فى تلك الأيام التى يستعد فيها العالم لطى صفحة عام 2016، بما حملته من انتصارات وانكسارات وأسرار وفضائح، يستعد البيت البيض مقر الحكم فى الولاياتالمتحدةالأمريكية لرحيل إدارة أوباما الديمقراطية واستقبال رئيس جديد وإدارة جديدة للبلاد فى يناير المقبل. وقبل أن تطوى أوراق العام كان لابد من تصفية بعض حسابات الإدارة الراحلة. ومنذ أيام قليلة أعلنت وسائل الإعلام الأمريكية انتهاء ونتائج التحقيق الذى أجرته القيادة المركزية الأمريكية بالبنتاجون، حول الضربة الجوية التى قامت بها قوات التحالف الدولى بزعامة الولاياتالمتحدة ضد تنظيم »داعش« فى دير الزور بسوريا وأوقعت قتلى بين صفوف الجيش العربى السوري(الجيش الرسمى للبلاد). وكانت خلاصة ما تم التوصل إليه هى وجود »خطأ بشرى فى الحادث« ما أدى إلى توجيه ضربة طائرات التحالف إلى القوات السورية بدلا من عناصر تنظيم «داعش»!! وجاءت ذريعة «الخطأ البشري» لتؤكد تمترس جيش الولاياتالمتحدة وراء تلك العبارة القصيرة مع عبارة «الأضرار الجانبية»، بالإضافة إلى أن الولاياتالمتحدة ليست طرفا فى نظام روما الذى تستند إليه المحكمة الجنائية الدولية، للنجاة من أى تبعات قانونية لانتهاكات أو أخطاء فادحة ترتكبها ضد الأهداف المدنية أو غير المعادية فى ساحات القتال. كان تقرير أصدرته القوات الأمريكية قد أشار إلى أن هدف الضربة الجوية التى قامت بها قوات التحالف الدولى يوم 17 سبتمبر 2016، يركز على قصف مراكز مقاتلى «داعش» الذين كانوا يحاصرون قوات سورية حكومية، غير أن »خطأً وقع فى توجيه هذه الضربة« أدى إلى تحويل القذائف إلى القوات السورية الحكومية المحاصرة بدير الزور! وجاء هذا التقرير فى محاولة لتوصيل رسالة مفادها أن قوات التحالف لم تقصد قصف قوات الجيش السوري، وأن الحادث «وقع نتيجة خطأ بشري» فقط لاغير فى استمرارية لسلسلة من الأخطاء التى كانت دائما ما تسفر عن إسقاط المساعدات والسلاح المتطور فى مناطق خاضعة للتنظيمات المتطرفة المسلحة بسوريا! وصرح ضباط أشرفوا على التحقيق لوسائل الإعلام بأن تحليل ما بعد الضربة الجوية أكد وجود عوامل إنسانية أدت إلى تعريف غير دقيق للقوات الموجودة على الأرض. وجاء فى تقرير التحقيق أن القوات الأمريكية حاولت الاتصال بنظيرتها الروسية حتى يتم التنسيق بخصوص الضربة الجوية، كما حاول الروس كذلك الاتصال بالقوات الأمريكية بعد بدء الضربة، غير أن الاتصال لم يتم وبالتالى لم يتم تبادل المعلومات الضرورية ليدفع عشرات من مقاتلى الجيش العربى السورى حياتهم. كانت القيادة العامة للجيش السورى قد اتهمت قوات التحالف الدولى ضد »داعش« بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، بقصف موقع للجيش السورى بالقرب من مطار مدينة دير الزور السورية، متحدثة عن أن الغارة الجوية أوقعت عددًا من الضحايا، وأن الواقعة تمثل «عدوانا خطيرا وسافرا ضد دولة سوريا». وقد تباينت الروايات بشأن تلك الواقعة «الغريبة» فى ظل مالدى التحالف من تكنولوجيا متطورة لرصد الأهداف والتصويب عليها بدقة من مسافات بعيدة ومالدى الولاياتالمتحدة تحديدا من أجهزة رصد شديدة التطور والتعقيد تؤكدها تصريحات الأمريكيين المتكررة بشأن رصدهم أرقام مقاسات الملابس