لا يكفى لتبرير الابتعاد الكبير عن أن تكون جامعة الدول العربية مُعبِّرة عن مواقف الشعوب العربية أن يُقال إنها، وفق نظام تأسيسها، تمثل نظم الحكم العربية وليس الشعوب! لأن هذا التبرير يتهاوى مع ما تتخذه الجامعة من قرارات سافرة، هى فى جوهرها وفى نتائجها الحتمية القريبة والبعيدة، تُوقِع أضراراً جسيمة ضد بعض هذه النظم، بل أحياناً تهدد وجودها ذاته! أنظر إلى هذا الموقف الغريب إزاء الكوارث التى تضرب سوريا منذ أكثر من 5 أعوام، والذى كان اضطراب موقف الجامعة واحداً من أسباب تدهوره، وكان آخر التجليات فى البيانات التى دخلت التاريخ عنواناً على هذا الاضطراب، ومنها اتهام النظام السورى وحلفائه بأنهم فى سعيهم لتحرير حلب من عصابات الإرهاب التى تعمل علناً وفق خطط أجنبية، قد اقترفوا جرائم حرب ضد المدنيين، مع المطالبة بإحالتهم للمحكمة الجنائية الدولية! فى تغافل مفضوح عن الجرائم الأسطورية التى ظل الإرهابيون العتاة يمارسونها يومياً فى تحدٍ همجى للعرب وللإنسانية، بالشنق والذبح والإغراق والإحراق والرجم وسبى النساء وبيعهن فى سوق النخاسة فى القرن الحادى والعشرين، وفرض الإسلام بالقوة على تعساء الحظ الواقعين فى قبضتهم..إلخ! .. تقول بعض الإحصائيات إن ضحايا داعش فى حلب وحدها نحو 12 ألف إنسان!.. وقد تصادف أن تتوافق بيانات الجامعة مع مواقف دول هى عدو تاريخى للإقليم وطامع أساسى فى ثرواته! لماذا تختصّ العقلية العربية بأنها الوحيدة، دون غيرها على الكوكب، التى يمكن أن تُصرّ لأكثر من 70 عاماً على المضى فى تجربة، مثل جامعة الدول العربية، هلامية الهدف، غامضة السياسات، مضطربة الأداء، عاجزة عن تحقيق شئ مفيد، مُحبِطة لمن يتوهم أن يكون لها أى فائدة غير توزيع مناصب بأجور خرافية لعدد من سعداء الحظ؟ أم تُرَى أن الرضا عنها لكونها ستاراً لتمرير سياسات بعينها؟ ربما كان يمكن للجامعة أن تكون نافعة كمؤسسة ثقافية تصل العرب بثقافات العالم، وتُعرِّف العالم بالثقافة العربية، ولكن حتى هذا لم يعد مطروحاً!! لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب