تشهد الشوارع ازدحاما مروريا طوال ساعات اليوم خاصة فى أوقات الذروة ، إلا أنه ازداد بشكل كبير مع بدء الدراسة كما هو متوقع ، ورغم جهود رجال المرور لمحاولة اعادة الانضباط للشارع المصرى لكن يقابل هذا وجود سلوكيات خاطئة للمشاة وقائدى السيارات تتسبب فى وقوع حوادث أو تزيد حالة الارتباك المرورى خاصة فى الشوارع الرئيسية التى يقع بها مدارس كأن يقوم أولياء الأمور بركن سياراتهم فى أماكن خاطئة وبعرض الطريق ، أو عبور المشاة العشوائى وسط السيارات، ومما يعطل الحركة المرورية كذلك التوقف المفاجئ للسيارات أو إبطاء السرعة فجأة مما قد يسبب حوادث . هناك أيضا مناطق حيوية بها تحويلات مرورية بسبب أعمال مترو الأنفاق وأيضا نفق النهضة فى الجيزة ومحور روض الفرج بأغاخان ، وهى مشروعات حيوية تحتاج من المواطنين تحمل المعاناة والصبر لحين الانتهاء منها، لأنها فى النهاية ستكون لمصلحتهم . إذن منظومة المرور تتطلب التعاون بين المواطن من جهة ، سواء مشاة أو قائد سيارة Åعلى برامج التوعية ، فالمسئولية جماعية، وليست فقط على المسئولين وحدهم . فما هو المطلوب لكى يعود الانضباط الى الشارع المصرى ونتلافى نزيف الدماء التى تسيل بسبب الحوادث سواء على الطرق السريعة أو داخل شوارع العاصمة ؟ يقول اللواء عمرو جمجوم، خبير المرور والمدير التنفيذى لمشروع النقل الجماعى للركاب : الزحام فى شوارع القاهرةوالجيزة يمكن أن نرجع أسبابه لعدة عوامل، أولها: الزيادة المطردة فى عدد السيارات الخاصة ، فالترخيص يتم دون قيود، والسيارة لا يستخدمها سوى شخص أو اثنين. ولابد من وضع سياسات واستراتيجيات للحد من الاعتماد على السيارات الخاصة ، ويستتبع هذا تطوير منظومة النقل الجماعى من خلال مترو الانفاق وأتوبيسات هيئة النقل العام ومركبات السرفيس ، وأن تأخذ منظومة النقل العام الأولوية فى التخطيط . ويضيف : العامل الآخر للازدحام المرورى راجع للزيادة السكانية الكبيرة ، والقاهرة على سبيل المثال بها 12مليون نسمة ، ويفد اليها يوميا مليونا مواطن ، وبالتالى فالطلب على النقل بها كبير وهذا يفسر سبب الازدحام المرورى ، خاصة أن وسائل النقل قاصرة عن تلبية حاجة المواطنين، وعندما يكتمل مشروع العاصمة الادارية الجديدة سوف يخفف العبء عن القاهرة . ولا نستطيع ان نغفل دور مترو الأنفاق فى استيعاب عدد كبير من المواطنين يصل الى 3.4مليون راكب يوميا، أما السرفيس فيمثل 30% من حجم الرحلات اليومية للقاهرة ، حيث ينقل ثلاثة ملايين مواطن ، وأتوبيسات النقل العام حدثت بها طفرة يلمسها المواطن بنفسه. وأوضح أن كل العواصم الكبرى تعانى الزحام المرورى وليس القاهرة فقط ، فالزحام ملحوظ فى طوكيو ونيويورك وداكار بالسنغال وبومباى بالهند وغيرها من المدن الكبرى التى بها كثافة سكانية ، لكن الفارق فى الوعى المرورى لدى المواطنين، وفى الأولوية فى التخطيط من جانب الحكومات وحجم الميزانية المخصصة لمنظومة المرور سواء بانشاء «كبارى» وأنفاق أو من حيث سلوكيات المواطنين والتوعية، وتدريب الأفراد والامكانات فى ادارة المرور من أجهزة لاسلكية للربط بين الشبكات وكاميرات تصوير المخالفات والتعامل السريع مع الأعطال . نحن فى مصر مازلنا نخطط للسيارات الخاصة والمفروض أن نغير هذا الفكر فى التخطيط بالاعتماد على وسائل النقل الجماعي، وفى رأيى ستتحقق طفرة عندما يكتمل العمل فى الخطين الاقليميين الثالث والرابع لمترو الانفاق لنقل الحركة السطحية لباطن الأرض، وهذا سوف يستوعب أكبر عدد من الركاب وقتها، لكن الميكروباص محدود وعدد مركباته حاليا 9683 سيارة غير قابلة للزيادة بسبب قرار مجلس الوزراء فى هذا الشأن منذ عام 1999 بعدم ترخيص أى سيارات جديدة بعداد أو دون عداد على مستوى القاهرة تاكسى أو ميكروباص ، ونتيجة لهذا القرار تم فتح الباب الخلفى أمام سيارات الرحلات أو سيارات الركوب ذات (8ركاب ) وهى مرخصة ملاكى لكنها تقوم بنقل المواطنين . والحل فى رأيى ان تكون مشكلة النقل والمرور فى المرتبة الثالثة عند وضع الخطط القومية والسياسات بعد الغذاء والاسكان ، وذلك لأنها متعلقة بحياة المواطن اليومية وللتقليل من عدد الحوادث التى تقع ، فيوميا يوجد ضحايا ومتوسط63مصابا فى حوادث الطرق بخلاف مليارات الجنيهات التى تنفق فى علاج المصابين واصلاح التلفيات