الداخلية لقيادات دول مناوئة واعتراض المكالمات التليفونية الخاصة لزعماء دول حليفة! وفور وقوع حادث قصف القوات السورية الحكومية فى دير الزور يوم 17 سبتمبر الماضى قالت القيادة الأمريكية الوسطى إن التحالف الدولى قد يكون »قصف عن طريق الخطأ« موقعا للجيش السوري، فى أول تعليق رسمى أمريكى على البيان الذى نشره الجيش السوري، وقال فيه إن قوات التحالف قصفت أحد مواقعه العسكرية فى دير الزور. واستهدفت الغارة الجوية للتحالف الدولى الذى تقوده واشنطن مواقع للجيش السورى قرب مطار دير الزور العسكرى فى شرق البلاد، ما أدى إلى مقتل عشرات الجنود السوريين، وتراوحت تقديرات الضحايا بين 62 و80 جنديا سوريا وإصابة أكثر من 100 شخص. وأعربت السفيرة الأمريكية فى الأممالمتحدة سامانتا باور عن أسف بلادها للغارة، وأكدت أنها »لم تكن متعمدة«، وطالبت موسكو بعقد اجتماعات طارئة مع النظام السورى للضغط من أجل السلام. وعبر مسئول فى إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما عن أسفه لسقوط ضحايا فى صفوف القوات السورية بعد الغارة »غير المقصودة« التى شنها طيران التحالف الدولى الذى تقوده الولاياتالمتحدة ضد تنظيم »داعش«. وسارعت الخارجية الروسية لاستغلال الموقف وقالت إن موسكو تعبر عن قلقها البالغ لما حدث. ونحن ندعو شركاءنا الأمريكيين إلى إجراء تحقيق شامل واتخاذ إجراءات لتفادى تكرار مثل هذه الحوادث فى المستقبل. وشدد البيان على أن ما قام به الطيارون، إذا لم يكونوا كما نأمل ينفذون أوامر واشنطن، تراوح بين الإهمال الإجرامى والدعم المباشر لإرهابيى تنظيم «داعش». ولكن على الجانب السورى كان المشهد شديد الاختلاف. فقد بادرت سوريا رسميا بالاعلان وقوع الحادث قبل الأمريكيين. وجاءت الرواية السورية للحادث كما يلى : أن طائرات التحالف الأمريكى شنت عدوانا على موقع للجيش العربى السورى فى محيط مطار دير الزور وأن هذا العدوان كان متعمدا ومخططا له. تشكيك وشكوك وخلال الأيام التالية على الحادث تمسك الطرف الأمريكى بالتشكيك فى الرواية السورية والروسية بينما كشف الطرف السورى عن مفاجآت لها دلالاتها وزادت من الشكوك التى أحاطت بالحجج الأمريكية. فقد رجح مسئولون فى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أن تكون الغارة الجوية التى شنتها طائرات التحالف على دير الزور قد قتلت «سجناء سابقين» وليس جنودا فى الجيش النظامى السورى فى دير الزور! ونقل موقع »ديلى بيست« عن مسئولين فى البنتاجون أن القصف يمكن أن يكون قد قتل سجناء سابقين وليس جنودا فى الجيش النظامى السورى فى دير الزور، وأن الجيش الأمريكى يحقق حاليا فى ما إذا كان ضحايا الغارة الأمريكية جنودا نظاميين أم سجناء سابقين حولهم نظام بشار الأسد إلى مجندين. ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن مسئولين عسكريين أن القوات السورية التى تعرضت لقصف قوات التحالف لم يكن أفرادها يرتدون زيا موحدا ولم تكن أسلحتهم معتادة. وقالت شبكة »سى إن إن« نقلا عن مسئولين عسكريين ترجيحهم أن يكون ذلك هو سبب القصف »الخاطئ« الذى تعرض له موقع للجيش السورى قرب دير الزور. وأشارت »سى إن إن« إلى أن هذا الطرح تصور مبدئى يظهر احتمال أن يكون الطيران الأمريكى والبريطانى والدنماركى والاسترالى قد فسر معلومات مخابراتية بطريقة خاطئة واستهدف موقعا للجيش السوري، لافتة إلى أن وزارة الدفاع البريطانية أعلنت أنها استخدمت خلال هذه الغارة طائرات من دون طيار. ورد الطرف السورى بأن قصف التحالف الدولى الذى استهدف مواقع الجيش السورى كان »مقصودا«، مشددا فى الوقت ذاته على التزام دمشق بالهدنة السارية فى البلاد. وأكد مندوب سوريا الدائم لدى الأممالمتحدة فى جنيف السفير حسام الدين آلا ان كل المعطيات تدل على أن العدوان الأمريكى على موقع الجيش العربى السورى فى جبل ثردة بدير الزور كان «متعمدا ومخططا له» وأنه كان بهدف التمهيد لهجوم وسيطرة تنظيم »داعش« على الموقع. وأضاف السفير أن هذا »العدوان هو الاحدث فى سلسلة الاعتداءات المتكررة التى تقوم بها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها والتى استهدفت خلال الأشهر الماضية الكثير من المنشآت الخدمية والمدنية والبنى التحتية وأدت إلى خسائر مادية بمئات ملايين الدولارات مثل محطة الكهرباء فى الرضوائية ومحطة ضخ المياه فى الخفسة شرق حلب إضافة إلى التسبب بسقوط مئات الضحايا المدنيين ومنها «المجزرة» التى ارتكبتها الطائرات الامريكية والفرنسية فى ريف منبج وأوقعت 120 مدنيا ومئات المصابين فى يوليو2016«. وقالت بثينة شعبان مستشارة الرئيس السورى بشار الأسد «نعتقد أن الضربة مقصودة»، موضحة بقولها «كل شيء كان محسوبا وداعش كان على علم به، وحين دخل داعش، توقفت الغارات». وأضافت بثينة: »كان هناك أكثر من طائرة واحدة للتحالف.. نفذوا هجومهم بشكل منهجي، وباستراتيجية عسكرية جيدة، وعندما قتل الجنود السوريون جاء إرهابيو داعش على نفس التل. وكان هناك عدد من التلال. وصعد إرهابيو داعش تلك التلال، فى نفس المنطقة التى كانت الطائرات الأمريكية والتحالف تقصفها، وكان يوجد عناصر الجيش السوري«. و«لحظة وصول داعش، أوقفت الطائرات الأمريكية قصفها. إنهم لم يقصفوا داعش. لقد قصفوا الجيش السورى فقط.« ونبهت بثينة إلى أن »التحالف« الذى تقوده واشنطن لم يكن يستهدف تنظيم »داعش« قبل قدوم الطيران الروسى بدليل أن هذا التنظيم كان يتمدد بوجود «التحالف الأمريكي» وبدأ يتقلص فقط حين أتت القوات الروسية واستهدفت قوافل النفط التابعة له وقلصت قدراته. لقد وصفت الولاياتالمتحدة احتلالها العراق بأنه خطأ لأنها كانت تعتقد أن هناك أسلحة دمار شامل، وأن القصف الغربى على ليبيا كان خطأ لوجود تقارير مخابراتية خاطئة. وفى 26 سبتمبر 2016 كشفت رئيسة مجلس الشعب السورى هدية عباس، عن وجود معلومات مهمة لدى دمشق حول الغارات الأمريكية على القوات الحكومية بدير الزور، معلنة أن الجيش تنصت على مكالمات الأمريكيين مع »داعش«. ونقلت وسائل إعلام روسية عن هدية أن دمشق تمتلك معلومات حول الغارات الأمريكية التى استهدفت الجيش السورى فى دير الزور أخيرا، وقالت »لدينا أدلة على تعمد أمريكا ضرب الجيش السورى فى دير الزور وسنكشفها فى الوقت اللازم«. أخطاء أم جرائم ؟! وفى مطلع شهر ديسمبر الحالى نقلت وسائل الإعلام الأمريكية إقرار التحالف الدولى الذى تقوده الولاياتالمتحدة ضد تنظيم »داعش« فى سورياوالعراق، بقتل 54 شخصا ب«الخطأ« فى