لا أتصور إننا كشعب وحكومة ومؤسسات عاجزون حتى الآن عن مواجهة كارثة القمامة أو الزبالة .. لا أتصور أن السكان فى كل المناطق فى كل المدن اعتادوا على مشاهدة هذه الجريمة أمام بيوتهم وفى شوارعهم كل يوم.. لا أتصور ان مؤسسات الدولة بكل ما فيها من العاملين قد عجزت عن تطهير الشوارع التى حاصرتها تلال الزبالة.. كيف يسير المحافظ كل يوم ذاهبا إلى مكتبه وهو يشاهد حوله كل هذه الصور المخزية.. كيف يذهب الوزراء إلى مكاتبهم وحولهم كل هذه الروائح الكريهة أم أن كل مسئول قد اكتفى بالمنتجع الذى يعيش فيه وتركوا الناس تحاصرهم هذه التلال.. إن الزبالة لم تعد فقط فى الشوارع وأمام البيوت ولكنها أصبحت أسلوب حياة.. إنها تظهر فى لغة الحوار على الشاشات.. وتظهر فى كلام الناس فى الشوارع وتتجسد فى هذا الإهمال فى كل أساليب النظافة حتى إن الحكومة رفعت الجمارك على معجون الأسنان وأدوات النظافة.. إن الشعوب العريقة تحافظ على عدة أشياء، تأتى النظافة فى مقدمة كل شىء انها السلوك المترفع والكلام الراقى والحوار المهذب وحين ينحدر الذوق العام تفسد كل هذه الأشياء فتجد كل هذا الانحطاط فى الكلام والسلوك والأخلاق.. إن نظافة الشوارع والبيوت من نظافة الإنسان وفى شوارعنا الآن صورة مخزية لما وصلت إليه أحوالنا.. يقولون إن القاهرة زمان كانت أكثر نظافة من عواصم أوربا وكانت عربات المياه تغسل الشوارع كل يوم وتضىء القناديل وتهذب الأشجار وكان ذلك كله ينعكس فى وجوه الناس وملامحهم، كان الموظف يذهب إلى عمله مرتديا بدلة بسيطة رخيصة ولكنها نظيفة وكلما شاهدت جمهور أم كلثوم فى حفلاتها تساءلت أين هؤلاء الناس؟ أين هذا الشعب؟ أين شياكة المرأة المصرية؟ وأين وقار الرجل المصرى؟ ولهذا كانت أم كلثوم تغنى الأطلال وولد الهدى ورباعيات الخيام والآن يغنى المصريون بحبك يا حمار ولا أدرى أين هذا الحمار الذى أفسد أذواق الناس فامتلأت الشوارع بالزبالة وامتلأت الشاشات بالبذاءات.. تلال الزبالة فى الشوارع والبيوت عار فى حياتنا كشعب، أبحثوا عن حل لهذه الكارثة التى شوهت كل شىء. [email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة;