قطاع الخدمات يستحوذ على 81% من اتجاهات الاستثمار الأجنبي بالعالم (إنفوجراف)    المقاومة الفلسطينية تستهدف جنودا وآليات إسرائيلية شرق رفح    الدوري المصري، استمرار التعادل السلبي بين الأهلي والبلدية بعد 30 دقيقة    أشرف صبحي يطمئن هاتفيا على لاعبة المشروع القومي بعد إجرائها عملية جراحية    القبض على سائق سيارة النقل المتسبب في حادث دائري المعادي    يسرا تكشف لأول مرة أسرارا عن علاقة عادل إمام بزوجته (فيديو)    أعراض وعلامات مرض الذئبة، ومتى تذهب للطبيب؟    نقابة المهندسين تعلن آخر موعد لتلقي طلبات العضوية باللجان النقابية    كنيسة يسوع الملك الأسقفية بالرأس السوداء تحتفل بتخرج متدربين حرفيين جدد    تساوت المباريات مع أرسنال.. سيتي ينقض على الصدارة باكتساح فولام    عائلات المحتجزين الإسرائيليين: يجب إنقاذ إسرائيل من نتنياهو    هددها بصور وفيديوهات.. ضبط عامل ابتز سيدة في الدقهلية    اختتام أعمال الاجتماع 37 للجنة وزراء الشباب والرياضة بدول مجلس التعاون الخليجي    فيلم السرب يواصل سيطرته على شباك تذاكر السينما.. وعالماشي يتذيل القائمة    هدى الأتربى تكشف تفاصيل مسلسلها القادم مع حنان مطاوع    بكلمات مؤثرة.. إيمي سمير غانم تواسي يسرا اللوزي في وفاة والدتها    في عيد النصر بوريسينكو: مصر عانت مثلنا من الحروب    تفاصيل إنشاء 1632 شقة سكن لكل المصريين بالعاشر من رمضان    ميتروفيتش يقود هجوم الهلال أمام الحزم    محافظ القليوبية يناقش تنفيذ عدد من المشروعات البيئة بأبي زعبل والعكرشة بالخانكة    حصاد 4 آلاف فدان من محصول الكمون في الوادى الجديد    اليوم العالمى للمتاحف.. متحف إيمحتب يُطلق الملتقي العلمي والثقافي "تجارب ملهمة"    وزير الأوقاف يحظر تصوير الجنائز بالمساجد مراعاة لحرمة الموتى    عمرو الورداني للأزواج: "قول كلام حلو لزوجتك زى اللى بتقوله برة"    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة محملة بطيخ بقنا    خالد عبدالغفار: وزارة الصحة وضعت خططا متكاملة لتطوير بيئة العمل في كافة المنشأت الصحية    رئيس"المهندسين" بالإسكندرية يشارك في افتتاح الملتقى الهندسي للأعمال والوظائف لعام 2024    الخميس المقبل.. «اقتصادية النواب» تناقش خطة التنمية الاقتصادية ومنع الممارسات الاحتكارية    محافظ كفر الشيخ يعلن بدء التشغيل التجريبي لقسم الأطفال بمستشفى الأورام الجديد    آخرها هجوم على الاونروا بالقدس.. حرب الاحتلال على منظمات الإغاثة بفلسطين    إلغاء جميع قرارات تعيين مساعدين لرئيس حزب الوفد    مواصفات وأسعار سيات إبيزا 2024 بعد انخفاضها 100 ألف جنيه    «جنايات القاهرة» تؤجل محاكمة المتهم بقتل 3 مصريين بدولة قطر لجلسة 9 يونيو    نقيب الأطباء يشكر السيسي لرعايته حفل يوم الطبيب: وجه بتحسين أحوال الأطباء عدة مرات    وزير التموين: مصر قدمت 80 ٪ من إجمالي الدعم المقدم لقطاع غزة    أخبار الأهلي : طلبات مفاجئه للشيبي للتنازل عن قضية الشحات    نتائج منافسات الرجال في اليوم الثاني من بطولة العالم للإسكواش 2024    «الأرصاد» تكشف حقيقة وصول عاصفة بورسعيد الرملية إلى سماء القاهرة    بعد ثبوت هلال ذي القعدة.. موعد بداية أطول إجازة للموظفين بمناسبة عيد الأضحى    جامعة القاهرة تستضيف وزير الأوقاف لمناقشة رسالة ماجستير حول دور الوقف في القدس    العثور على جثة سيدة مجهولة مفصولة الرأس بمحطة الفشن ببني سويف    عقوبة استخدام الموبايل.. تفاصيل استعدادات جامعة عين شمس لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    التنمية المحلية: استرداد 2.3 مليون متر مربع بعد إزالة 10.8 ألف مبنى مخالف خلال المراحل الثلاثة من الموجة ال22    قروض للشباب والموظفين وأصحاب المعاشات بدون فوائد.. اعرف التفاصيل    البابا تواضروس يدشن كنيسة "العذراء" بالرحاب    إحالة العاملين بمركز طب الأسرة بقرية الروافع بسوهاج إلى التحقيق    «صفاقة لا حدود لها».. يوسف زيدان عن أنباء غلق مؤسسة تكوين: لا تنوي الدخول في مهاترات    مباشر مباراة المنصورة وسبورتنج لحسم الترقي إلى الدوري الممتاز    القاهرة الإخبارية: أنباء عن مطالبة الاحتلال للفلسطينيين بإخلاء مخيمات رفح والشابورة والجنينة    ما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟ الإفتاء تُجيب    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك    بعد وصفه ل«الموظفين» ب«لعنة مصر».. كيف رد مستخدمي «السوشيال ميديا» على عمرو أديب؟    معسكر مغلق لمنتخب الشاطئية استعدادًا لكأس الأمم الأفريقية    «الصحة»: نتعاون مع معهد جوستاف روسي الفرنسي لإحداث ثورة في علاج السرطان    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 11-5-2024    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس خلال محاضرته أمام الأكاديمية العسكرية البرتغالية: قلقون إزاء قصور النهج الدولى فى التعامل مع ظاهرتى الإرهاب والتطرف
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 11 - 2016

أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسى عن قلقه إزاء ما يتسم به النهج الدولى للتعامل مع ظاهرة الإرهاب والتطرف من قصور، لاسيما على ضوء ما برهنته الأحداث خلال السنوات الماضية من عدم قدرة الجهود الدولية على حماية مجتمعاتنا من شرور الإرهاب، مشيرا إلى أن الآلام والأضرار الناتجة عن الإرهاب اتسعت لتصل إلى مختلف دول ومناطق العالم دون أن تلتزم حدودا أو تحدها عوائق جغرافية.
جاء ذلك خلال زيارته أمس إلى الأكاديمية العسكرية البرتغالية فى لشبونة، وإلقائه محاضرة أمام الدارسين بها حول الإرهاب والأمن وسيادة القانون، بحضور كبار قادة الجيش البرتغالى وأعضاء السلك الدبلوماسى المعتمد فى لشبونة وعدد من الشخصيات العامة البرتغالية. وكان فى استقبال الرئيس وزير الدفاع البرتغالي، ورئيس الأكاديمية.
وأكد الرئيس - خلال المحاضرة - أن ما انطبق على المنظمات الإرهابية التى نشطت فى الدول الغربية وأوروبا فى مراحل سابقة، ينطبق بدوره على المنظمات التى تتخذ من الدين الإسلامى ستاراً زائفاً لأعمالها، مضيفا أنه رغم تنوع أسمائها وتوزيع الأدوار الظاهرى بين أجنحتها، فلا يوجد فارق جوهرى فى الأفكار التى يؤمنون بها، حيث تتخذ من ذات المرجعيات الفكرية المتطرفة منهجاً لعملها، وإطاراً لنظرتها إلى مجتمعاتها والعالم، وكذا لخطابها ورسائلها الإعلامية القائمة على الإقصاء والعداء ونبذ الآخر وتكفير المجتمع، وهى جميعها مفاهيم مشوهة تتنافى مع روح الدين الإسلامى الحنيف ورسالته الحضارية السمحة التى تنبذ الانعزال والتطرف والعنف، وتدعو إلى التسامح والتعارف وقبول الآخر.