البلدين، خلال هجمات استهدفت التنظيم، وذلك فى بيان عن نتيجة التحقيقات التى أجريت، خلال شهر أكتوبر 2016، بشأن ادعاءات عن سقوط قتلى مدنيين. وأفاد بيان لقوة المهام المشتركة بأن التحقيقات أثبتت عدم صحة بعض الادعاءات، بينما كان بعضها صحيحا، ورصد البيان مقتل 46 مدنيا فى عمليات متفرقة فى سوريا و8 مدنيين فى العراق، ليرتفع بذلك إجمالى عدد المدنيين الذين أقر التحالف بقتلهم فى سورياوالعراق منذ بدء عملية »العزم الصلب ضد تنظيم »داعش« إلى 173 مدنيا. وتشير الإحصائيات إلى أن أدنى عدد إجمالى للمدنيين الذين قتلوا فى ضربات للتحالف يقدر ب173 شخصا منذ بدئها فى 2014. ففى أكتوبر 2016، قالت منظمة العفو الدولية إن التحالف الذى تقوده الولاياتالمتحدة لقتال داعش لم يتخذ احتياطات كافية لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين فى سوريا وإن ما يصل إلى 300 مدنى قتلوا فى 11 هجوما نفذها التحالف منذ سبتمبر 2014. وفى بداية شهر نوفمبر 2016 أقر الأمريكيون، بأن ضرباتهم فى أفغانستان أسفرت »على الأرجح« عن سقوط ضحايا مدنيين فى ولاية قندوز، وذلك بعد مقتل ثلاثين مدنيا على الأقل فى غارات جوية. وذلك وفقا لما نشرته وسائل الإعلام الفرنسية. كانت القوات الأفغانية تنفذ عملية مشتركة مع قوات التحالف ضد متمردى طالبان عند أطراف مدنية قندوز حين تعرضت لنيران المتمردين ما دفعها إلى طلب دعم جوى أمريكي. وجاء الدعم الأمريكى ليطيح بالمدنيين العزل! وشهدت قندوز وقوع مظاهرات بعد الحادث وتجمع العشرات أمام مقر الحاكم حاملين جثث أطفال قتلوا فى الهجوم. وصرح المتحدث باسم الرئاسة بأن الرئيس الأفغانى أرسل وفدا خاصا للتحقيق فى الحادث ومعاقبة أى إهمال. وسرعان ما أعلن الجنرال تشارلز كليفلاند، أحد قادة القوات الأمريكية فى أفغانستان، البدء فى تحقيق بالواقعة. ولايعد ذلك الحادث هو الأول فى سلسلة الأخطاء الأمريكية ضد المدنيين الأفغان العزل. فبعد خمسة عشر عاما من بدء حملة حلف الأطلنطى على أفغانستان، لا تزال قوات الحلف تتعرض لانتقادات الحكومة والرأى العام الأفغانيين على خلفية سقوط ضحايا مدنيين. وأعرب الرئيس الأفغانى أشرف غنى عن »حزنه الكبير« على القتلى فى قندوز، داعيا القوات إلى القيام بكل ما هو ممكن لتجنب مقتل مدنيين. وسبق وأن قتلت قوات الناتو 17 شرطيا أفغانيا على الأقل نتيجة »قصف خاطئ« جنوبأفغانستان فى سبتمبر 2015. وفى أبريل 2016 توصل تحقيق عسكرى أمريكى إلى أن القصف الجوى الذى دمر مستشفى أفغانيا تديره منظمة »أطباء بلا حدود« عام 2015 »لا يرقى لاعتباره جريمة حرب« لكنه وقع بسبب عوامل منها »أخطاء بشرية«، ولكن منظمة أطباء بلا حدود كانت قد شككت فى فكرة أن الضربة الجوية وقعت عن طريق الخطأ، بل واتهمت الأمريكيين ب «محاولة تحميل الحكومة الأفغانية المسئولية» وأكدت المنظمة: اتصلنا بالناتو بعد سقوط القنبلة الأولى لكن القصف استمر«. وقد اسفر القصف عن مقتل 42 شخصا وإصابة 37 فى الضربة التى وقعت يوم 23 من أكتوبر 2015 ودمرت المستشفى الذى تديره المنظمة. وقال الجنرال جوزيف فوتل قائد القيادة المركزية الأمريكية : التحقيق خلص إلى أن بعض الأفراد لم يلتزموا بقواعد الاشتباك وقانون الصراع المسلح