فقدت السينما المصرية مساء الأحد الماضى احد ابرز مبدعيها الكبار الكاتب محمود أبوزيد بعد أن ترك بصمته فى المشهد السينمائى من خلال مجموعة من أبرز أفلام السينما العربية، ليلحق برفيق مشواره محمود عبد العزيز الذى توفى قبل شهر، وقد شكل الراحلان فى فترة الثمانينيات ثنائيا ناجحا وقدما معا أفلاما تعد من علامات السينما المصرية، منها «جرى الوحوش» و«العار» و«الكيف»، كما قدم مع الراحل أحمد زكى فيلم «البيضة والحجر». كنت أجريت عدة لقاءات مع الكاتب السينمائى الكبير محمود أبوزيد قبل رحيلة وكان آخرها يوم وفاة رفيق مشواره محمود عبد العزيز ويومها وصف علاقته بالراحل محمود عبد العزيز بأنه أهم وأعز اصدقائه فهو صديق وأوضح ان صداقتهما بدأت منذ أول أفلامى معه فى فيلم «حب لا يرى الشمس» قائلا ومن وقتها وأنا أضعه فى تفكيرى لاقتناعى الشديد بموهبته التمثيلية خاصة اننى كنت أقوم بإنتاج أفلامى، وأضاف أبوزيد أن محمود عبد العزيز من أكثر الفنانين الذين يترجمون ما أكتبه على الشاشة بشكل رائع وأفضل مما أتخيّله أثناء الكتابة فأداؤه كله مصداقية وهو ما جعلنى أتمسك به فى أفلامى الثلاثة «جرى الوحوش والعار والكيف»، وبصراحة لم أكن اتخيل احدا غيره يقوم بهذه الأدوار التى قدمها ببراعة شديدة تحسب له خاصة فيلم الكيف التى لاتزال افيهاته نتذكرها حتى الآن ويرددها الشباب لقد كان الراحل محمود أبوزيد يتمتع بحس فكاهى فى حياته الطبيعية انعكست على كثير من أفلامه الكوميدية بل أنه كتب أغانى الكيف ولكنه سماها تخاريف محمود أبوزيد لان الأغانى كانت تؤكد انحدار الذوق الغنائى فى مصر . وقد كان فى كتاباته قريبا من تفاصيل المجتمع المصرى بكل مشكلاته وظواهره التى طرأت عليه منً جشع وطمع وثراء فاحش أحيانا بطرق غير مشروعة، وهوً ما جعله ينهى كثيرا من إفلامه بآية قرآنية تعبر عن الرسالة التى يريد توصيلها للجمهور، وعن ذلك قال لى مرة اننا شعب متدين والقرآن هو أفضل طريقة تصل وتؤثر فى القلوب وهو أمر كنت أقصده فى أفلامى. وأضاف: أنا كاتب اجتماعى فأنا أحب كتابة الأشياء القريبة من المجتمع ولم أحب الكتابة فى السياسية لانها متغيرة، فالأفلام الاجتماعية تعكس المشكلات والظواهر التى تطرأ على المجتمع وأحاول من خلالها قول الكلمة الصحيحة فمثلا الآية القرآنية التى ختمت بها فيلمى «العار وجرى الوحوش» تعبر عن مغزى الفيلمين، ولكن لايجب تقديمه بشكل مباشر لاننى بذلك أزيد من المشكلة فإذا تحدثت عن المخدرات وهو ما حدث فى فيلم « الكيف» مثلا لم أظهر ذلك فى المشاهد فقط أظهرت أفرادا تدخن السجاير والشيشة دون الغوص فى تفاصيل الأمر، لان الذى لا يعرف شيئا سيعرف ويتعلم من خلال الفيلم . لم يحاول أبوزيد مطلقا خلال مشواره الفنى ان يستخف بعقول الجمهور فقد كان همه أن يقدم موضوعا له قيمة ورسالة حتى وان كان العمل كوميديا. محمود أبوزيد رغم رحيلك فى هدوء وصمت إلا ان أفلامك التى قدمتها هى التى ستظل تحدث الضجيج وعالقة فى أذهاننا جميعا .. رحمك الله.