وشدد على أن مصر قد حرصت خلال مواجهتها للإرهاب والتطرف على أن يكون ذلك فى إطار سيادة القانون واحترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، إيماناً منا بأهمية إعلاء قيم الحريات وترسيخ دولة المؤسسات رغم صعوبة المعركة.
وقال الرئيس إن تحديات صعود ظاهرة التطرف الفكرى الذى يؤدى إلى الانخراط فى أعمال إرهابية تحتم علينا جميعاً كمتجمع دولى وضع استراتيجية متكاملة الأبعاد لمواجهة الأفكار المغلوطة والدعاوى المغرضة لقوى الإرهاب، والتى باتت منتشرة على المواقع الالكترونية المختلفة، مما ساهم فى اكتساب هذه الأفكار مزيداً من الأتباع على مدار السنوات الماضية. وأكد ضرورة التوصل إلى توافق دولى حول اتخاذ التدابير اللازمة والجادة لتجريم ومنع التحريض على الكراهية والعنف فى المواقع الالكترونية ووسائل الاتصالات الحديثة.
كما أكد أهمية تضافر جهود المجتمع الدولى لمنع تزويد المنظمات الإرهابية بالمال والسلاح، فضلاً على مواصلة جهود التوصل إلى تسويات سياسية للأزمات والنزاعات المسلحة القائمة بالنظر إلى ما توفره تلك الأزمات من بيئة خصبة لانتشار التنظيمات الإرهابية وتحركها بحرية ونشر فكرها المتطرف
وشدد على أهمية بناء نموذج بديل للأيديولوجيات المتطرفة، بحيث يصبح هذا النموذج التنويرى هدفاً يبذل من أجله شبابنا طاقاتهم الإبداعية ومجهودهم الفكرى سعياً للحفاظ على حريتهم وتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء لهم ولأبنائهم.
وذكر السفير علاء يوسف أن الرئيس السيسى قام عقب إلقاء المحاضرة بالرد على الأسئلة التى طرحها الحاضرون، والتى تناولت التطورات الجارية فى ليبيا، وسبل تعزيز مكافحة الارهاب على المستوى الدولي، والتحديات التى تواجه الجهود الدولية الجارية فى هذا المجال، لاسيما زيادة تدفق اللاجئين والهجرة غير الشرعية.
وفى هذا الاطار أعرب الرئيس عن تقديره للشعب المصرى وحرصه على أمن واستقرار بلاده، فضلا على تفهمه التحديات التى تتعرض لها مصر، لاسيما على الصعيد الاقتصادى مما تطلب اتخاذ اجراءات اقتصادية ضرورية.
وفيما يتعلق بالوضع فى ليبيا، أكد الرئيس احترام مصر لإرادة الشعب الليبي، مشيرا إلى أهمية دعم البرلمان المنتهية ولايته، فضلا على دعم الجيش الوطنى الليبى ورفع حظر السلاح المفروض عليه حتى يتمكن من الاضطلاع بمهامه وبسط سيطرته على كامل الأراضى الليبية، فضلا على أهمية مساندة المجلس الرئاسى الليبي.