لكن التحقيق لم يخلص إلى أن جوانب التقصير تلك ترقى لجريمة حرب. مضيفا أن القصف ليس جريمة حرب بسبب عدم معرفة أى من أفراد الخدمة بأنهم يستهدفون مستشفي، مشيرا إلى أن التحقيق خلص إلى أن الحادث نجم عن «أخطاء بشرية غير متعمدة وأخطاء خلال تنفيذ العملية وأعطال فى المعدات». وقد تم صرف تعويضات حصل المصاب خلالها على 3 آلاف دولار، بينما حصل أهالى كل قتيل على 6 آلاف دولار وتم دفع تعويضات لأكثر من 170 شخصا وأسرة وتمت الموافقة على تخصيص 5 ملايين وسبعمائة ألف دولار لإعادة بناء المستشفي، واتخذ الجيش الأمريكى إجراءات تأديبية ضد 16 من جنوده بينهم جنرال بسبب الغارة الجوية. وفى منتصف نوفمبر 2016 اعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية أن اتهامات محكمة لاهاى للقوات الأمريكية بارتكاب جرائم حرب فى أفغانستان عارية عن الصحة ومرفوضة. وأكدت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن الولاياتالمتحدة ليست طرفا فى نظام روما الذى تستند إليه المحكمة الجنائية الدولية، مضيفة أن لواشنطن نظاما قضائيا قويا بإمكانه التعامل مع مثل هذه الادعاءات. وعلقت الناطقة بالقول: »لا نعتقد أن إجراء المحكمة الجنائية الدولية الفحص أو التحقيق فى تصرفات العسكريين الأمريكيين فيما يخص الوضع فى أفغانستان مبرر وملائم«. وجاء ذلك الرد »القاطع المباشر« تعليقا على ما أعلنته المحكمة الجنائية الدولية عن مسئولية القوات الأمريكية عن تعذيب 61 سجينا على الأقل فى أفغانستان، و27 آخرين فى سجون للمخابرات الأمريكية فى مناطق أخرى من العالم فى الفترة بين عامى 2003 و2004. حساب متراكم لقد تم الكشف عن مشاركة الطيران الأمريكى والبريطانى والدنماركى والاسترالى فى تنفيذ ضربة دير الزور. وقررت الدنمارك سحب مقاتلاتها من عمليات التحالف الدولى فى سورياوالعراق بعد أن كشف تحقيق البنتاجون أن طائرات دنماركية شاركت فى تنفيذ الغارة على مواقع الجيش السورى بدير الزور فى سبتمبر 2016. أما اللواء ريتشارد كاو الذى يترأس التحقيقات الأمريكية فى غارة دير الزور، فأصر على أن العسكريين من التحالف الدولى الذى تقوده واشنطن، كانوا واثقين من أن القصف الذى استمر لأكثر من ساعة، كان يستهدف مواقع إرهابيين. ولم يشر كاو إلى إمكانية ملاحقة أى من العسكريين الذين كان لهم دور فى توجيه الضربات! لقد بات من الواضح، ومن خلال تجارب متكررة سابقة، أن الاعتداءات التى تتجاهلها تقارير المؤسسات الدولية أو تكتفى ب«أخذ العلم« بها فى أحسن الأحوال هى جزء من السياق العام للحرب التى تشن ضد الدول العربية بواسطة عشرات الآلاف من الإرهابيين الأجانب الذين مولتهم وسلحتهم ودربتهم دول أجنبية ومن داخل المنطقة وخارجها لخدمة مصالحها الإقليمية. وتثير تلك الأخطاء الفادحة المتكررة المزيد من التساؤلات عن مدى قدرة الولاياتالمتحدة على أن تكون قوة عظمى على الرغم من كل ما ترتكبه من أخطاء فادحة. إن المنطق يقول إنه لا يليق بقوة عظمى حقيقية أن تسقط فى أخطاء فادحة بشكل متكرر على مدى عقود متتالية. ويبقى الأمل معقودا على القيادة الجديدة القادمة فى البيت الأبيض وتجاوزها لأخطاء الماضى وبداية عهد جديد به الكثير من الإيجابيات والقليل من الأخطاء.