هناك آفات أخلاقية لا بد للإنسان أن يتخلص منها، وإلا أصبح فريسةً للأمراض النفسية وصار متسمًا بالسلبية في كل أمره ومنشغلا بما لا يفيد؛ ولذا نهانا ديننا الحنيف عن الحسد، فقال نبينا الكريم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا, ولا تباغضوا, ولا تجسسوا, ولا تحسسوا, ولا تناجشوا, وكونوا عباد الله إخوانا"، [البخاري]. الحسد هو تَمَنِّي زوال نعمة الغَيْر، سواء تَمَنَّى الحاسد تَحَوُّل هذه النعمة إليه دون المحسود، أو لم يَتَمَنَّ ذلك، وليس الحسد قاصرًا على ذلك، بل من الحسد فرح المرء لزوال النعمة عن غيره، أو إصابته بمصيبة أو حزنه لحصول غيره على نعمة وخير. قال أحد الحكماء: تجنَّبْ أربعة أشياء تَخْلُص من أربعة أشياء: تجنب الحسد لتتخلص من الحزن، ولا تجالس جليس السوء لتتخلص من الملامة، ولا ترتكب المعاصي لتَخْلُص من النار، ولا تجمع المال لتَخْلُص من العداوة. يقول صاحب الإحياء أبو حامد الغزالي -رحمه الله-: الحسد لا يكون إلا على النعمة، ويكون الحسد مذمومًا إذا تمنى العبد زوال النعمة عن المحسود، أما إذا تمنى أن يكون له مثل أخيه ولا يتمنى أن تزول النعمة عنه، فهذا حسد محمود ويسمى غبطة، والغبطة إن كانت في الطاعة فهي محمودة، وإن كانت في المعصية فهي مذمومة، وإن كانت في الجائز فهي مباحة. وقال النووي رحمه الله: قال العلماء عن الحسد: هو حقيقي: تمني زوال النعمة عن صاحبها، وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصريحة، ومجازي: هو الغبطة وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها، فإذا كانت من أمور الدنيا كانت مباحة، وإذا كانت طاعة فهي مستحبة. وقيل: الحسد تمني زوال النعمة عن صاحبها سواء كانت نعمة دين أو دنيا. وقيل: أن تكره النعم على أخيك وتحب زوالها، فحدُّ الحسد: كراهة النعمة، وحب وإرادة زوالها عن المُنْعَم عليه، والغبطة: ألاّ تحب زوالها، ولا تكره وجودها ودوامها، ولكن تشتهي لنفسك مثلها. والمنافسة: هي أن يرى بغيره نعمة في دين أو دنيا، فيغتم ألا يكون أنعم الله عليه بمثل تلك النعمة، فيحب أن يلحق به ويكون مثله، لا يغتم من أجل المنعم عليه نفاسة منه عليه، ولكن غمًّا ألا يكون مثله. ومن هنا فعندما نتخلى عن هذه الآفات التي نهانا عنها الشرع الحكيم، ينصلح حالنا، ويفرِّج الله تعالى أزماتنا، ويرفع عنا ما نحن فيه من غلاء وبلاء وأدواء، نسأل الله تعالى العفو والعافية، وأن يرزقنا حسن الخلق. لمزيد من مقالات د . جمال عبد الناصر ;