صفة من أهم الصفات التى تورث الألفة والمودة بين الناس, حيث يقول الحق سبحانه مخاطبًا سيدنا وحبيبنا محمدًا صلى الله عليه وسلم: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ», ويقول سبحانه: «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ». وقد قال أحد الحكماء يوصى ابنه: أطع قومك يحبوك, وألن لهم جانبك يسودوك, وأكرم صغيرهم يكرمك كبيرهم وينشأ على محبتكم صغيرهم. وقد أمرنا الإسلام بلين الجانب فى نصح الآخرين حتى لو كانوا طغاة، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى مخاطبًا سيدنا موسى وسيدنا هارون عليهما السلام : «اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى * قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى *قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِى مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى»، ويقول سبحانه:» ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ»، ويقول سبحانه: «وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً» (البقرة: 83)، ويقول سبحانه وتعالى: «وَقُل لِّعِبَادِى يَقُولُواْ الَّتِى هِيَ أَحْسَنُ»، ويقول سبحانه: «وَلا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ»، وقد قالوا: البر شيء هين وجه طلق وقول لين، وعن عبدالله بن عمرو بن العاص (رضى الله عنهما) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إِنَّ فِى الْجَنَّةِ غُرْفَةً يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا ، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا»، فَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: «لِمَنْ أَلَانَ الْكَلَامَ ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ ، وَبَاتَ لِلَّهِ قَائِمًا وَالنَّاسُ نِيَامٌ»، وعن ابن مسعود (رضى الله عنه) أنه (صلى الله عليه وسلم ) قال: «حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ»، وعن أبى هريرة رضى الله عنه، أنه صلى الله عليه وسلم قال: «الكَلِمَةُ الليِّنة صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ - أو قال إلى المسجد - صَدَقَةٌ». فالمسلم سهل هين لين يألف ويؤلف، والكافر فظ غليظ عتل جبَّار لا يألف ولا يؤلف، وقد قالوا: لا خير فى من لا يألف ولا يؤلف. وفى مقابل اللين، وخفض الجناح، تأتى الغلظة والشدة والعتو والتجبر، والكبر والاستعلاء، وكل تلك صفات أهل النار وأهل الضلال، فعن أَبى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:«تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ : فَمَا لِى لَا يَدْخُلُنِى إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَغِرَّتُهُمْ، قَالَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ: إِنَّمَا أَنْتِ رَحْمَتِى أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِى أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِى، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا», وعن حارثة بن وهب رضى الله عنه أنّه سمع النّبيّ يقول: «ألا أخبركم بأهل الجنّة؟ قالوا: بلى, قال صلّى الله عليه وسلّم: «كلّ ضعيف متضعّف. لو أقسم على الله لأبرّه، ثمّ قال: «ألا أخبركم بأهل النّار؟» قالوا: بلى. قال: «كلّ عتلّ جوّاظ مستكبر», والجواظ سيئ الخلق المختال فى مشيه, وكان سيدنا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه يقول: «من تواضع لله تخشّعا رفعه الله يوم القيامة, ومن تطاول تعظّما وضعه الله يوم القيامة», وعن عبد الله بن هبيرة أنّ سلمان سئل عن السّيّئة الّتى لا تنفع معها حسنة؟ قال: «الكبر». لمزيد من مقالات د . محمد مختار جمعة ;