وفيما يلى نص المحاضرة التى ألقاها الرئيس:
السيد رئيس الأكاديمية
السادة الحضور
اسمحوا لى فى بداية حديثى أن أشكركم على إتاحة هذه الفرصة لأتحدث إليكم اليوم فى الأكاديمية العسكرية البرتغالية الدولية، تلك المؤسسة العريقة التى تقوم بدور رائد على المستويين الأوروبى والدولى فى إثراء الفكر العسكرى والاستراتيجي، والإسهام فى معالجة التحديات والقضايا الأمنية والاستراتيجية. كما يسعدنى الوجود بين هذه النخبة من الدارسين والخبراء، لأشاطركم بعض الأفكار حول رؤيتنا لمواجهة الإرهاب باعتباره من أهم التحديات التى تواجه عالمنا اليوم.
إن الحديث عن كيفية تحقيق الأمن لشعوبنا ومواجهة الإرهاب الآثم ومحاولاته المتكررة للنيل من جهود التنمية، لا يستقيم دون أن نفكر ملياً فى طبيعة البيئة التى يجرى فيها هذا الصراع مع الإرهاب فى عالمنا المعاصر. ولا تخفى على أحد اليوم التحديات الاستراتيجية المتنوعة التى تواجهنا كمجتمع دولي، بعضها اقتصادى يرتبط بعدم عدالة توزيع ثمار نمو الاقتصاد الدولى بين الدول والمجتمعات المتقدمة والنامية، بينما ترتبط التحديات الأخرى بشكل مباشر بالجوانب الأمنية، مثل انتشار النزاعات المسلحة وما توفره من بيئة خصبة لتنامى الإرهاب ونشر الأفكار المتطرفة، وهو التحدى الأخطر فى ضوء تهديده بشكل مباشر لحياة الأبرياء وحقهم فى التمتع بالأمن والأمان، فضلاً على آثاره المدمرة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات التى يستهدفها. وفى هذا الإطار، فإننى أود أن أشاطركم قلقى إزاء ما يتسم به النهج الدولى للتعامل مع ظاهرة الإرهاب والتطرف من قصور، لاسيما فى ضوء ما برهنته الاحداث خلال السنوات الماضية من عدم قدرة الجهود الدولية على حماية مجتمعاتنا من شرور الإرهاب، بل إن الآلام والأضرار الناتجة عنه اتسعت لتصل إلى مختلف دول ومناطق العالم دون أن تلتزم حدوداً أو تحدها عوائق جغرافية.
إن هذا القصور يرجع إلى عدم إيلاء الأهمية الكافية لفهم جذور وطبيعة ظاهرة الإرهاب ومسبباتها. فمع الإدراك الكامل لأهمية الجوانب الأمنية والعسكرية فى الإدارة اليومية للمعركة ضد الإرهاب، ورصد واستباق تخطيط وتحركات العناصر الإرهابية بهدف منعها من توجيه ضرباتها، إلا أن هذا لا يجب أن يُنسينا أننا مطالبون بفهم دوافع الإرهاب والفكرة التى يقوم عليها.
وارتباطاً بذلك فإن القراءة الدقيقة لتاريخ الجماعات الإرهابية، سواء تلك التى تتخذ من الدين ستاراً لها، أو تلك التى ارتكبت فظائع باسم دوافع سياسية أو اجتماعية مختلفة، تؤكد لنا عدم وجود فوارق تذكر فى الأسس التى تنطلق منها هذه الجماعات لتبرير استخدامها للعنف والإرهاب لتحقيق مآربها، فنحن دائماً بصدد عملية ذات جوهر فاشى ينطلق فيها المتطرفون من قراءات مغلوطة لمسار التاريخ، تنتج بدورها خطاباً يحث على كراهية الآخر، ويدعو لاستخدام العنف والترويع لفرض هذه الرؤية على الجميع.
