يتصادف أن يتجلَّى فى يوم واحد هذا الأسبوع رأيان متضادان لبعضهما البعض، ويُمثِّل كلٌ منهما اختياراً يختلف تماماً عن الآخر أمام مصر، يتحدَّد به مصيرها ومسارها فى المستقبل القريب والبعيد! فقد أعلن الدكتور جابر نصّار رئيس جامعة القاهرة، أن تدريس عُقبة بن نافع فى التعليم المدرسى مسألة عفا عليها الزمان، ولم تعد لها الأهمية المطلوبة، وصار من الأفضل لمصر أن تتضمن المناهج التعليمية سيرة طلعت حرب مؤسس الاقتصاد المصرى الحديث، حتى ينشأ الشباب على خلفية يمكن بها بناء مصر. وكان غريباً، وفى نفس اليوم، وفى إحدى لجان مجلس النواب، وأثناء نظر مشروع قانون يقترح إلغاء الحبس فى الاتهام بما يُسمَّى خدش الحياء العام، مع الإبقاء على العقوبات الأخرى المتعلقة بالغرامات المالية التى يمكن أن ترتفع، أن اصطف عدد من النواب ضد الاقتراح وأصروا على التمسك بعقوبة الحبس، ونجحوا فى إسقاط المشروع! برغم أن المادة 67 من الدستور تنصّ على: "..لا تُوقَّع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى تُرتَكَب بسبب علانية المنتج الفنى أو الأدبى أو الفكرى.."! وكانت المجادلة تطرقت إلى أن أعرب نائب عن رأيه بإدانة نجيب محفوظ بخدش الحياء العام فى بعض رواياته، وقال النائب إن محفوظ لم يُعاقَب بالحبس لأنه، كما قال بالحرف: "ما حدّش وقتها حرَّك الدعوى الجنائية ضده"! هذه وسيلة إيضاح لمفترق الطرق أمام مصر: إما بالسير فى طريق البحث العلمى وتهيئة المناخ للحرية الفكرية وتشجيع الإبداع الفنى والأدبى، والتحرر مما ابتكره الأجداد وقدّسوه وجرى فرض قداسة اجتهادهم البشرى على أجيال بعد أجيال حتى تدهورنا إلى ما نحن فيه، وهو الخط الذى يسير فيه الدكتور جابر نصار وآخرون، وإما بوضع المزيد من القيود وتغليظ العقوبات على كل من يتجاسر ويجتهد ويخرج عن السياق المفروض، وهو ما يطرحه الخط الآخر، الذى صارت له فرصة فى الفوز بالتمثيل الشعبى فى البرلمان ليتولى صلاحيات التشريع بسبب دعوات مقاطعة الانتخابات التى أخلت له الجو. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب