ارتفعت درجة حرارة المشهد السياسي وتفاعلت مع سخونة الجو أمس, حيث شهد ميدان التحرير مليونية حاشدة تعيد الي الاذهان مشاهد رحيل مبارك.. ولكن المشهد كان حول تسليم السلطة والشرعية الحقيقية. وجاءت جمعة أمس حاشدة ولم تمنع درجة الحرارة المرتفعة القوي السياسية وعلي رأسها جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي من الوجود بكثافة داخل الميدان, وذلك بعد أسبوع حافل بالمظاهرات اليومية والمسيرات والاعتصامات للاعتراض علي الإعلان الدستوري المكمل, واستنكار حل البرلمان, والالتزام بالشفافية في نتيجة الانتخابات الرئاسية, وضرورة إعطاء الصلاحيات الكاملة لرئيس الجمهورية القادم. وقد احتشدت القوي السياسية منذ مساء أمس الأول من جميع المحافظات, حيث نظمت جماعة الإخوان وحزب النور السلفي والدعوة السلفية حافلات لنقل المتظاهرين من جميع المحافظات الي ميدان التحرير, بالاضافة الي نصب الخيام بشكل كثيف داخل الميدان ووضع المظلات لحماية المتظاهرين من شدة الحرارة. وشهدت مليونية الشرعية هجوما شرسا علي سياسة المجلس العسكري ومشاوراته السياسية التي تهدف لجعله مؤسسة فوق الدولة, وذلك علي حد وصف المتظاهرين ا لذين رفضوا استمرار سيطرة العسكري. ورفض المتظاهرون أن يستحوذ المجلس العسكري علي السلطة التشريعية, وذلك بعد حكم المحكمة الدستورية العليا الذي أنتج حل البرلمان, مطالبين بضرورة عودة البرلمان وعودة سلطته التشريعية. واستنكر المتظاهرون الإعلان الدستوري المكمل الذي ينزع صلاحيات رئيس الجمهورية ويجعله مسمي دون مضمون علي حد وصفهم, رافضين أن يكون للقوات المسلحة مكانة مميزة وحصانة فوق الدولة والرئيس المقبل. وأعلن المتظاهرون أن الدكتور محمد مرسي هو رئيس الجمهورية وفق النتائج التي تم اعلانها, محذرين اللجنة العليا من التلاعب وعدم الشفافية في إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية, وذلك علي حد وصفهم. وطالبوا بتوحيد صفوف القوي الوطنية لتحقيق مطالب الثورة لنقل السلطة للمدنيين, والقصاص لحق الشهداء, وتطهير المؤسسات, والقضاء والداخلية من رموز النظام السابق. وردد المتظاهرون الهتافات المؤيدة لمرسي والمؤكد لفوزه في الانتخابات الرئاسية, من بينها ارفع كل رايات النصر مرسي هو رئيس مصر, يابجاتو قول الحق مرسي رئيسك ولا لأ, الثوار قالوها قوية ميش هنسلمها للحرامية, عسكر يحكم تاني صعب مرسي هو السلطة واحنا الشعب, ياشفيق قولها قوية مرسي رئيس الجمهورية. كما رددوا هتافات ضد المرشح المنافس الفريق أحمد شفيق من بينها, أحمد شفيق باطل, بالطول بالعرض جبنا شفيق الأرض. كما ردد التظاهرون هتافات منددة بالمجلس العسكري ومطالبة برحيله من بينها: يسقط يسقط حكم العسكر. ورددوا أيضا ثوار أحرار هنكمل المشوار. وقد امتلأ الميدان بالكثير من اللافتات من بينها: يا دم الشهيد لن تضيع هباء قد رويت بلادي عزة وإباء, لا للإعلان الدستوري المكمل, نعم للرئيس الشعبي المنتخب, ونعم لبقاء الجمعية التأسيسية للدستور. وقد شهد الميدان قبل صلاة الجمعة محاولة من بعض البلطجية باقتحام الميدان بالأسلحة البيضاء, ومحاولات للاعتداء علي المتظاهرون وترويعهم وتمكن المتظاهرين من الإمساك بهم وإفشال محاولتهم. وقد توافدت المسيرات الحاشدة الي ميدان التحرير والتي بدأت بعضها عقب صلاة الجمعة وأخري عقب صلاة العصر, وجاءت من كل حدب وصوب, قادتها الحركات السياسية المختلفة من بينهما6 إبريل والإخوان المسلمين والسلفيون وحازمون. وخرجت هذه المسيرات من عدة مساجد من بينها الفتح والاستقامة ومصطفي محمود, والخازندار, وأسد بن الفرات. وتوحدت المسيرات حول أهداف الميدان من حيث رفضهم للإعلان الدستوري المكمل, ورفضهم لتصرفات