وبنظرة سريعة على التنظيمات الإرهابية النشطة على الساحة الدولية فى الوقت الراهن، فإننا نجد أن ما انطبق على المنظمات الإرهابية التى نشطت فى الدول الغربية وأوروبا فى مراحل سابقة، ينطبق بدوره على المنظمات التى تتخذ من الدين الإسلامى ستاراً زائفاً لأعمالها. فرغم تنوع أسمائها وتوزيع الأدوار الظاهرى بين أجنحتها، فلا يوجد فارق جوهرى فى الأفكار التى يؤمنون بها، حيث تتخذ من ذات المرجعيات الفكرية المتطرفة منهجاً لعملها، وإطاراً لنظرتها إلى مجتمعاتها والعالم، وكذا لخطابها ورسائلها الإعلامية القائمة على الإقصاء والعداء ونبذ الآخر وتكفير المجتمع، وهى جميعها مفاهيم مشوهة تتنافى مع روح الدين الإسلامى الحنيف ورسالته الحضارية السمحة التى تنبذ الانعزال والتطرف والعنف، وتدعو إلى التسامح والتعارف وقبول الآخر، بل وترحب بالاختلاف باعتباره رصيداً إنسانياً هاماً يسهم فى صقل الخبرات والتوصل إلى المفاهيم الصحيحة التى تتقبلها الطبيعة والفطرة الإنسانية.
السادة الحضور
إن الانعكاسات العملية لما تقدم مهمة ولا غنى عنها للمحاربة الفعّالة للتنظيمات الإرهابية، إذ تؤكد على أهمية عدم قصر جهودنا على مواجهة أعراض وتداعيات ظاهرة الإرهاب، وتدفعنا إلى التعامل مع الأسباب التى أدت إلى تبنى البعض لهذا الفكر المشوه، الذى يدفعهم للتحول لعناصر مستعدة للتخريب ولتدمير كل من يخالف معتقداتهم. لذا، فإن المواجهة الفكرية للإرهاب حتمية وضرورية، إذ لن تستطيع المواجهة الأمنية وحدها القضاء على الأفكار والايديولوجيات المنحرفة. واسمحوا لى فى هذا الإطار أن أتطرق إلى عناصر الرؤية المصرية لكيفية التحرك على مسار التعاون الدولى لمكافحة الإرهاب والتطرف، والجهود التى بذلناها فى مصر حكومة وشعباً فى هذا المجال، خاصة بعدما وجدنا أنفسنا على خط المواجهة مع قوى الإرهاب التى حاولت عرقلة مسيرة تنمية بلادنا خلال السنوات الماضية. فقد حرصت مصر على التصدى لاستخدام العناصر الإرهابية للدعاوى والأسانيد الدينية غير الصحيحة من أجل السيطرة على عقول الشباب واستغلال عدم وعيهم بصحيح الدين، حيث تقوم مؤسسات مصر الدينية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، أحد أقدم وأعرق الجامعات فى العالم ومنارة الإسلام الوسطى المعتدل، باتخاذ خطوات جادة من أجل مواجهة الفكر المتطرف وتطوير الفقه والخطاب الدينيين، بما يتسق وروح ومتطلبات العصر الحديث، ويواجه محاولات الاستقطاب الطائفى والمذهبي.
من ناحية أخرى حرصت مصر خلال مواجهتها للإرهاب والتطرف على أن يكون ذلك فى إطار سيادة القانون واحترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، إيماناً منا بأهمية إعلاء قيم الحريات وترسيخ دولة المؤسسات رغم صعوبة المعركة. وقد تحملت مصر على مدى السنوات الماضية الكثير من التضحيات وبذل شعبها ومؤسساتها قصارى جهدهم فى مواجهة ومكافحة الإرهاب، ورغم عظم هذه التضحيات، خاضت مصر ولا تزال هذه المعركة الشرسة، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، وإنما صونا للاستقرار الإقليمى وحمايةً لمقدرات شعوب المنطقة بأسرها التى لا يخفى ارتباط أمنها باستتباب السلم والأمن الدوليين. وأؤكد لكم فى هذا السياق أن مصر تدرك جيداً المسئولية الملقاة على عاتقها فى هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ الشرق الأوسط، إذ تقدم نموذجاً لدولة تتماسك مؤسساتها دفاعاً عن مبدأ الدولة الوطنية ذاته، فى محيط إقليمى شديد الاضطراب، تسوده محاولات متكررة لهدم بنية الدولة وتفكيكها، والسماح بتمدد تنظيمات وميليشيات تدعى سلطة التحكم فى المجتمعات دون تفويض أو شرعية، وتنفيذاً لمخططات سياسية أو أيديولوجية بعيدة كل البعد عن تحقيق مصلحة شعوب المنطقة فى التقدم والرقي.
