيع وسياسة صناعية وسياسات اقتصادية تستهدف جعل الأسبقية للاستثمار فى الصناعة التحويلية مقارنة بغيرها من قطاعات وفروع الاقتصاد (استراتيجية التصنيع والتوسع العمرانى).
وسادسا، إن فكرة ربط التنمية ببرنامج اقتصادى واجتماعى متوازن ليست فكرة ثورية. ولم نفكر فى تمكين بلد معين من النمو فى إطار نوع الاقتصاد الذى يختاره شعبه وقيادته. فانه يمكن أن تتحرك الدول نحو اقامة اقتصاد السوق، وتنفذ عمليات الخصخصة، وتخفض الدعم الحكومى؛ وتجتذب رأس المال الخاص، وتحقق النمو.. الخ. ورغم هذا، فان التنمية يمكن أن تكون معرضة للخطر ولا تدوم، إذا لم تحارب الدولة الفساد، ولم تحشد تأييد شعوبها، واذا همشت الفقراء.
وسابعا، إن الدولة المصرية قد أقدمت وبجسارة على اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة، أهمها: خفض قيمة الجنيه، وتقليص دعم الطاقة، فى مواجهة اختلالات جسيمة فى موازنة الدولة وميزان المدفوعات فرضت اصلاحا ماليا ونقديا، وهذه هى الضرورة التى ينبغى تفهمها. وقد أشاد صندوق النقد الدولى بالقرارات؛ فوافق على تقديم أولى دفعات قرضه الميسر لمصر، مع ربط بقية الدفعات- كعادته- بتقديره لمدى استمرارية التزام الدولة بمواصلة تنفيذ سياسات الإصلاح، بغض النظر عن الأعباء الاجتماعية الثقيلة لهذا الإصلاح على محدودى الدخل، وبغير ربط بينه وبين تسريع التنمية وخاصة عبر التصنيع لتعظيم الانتاج والانتاجية، وهذه هى الفلسفة التى يتوجب تجنبها (فلسفة الإصلاح المالى والنقدى).
لمزيد من مقالات د. طه عبدالعليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.