لا جديد فى القصة المؤلمة: الفقراء يبيعون «لحمهم الحى» للمرضى الأثرياء والقادرين، الذين يحتاجون إلى أعضاء بشرية سليمة لمواصلة حياتهم، فى تجارة «حرام» يتربح منها الجميع بإستثناء البائع الفقير، الذى غالبا ما يفقد حياته مقابل مبلغ زهيد من المال، لا قيمة له فى مواجهة احواله الصعبة. لذلك تبدو حالة «الصدمة» التى سادت عقب الكشف والقبض، على أعضاء شبكة دولية للاتجار فى الأعضاء البشرية للمصريين، تبدوالصدمة «مفتعلة» وغير حقيقية، ومن قبيل إبراء الذمة وغض النظر، عن الأسباب الحقيقية التى تجعل هذه التجارة رائجة ومنتشرة فى مصر، والحقيقة أن المجتمع يعرف جيدا، أن عمليات نقل الأعضاء تحدث كل يوم، وأن الشراء لا التبرع هو المعمول به، وإن هذه التجارة تتم علانية، ويعلن عنها فى الصحف تحت عنوان «مطلوب متبرع»، وأن مصر تعتبر حسب تقارير الصحة العالمية السوق الثالثة بعد الصين والهند، فى تجارة الأعضاء البشرية. تدعونا القضية إلى طرح اسئلة «شرعية»: لماذا لا يتم تفعيل قانون نقل الأعضاء الذى صدر منذ سنوات؟، ولماذا لا تهتم مؤسسات المجتمع بنشر ثقافة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة؟، ولماذا لا نحسم قضية الاعتراف بالموت «الإكلينيكي»، وأخيرا كيف نرحم الفقراء من بيع «لحمهم الرخيص»، مع الاعتذار للدكتور يوسف إدريس. فى الختام.. تقول القاعدة الفقهية: «مقاصد الشريعة ابتداء هى أنها وضعت لمصالح العباد فى الدارين». لمزيد من مقالات محمد حسين;