التسريبات كشفت أن وكالة الأمن القومى الأمريكى بالتعاون مع نظيرتها البريطانية ومع الموساد مهدوا لظهور داعش بشكل مسبق لخلق تنظيم ارهابى قادرعلى استقطاب المتطرفين من جميع انحاء العالم فى مكان واحد فى عملية يرمز لها ب «عش الدبابير». وهذا ما تحقق بعد إشعال ثورات الخريف العربى عام 2010-2011 حيث نجحت الولاياتالمتحدة فى الدفع بتنظيم القاعدة وداعش إلى عمق الشرق الأوسط فى ليبيا واليمن وسوريا والعراق ولبنان وجنوب وسط اسيا وشمال ووسط افريقيا وسمحت للمتطرفين بالسفر للانضمام إلى صفوف هذا التنظيم المتطرف. عملية «عش الدبابير» تقوم بخلق عدو قريب على حدود اسرائيل ولكن سلاحه موجه نحو الدول الأسلامية الرافضة لوجوده. وهذة النظرية الانجليزية الأصل طبقت بالفعل فى العشرينيات بزرع فكر حسن البنا الموْسس الأول لجماعة الأخوان فى التربة المصرية وروتها الاستخبارات الأنجليزية حتى اصبحت شجرة خبيثة تمتد فروعها الإرهابية فى ربوع المعمورة بحجة الجهاد. وقد خضع تنظيم داعش لدورة مكثفة لمدة عام وتدريب عسكرى على ايدى عناصر من الموساد بالإضافة الى دورات فى فن الخطابة وانطلقوا تحت مسمى الدولة الإسلامية لتأجيج مشاعر الشباب المسلم المضلل. واليوم اعتبر مركز «ستراتفور» للدراسات الاستراتيجية والأمنية أن داعش يعانى من أزمة تهدد وجوده. وخسر التنظيم الإرهابى معظم أراضيه فى ريف حلب الشمالى وبات محاصرا فى المناطق المتبقية، وفق تقرير «ستراتفور» الذى أكد أن ذلك يعود للمواجهات التى قادتها قوات الجيش السورى مع غطاء جوى ومدد روسي. كما تشير التطورات الأخيرة فى العراق وليبيا إلى صحة تلك وجهة النظر، إذ يبدو أن منحنى قوة داعش قد بدأ فى الهبوط بوضوح بعد الانتصارات التى حققتها القوات العراقية ,وأخيراً إحكام التشكيلات العسكرية الموالية لحكومة الوفاق الوطنى فى ليبيا الحصار حول سرت التى كانت حصناً حصيناً لداعش. واليوم باتت طريقة التعامل مع الشباب العائدين من مناطق الصراع إلى اوروبا من أكبر التحديات القائمة التى تواجه الحكومات والأجهزة الأمنية خاصة بعد هجمات باريس وبروكسل. وعمدت الحكومات الاوروبية الى فرض إجراءات غير مسبوقة ومثيرة للجدل لمواجهة تصاعد الفكر الجهادى على اراضيها بعدما بلغ عدد المقاتلين الاوروبيين فى سورية والعراق عدة آلاف. فقد كشف المركز الدولى لدراسة التطرف والعنف السياسى «اى سى اس ار» بأن عدد المقاتلين الأجانب الذين انضموا الى صفوف تنظيم داعش يقدر باكثر من 20 الف مقاتل، مشيراً الى أن عشرين بالمائة منهم تقريباً من الدول الأوربية. اما الانتربول الاوروبى قدر عددهم ب 25 الف مقاتل، وأن نسبة تتراوح من 5 الى 10 % من المقاتلين الأجانب قد قتل أثناء المعارك، فيما تتراوح نسبة اخرى من 10 إلى 30 % من المقاتلين، يتوقع أنهم تركوا أرض المعركة عائدين إلى بلدانهم او تم احتجازهم فى بلدان أخري. والحقيقة هو ان ما تحتاجه اغلب هذة الدول حاليا هو ايجاد استراتيجة مكافحة الارهاب تلتزم بها دول اوربا والغرب، وتكون هناك غرف عمل مشتركة على مستوى الخبراء وفرق عمل فنية، لتبادل المعلومات، لتكون مسؤولية مكافحة الارهاب مسؤولية اممية دولية مشتركة. وفى النهاية نقول ان «المرء يجنى ثمار أفعالة» وهذة ليست مقولة او حكمة ولكن قانون مطلق دائما ما يثبت صحتة. [email protected]