المصريون ليسوا غرباء عن الفقر، يعرفونه ويعرفهم جيدا، وعاشوا تاريخهم الطويل يتحايلون على قسوته ومهانته و«كسرته» للنفوس. تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، الذى صدر الأسبوع الماضى بمناسبة اليوم العالمى للفقر، أظهرت أرقامه ارتفاع نسبة الفقر فى مصر إلى 27.8% فى عام 2015، بعد أن كانت 25٫2% فى عام 2011. الذى يوجع فى أرقام التقرير، هو ارتفاع نسبة الفقر المدقع، لتصل إلى 5.3% من السكان خلال عام 2015، بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وهو أمر يثير القلق، إذ إن عام 2016 وحده شهد ارتفاعا فى الأسعار، لم يحدث من قبل بهذا الاطراد السريع، مما يعنى زيادة نسبة الفقراء المدقعين. وإذا كان الفقر هو عدم القدرة على الوفاء بالاحتياجات الاساسية للفرد، فالفقر لا يعنى قلة الدخل فحسب، وإنما الحرمان من الخدمات الأساسية. ما يثير الدهشة فى التقرير، بل ويدعو لضحك كالبكاء ، هو أن البيان اعتبر أن 322 جنيها، هو متوسط قيمة خط الفقر المدقع للفرد فى عام 2015، فى حين أن 482 جنيها هى قيمة خط الفقر الكلى للفرد فى الشهر. يا أسيادنا فى الجهاز: معقول أن تكلفة حياة الفقير، سواء كان على الخط «المدقع» او الخط «الكلى» تتراوح ما بين 322 و482 جنيها؟! كان يجب أن يقدم الجهاز فى نهاية بيانه، ملحقا إرشاديا، عن كيف يعيش مواطن ب322 جنيها فى الشهر، حتى ولو كان «مدقعا»!. فى الختام .. يقول أبو ذر الغفارى «إذا سافر الفقر إلى مكان ما، قال الكفر خذنى معك». لمزيد من مقالات محمد حسين;