السيدات والسادة
إن تحديات صعود ظاهرة التطرف الفكرى الذى يؤدى إلى الانخراط فى أعمال إرهابية تحتم علينا جميعاً كمجتمع دولى وضع استراتيجية متكاملة الأبعاد لمواجهة الأفكار المغلوطة والدعاوى المغرضة لقوى الإرهاب، والتى باتت منتشرة على المواقع الالكترونية المختلفة، مما ساهم فى اكتساب هذه الأفكار مزيداً من الأتباع على مدار السنوات الماضية. لذا فإنه من الضرورى التوصل إلى توافق دولى حول اتخاذ التدابير اللازمة والجادة لتجريم ومنع التحريض على الكراهية والعنف فى المواقع الالكترونية ووسائل الاتصالات الحديثة. كما ينبغى تضافر جهود المجتمع الدولى لمنع تزويد المنظمات الإرهابية بالمال والسلاح، فضلاً على مواصلة جهود التوصل إلى تسويات سياسية للأزمات والنزاعات المسلحة القائمة بالنظر إلى ما توفره تلك الأزمات من بيئة خصبة لانتشار التنظيمات الإرهابية وتحركها بحرية ونشر فكرها المتطرف.
السادة الحضور
إن جزءاً أساسياً من الرؤية المصرية لمواجهة الإرهاب الدولى وتحقيق الأمن يتمثل فى ضرورة التنسيق الوثيق بين الدول الصديقة على المستوى الثنائى والدولى من خلال أجهزة الأمم المتحدة. ولقد وفرت عضوية مصر فى مجلس الأمن منذ بداية العام الحالى ورئاستها للجنة مكافحة الإرهاب التابعة له فرصة هامة للتنسيق الكثيف مع الدول المحبة للسلام، من أجل محاولة إرساء بيئة قانونية دولية فعّالة لتعظيم جهود مواجهة الإرهاب والتطرف. وبنفس الالتزام، تحملت مصر مسئوليتها تجاه أمن واستقرار محيطها الإقليمي، حيث شاركت فى التحالف الدولى لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، وستستضيف فى الإطار نفسه مركز مكافحة الإرهاب التابع لتجمع الساحل والصحراء، والذى ينتظر أن يقوم بدور محورى فى تنسيق جهود مكافحة الإرهاب فى القارة الإفريقية.
السيدات والسادة
إن المعركة ضد الإرهاب كما أسلفت ليست معركة أمنية فقط، وإنما هى صراع بين رؤيتين مختلفتين للعالم. وبالتالى فإنى أود ختاماً أن أؤكد على وعينا وإدراكنا أهمية بناء نموذج بديل للأيديولوجيات المتطرفة، بحيث يصبح هذا النموذج التنويرى هدفاً يبذل من أجله شبابنا طاقاتهم الإبداعية ومجهودهم الفكرى سعياً للحفاظ على حريتهم وتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء لهم ولأبنائهم. وفى مسعانا لبناء هذا النموذج الذى يعتمد على التنمية المستدامة وتوفير الحياة الكريمة لمجتمعاتنا، فإننا نمد يد التعاون والتكاتف لكل أصدقائنا الذين يشاركونا هدفنا فى بناء مستقبل مُشرق للحضارة الإنسانية عبر ترسيخ مبادئ التسامح والتعايش وقبول الآخر وبناء الجسور التى تربط بين الحضارات والثقافات المختلفة.
أشكركم مجدداً على هذه الفرصة للحديث أمامكم اليوم، وخالص الشكر للأكاديمية العسكرية الدولية على هذه الاستضافة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.