يمكن للدعاية والبروباجندا تغيير تفكير العامة والرأى العام وتعطى للحدث أو للشخص أو للشىء حقيقة مغايرة. ففى الخمسينيات ومن أجل رفع أسعار اللحوم قامت الدعاية بتغيير نظرة المرأة للجمال ليصبح الجمال فى نظرها هو النحافة، فتتجه لتناول اللحوم بدلا من النشويات؛ وفى فترة أخرى دفعت شركات السكر المال للعلماء ليكتبوا فى مقالاتهم عن أن الدهون وليس السكر هو السبب فى زيادة الوزن؛ واليوم تطلق فرنسا على معسكر اللاجئين فى كاليه إسم »الغابة« لتضفى على اللاجئين صفة الحيوانات الشرسة، وتثبت فى الذهن العام أن معسكرات اللاجئين مكان خطر يجب التخلص منها، وعندما يتم ذلك لا تواجه معارضة من جمعيات حقوق الانسان. وفى نفس الوقت تستخدم الدعاية الإعلامية الغربية كل طاقتها لكى تظهر أن الهجوم على مدينة الموصل فى العراق هو هجوم لتحرير المدينة من قوات داعش، لأن القوات المهاجمة تساندها الولاياتالمتحدةوبريطانيا، بينما تطلق على الهجوم الذى يجرى على مدينة حلب السورية جريمة ضد الإنسانية لأنه تقوده قوات النظام السورى بمساندة روسيا. هذه الدعاية وصفها الصحفى الامريكى ادوارد بيرنيز، حسب ما كتبه جون بيلجير فى مقاله الأخير لموقع «جلوبال ريسيرتش»، ب «الحكومة الخفية». فى رأيه أن الدعاية تعمل على تغيير مفهوم كل شئ يحدث فى العالم، ويؤثر فى حياة المواطن العادى. فإن كان طرد قوات داعش فى الموصل تعتبر انتصارا، فهو يخفى حقيقة أخرى وهى أن طرد داعش من العراق من شأنه أن يدفع الإرهابيين الى سوريا لتكثيف الحرب فى سوريا واسقاط نظامها، وتحدى روسيا. لم تهدأ منطقة الشرق الأوسط منذ أن أطلقت واشنطن دعايتها فى عام 2003 ضد نظام صدام حسين، وأقنعت العالم أنه يملك السلاح النووى وأنه مسئول عن أحداث 11 سبتمبر؛ وشنت الولاياتالمتحدة ومعها بريطانيا وبضع دول أطلقت عليهم «التحالف»، حربا مدمرة ضد العراق. وفى عام 2015 تعرضت باريس لهجمات إرهابية فكان رد فعل حكومتها المباشر هو إرسال مقاتلات لضرب سوريا. إننا نقرأ ونسمع تصريحات رسمية وتقارير صحفية كثيرة موجهة لمفهوم معين لإقناع الرأى العام به، ولكن الحقيقة التى لا يتحدث عنها أحد، لن نعرفها إلا بعد سنوات عندما يظهر صحفى أو مسئول ليعلن عنها فى كتاب أو مقال كما حدث عندما اضطر تونى بلير رئيس وزراء بريطانيا فى عام 2003، الى الاعتراف قبل شهور قليلة، أى بعد 13 عاما من حرب العراق بأن العراق لم يملك سلاحا نوويا. لمزيد من مقالات ليلى حافظ;