فى المركبات الناتجة عن الحوادث . ويطالب اللواء عمرو بضرورة تغليظ العقوبات بدفع غرامة مضاعفة للانتظار فى الممنوع ، والسير عكس الاتجاه ، وغيرها من السلوكيات الخاطئة لقائدى السيارات ، وتحديد كمية معينة للبنزين المدعم للحد من اعتماد المواطن على سيارته الخاصة فى تنقلاته والاعتماد على النقل الجماعى وهذا يحقق العدالة الاجتماعية التى ننشدها جميعا . التحويلات المرورية ضرورية مصدر رفيع فى الادارة العامة لمرور الجيزة تحدث عن الوضع فى الشارع قائلا : لا توجد مشكلات مرورية كبرى لكن معاناة الجيزة تتمثل فى وجود نحو 1400 مدرسة أغلبها فى المنطقة الحضرية ومتمركزة على الطرق الرئيسية للمحافظة ، وأمام كل مدرسة وقت خروج الطلاب يتجمع أولياء الأمور لتوصيل أبنائهم فنجد أغلبهم مشاة يعرقلون حركة المرور ويسيرون أمام السيارات ، ومن معه سيارة يتركها بالعرض أو صفا ثانيا وثالثا فى انتظار خروج ابنه من المدرسة ، وهى مشاهد يومية متكررة فى الصباح وعند نهاية اليوم الدراسى ، وبسببها من الصعب وجود سيولة مرورية . وقال إن الخدمات المرورية موجودة ولا يوجد انتظار لكن الاعاقة تحدث بسبب سلوكيات خاطئة ناتجة عن عدم وجود وعى مرورى لدى المواطن ، وهذا يدعونا للاهتمام بهذا الموضوع . وأوضح أن هناك تعديلات مرورية فى المحافظة بسبب تنفيذ مشروعات قومية منها على سبيل المثال نفق النهضة الذى يتم فى منطقة حيوية بشارع النيل وجامعة القاهرة ، ومن الطبيعى أن يحدث ازدحام مرورى للسيارات المقبلة من شارع البحر الأعظم وفيصل والهرم والمتجهة لشارع النيل ( 3حارات )، وسوف يستغرق العمل فى النفق ثمانية أشهر ، ومع التحويلات المرورية تم عمل خدمات مرورية مكثفة عبارة عن ستة قطاعات بكل قطاع ضابط وونش وموتوسيكل من السادسة صباحا تحت اشراف مدير مرور الجيزة شخصيا ، ومن المفترض أن يتعاون المواطن معنا ويتحمل لحين الانتهاء من النفق وهو قادم من الجلاء لميدان الجيزة ومن مطلعه للجامعة وستتحقق طفرة سيشعر بها المواطن . مواجهة حوادث الطرق مشكلة أخرى نتناولها فى هذا التحقيق ، فقد اعتدنا أن نسمع عن وقوع حوادث على الطرق السريعة يروح ضحيتها الكثير من القتلى والمصابين ، لكن أن يقع هذا فى شوارع العاصمة وبالتحديد بمدينة نصر فى حادث اصطدام سيارة نقل عام بميكروباص ويتوفى فيها عدد كبير والسبب سلوكيات خاطئة لسائقى المركبات بالسير عكس الاتجاه . هذا الحادث جعلنا نتساءل : صندوق مكافحة الادمان للكشف عن التعاطى المنتشر بين فئة من السائقين هل يمكن ان يحقق طفرة فى هذا الشأن ؟ يجيب عن السؤال الدكتور عمرو عثمان، المدير التنفيذى للصندوق، قائلا : بالفعل حققنا نتائج جيدة بين سائقى حافلات المدارس على مستوى الجمهورية منذ وقوع حادثة البحيرة عام 2014، انخفضت نسبة التعاطى بين سائقى الحافلات المدرسية الى 12% ثم العام الماضى نزلت الى 9% وأجرينا الكشف على 3500سائق ، العام الدراسى الحالى بعد اجراء الكشف على السائقين تبين وجود تعاط فى فئة نسبتها 3% فقط ، فقد خضع للتحليل 5530سائقا ظهر بينهم 18حالة تعاط . هذا دليل على أننا نسيطر على هذه الفئة من السائقين ، ويساعدنا تعاون الأهالى فعند ملاحظة أى سلوك من سائق حافلة يتم الابلاغ وننتقل على الفور ونخضعه للتحليل ، وهناك بلاغات عديدة ايجابية فى هذا الموضوع تم التعامل معها بكل جدية، الفئات الأخرى من السائقين ليست تحت سيطرتنا ، أما سائقو الحافلات المدرسية فقد تم توقيع بروتوكول بشأنهم بين الصندوق ووزارات الداخلية والصحة والتعليم . أما السائقون على الطرق السريعة فينحصر دور الصندوق فى تدعيم الادارة العامة للمرور فى الكواشف ومن خلالها يمكنهم تنفيذ الحملات، وقد تم بالفعل الكشف على 20ألف سائق وانحصر عدد من يتعاطى المخدرات منهم من 24% الى 17% حاليا . وقال : ينقصنا تعديلات تشريعية لتعديل العقوبات بتغليظها لتكون رادعة وتكون أكثر فاعلية بسبب وجود ثغرات فى التشريعات الحالية تجعل السائق المتهم يحصل على براءة ، وأدلل على أهمية عامل الردع اننا فى التعامل مع ملف سائقى المدارس كنا نبلغ النيابة العامة ونباشر القضايا باهتمام ، لذلك ظهر فى الخط الساخن للصندوق اتصالات من سائقين يطلبون العلاج ، كما ان التوعية المرورية مطلوبة بشدة وتنسيق بين كل الجهات المعنية