لقد أصبحت فنون الأداء المختلفة، مصدر جذب لأكبر عددمن المشاهدين في المسرح على مستوى العالم، خاصة عندما إندمجت هذه الفنون داخل إطار درامي واحد ونتج عنها عروض مسرحية حققت نجاحا وشهرة عالمية؛ومن ضمن هذه الفنون هو فن المهرج. وليس المقصود بالمهرج أي الكوميديان أو الممثل الذي يضع الأصباغ ويلقي بالنكات واهما الجمهور بخفة دمه، لكن المقصود هنا هو نوع فريد من فن التمثيل الذي يعتمد على ممثل ذى إمكانيات خاصة تتواكب مع هذه النوعية من العروض ذات السمعة العالمية، فهو ممثل أكثر إنسانية وأكثر مصداقية وأكثر تطوراً وأكثر إبداعاً عن غيره من الممثلين،إنه يصنع المتعه والمأساة، يمتلك إمكانيات جسدية توازى إمكانيات لاعب الجمباز،فهو يقفز ويطير ويعلق في الحبال ويقدم مشاهدعديدة وصعبة،بطريقة مغايرة لما تعودنا علية من الممثل التقليدي الذي يدعي بأنه مهرج، ناهيك عن قدراته الموسيقية والغنائية. والملفت في هذا المهرج ليس لأن تكوين جسده هو الذى يحكم له بأن يكون مهرجا،أى ليس من الضرورى أن يكون طويلا أو نحيفا لكن مهارته وأداءه هو ما يقوى من دوره ويؤكد مصداقية صورته التهريجية.وأصبح المهرج في هذه العروض يحمل وظيفة ما ليست تستهدف الضحك فحسب،لكنها وظيفة تصل إلى درجة الرسالة،فهو يبدو وكأنه يمتلك المعرفة الكافية عن طبائع الناس مقترنة بوظائفهم التي تمدهم بالقوة أو بالضعف؛ويجب أن يكون المتفرج فى كامل وعيه حتى يتواصل معه،فهو لا يبنى أداءه على إبتزاز الضحك من الجمهور،بل يبنى رسالته فى الأداء على السخرية بشكل نقدي من المواقف السلبية فى حياتنا. وهو ليس منفصلاً عن الجمهور،بل أن جزءا أساسيا من ادائه يقوم على التعامل معهم بمبدأ اللباقة القائمة على احترام مشاعر المتفرجين واحترام عقولهم. فالمهرج في العروض الحديثة هو الممثل لكن فى أوسع وأشمل صورة.كما أن أطول عمر فن الممثل كان على يد المهرج،لأنه الشخص الذى لم يتغيرعلى مدى التاريخ وهو ما يعطى قوة ومهابة وعراقة،قد تكون صورة المهرج أختلفت لكن تبقى شخصيته كما هو عليه.إن هذا المهرج هو النموذج الحقيقي للمثل الشامل الذي دائما ما نقرأ عنه في الكتب والنظريات،لكنك لن تشاهده إلا في هذه العروض، فهو ليس هذا الممثل الذي يهتم بأضواء الكاميرا أوإلقاء النكات،لكنه الممثل الذي يهتم بتطوير إمكانياته الجسدية والفنية.