اللجنة العليا للانتخابات مع تأكيدهم وحدة القوي السياسية لمواجهة سياسات العسكري, مرددين إخواني سلفي إبريلي كلنا مصريون, بالاضافة الي رفع أعلام مصر. كما هتفوا أنا ابريلي أنا إخواني والميدان هو عنواني, حزب الكنبة يا حزب الكنبة اوعي الثورة تنساها, ثورة في الكنائس, ثورة في الشوارع, ثورة في المساجد, في العماير ثورة, والثورة في الميادين يسقط المشير, انتوا مالكم ومال الدستور, يسقط يسقط حكم العسكر إحنا الشعب الخط الأحمر, وإحنا بنهتف ضد العسكر, أيوه بنهتف ضد العسكر, الثورة مستمرة ياشفيق.. الشعب خلاص عزل الفلول. ومن جانبه أكد الشيخ صفوت حجازي في كلمته عقب صلاة الجمعة من أعلي المنصة الرئيسية بجوار شارع محمد محمود, أنه ليس من حق المجلس العسكري, أن يستحوذ علي السلطة التشريعية, مؤكدا أن محمد مرسي هو رئيس مصر المنتخب. وأوضح أننا لن نقبل أن يكون العسكر دولة فوق الدولة, ولن نقبل إلا بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل. وطالب حجازي المتظاهرين في الميدان بعدم رفع أعلام إلا أعلام مصر, وذلك بعد ظهور بعض الرايات السوداء, مرددا, يا أخوان يا مسلمين يا تيار السلفية يا دعاة المدنية يا شباب6 إبريل ثورتنا ثورة مصرية. وأعلن عن وجود45 حركة ثورية معتصمة في الميدان, وردد هتافات اعتصام اعتصام حتي يسقط النظام. وأشار الي اننا لن نأتي للميدان من أجل الاحتفال بالدكتور محمد مرسي, فنحن علي يقين أنه رئيس جمهورية مصر العربية, ولكننا جئنا من أجل انتزاع السلطة كاملة من المجلس العسكري, ونعيد البرلمان, ونقول للمجلس الشرعية من الميدان, والنواب في البرلمان, وانتو في الثكنات. ونفي قطعيا أية صفقات أو لقاءات أو مفاوضات بين الإخوان المسلمين والمجلس العسكري. وفي خطبة الجمعة التي ألقاها الشيخ مظهر شاهين حدد المطالب التي تباري بها الميدان وهي: لا لحل البرلمان, وقانون الضبطية, والدستور المكمل, مطالبا بضرورة انعقاد المجلس في أقرب فرصة, وحذر من أن تشوب النتيجة أي تلاعب أو تزوير. وطالب شاهين بعدم التمييز بين المسلم والمسيحي, وأن يكون مرسي رئيسا لكل المصريين, وأن يضع علي يمينه الأزهر وعلي يساره الكنيسة, مناديا بمصالحة وطنية لجميع التيارات وضرورة وحدة الصف. ونظم المتظاهرون داخل الميدان العديد من المسيرات التي جابت وطافت في التحرير من بينها مسيرة حمل فيها المتظاهرون الأكفان اعتراضا علي الإعلان الدستوري المكمل. جاء ذلك مع استمرار المسيرات الحاشدة في التوافد, حيث جاءت مسيرات لائتلاف شباب الثورة, وحركة شباب من أجل العدالة والحرية, والتيار المصري, وحركة6 إبريل وذلك لرفض الإعلان الدستوري المكمل. ومن جانبها دعت حركة الاشتراكيين الثوريين في بيان قامت بتوزيعه علي المتظاهرين بضرورة توحد القوي الثورية والوطنية من أجل وقف العمل بالإعلان الدستوري المكمل وإلغاء قانون الضبطية القضائية للشرطة العسكرية, وإجراء استفتاء شعبي علي حل البرلمان, وتطهير أجهزة الدولة. وقد نصبت الدعوة السلفية وحزب النور منصة في ميدان التحرير, وهاجم رموز الدعوة والحزب المجلس العسكري من عليها هذا بجانب المنصة الرئيسية التي شهدت حضورا كبيرا لرموز جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة. وأخذت المنصة الرئيسية في ترديد الأناشيد والأغاني ومن بينها ارفع رأسك فوق إنت مصري.. ولا للفلول ورئيسنا مرسي. وقد أغلقت منافذ التحرير منذ صباح أمس وانتشرت اللجان الشعبية علي مداخل ومخارج التحرير, كما شهد الميدان انتشار الباعة الجائلين أيضا. وقد عبر المتظاهرون عن أن إرادة المصريين لن تنكسر, وأنه شعب حر ولن يركع لأحد, وعلي المجلس العسكري أن يعلم أن عقارب الساعة لن تعود للوراء علي حد وصفهم.