◄الموسيقى الأمريكى الفائز:أعرف ما أقول.. إنه بسيط جدًا فى عقلى فاجأت الأكاديمية السويدية الأوساط الأدبية بإعلانها فوز المؤلف الموسيقى والمغنى الأمريكى الشهير بوب ديلان (75 عاما) بجائزة نوبل للآداب الخميس الماضي، وذلك فى أول مرة تمنح الجائزة لمؤلف موسيقي، وأرجعت الأكاديمية سبب منحها الجائزة لديلان لكونه « ابتكر تعابير شاعرية جديدة داخل التقليد الغنائى الأمريكى العظيم». ولا تعد تلك هى المفاجأة الأولى للجائزة بمنحها لشخصية من خارج الوسط الأدبي، فقد منحت الجائزة العام الماضى للكاتبة الصحفية البيلاروسية سفيتلانا أليكسيفيتش على أعمالها المتعددة التى وثقت من خلالها حقبة تاريخية مهمة من تاريخ روسيا ، وجاء فوز ديلان هذا العام ليرسخ اعتقادا لدى كثيرين بأن «نوبل» بدأت بالفعل فى كسر القوالب التقليدية لمؤهلات من يفوز بها ومعايير الاختيار خاصة بعد استبعاد ترشيحات لأسماء أدبية شهيرة لها ثقل على المستويين المحلى والعالمى كاليابانى هاروكى موراكامى والفرنسى ميلان كونديرا والسورى أدونيس، بالإضافة إلى ما ظهر جليا من انفتاح الجائزة على ألوان جديدة لا يمكن تصنيفها فى الشائع كأعمال أدبية . وبوب ديلان هو مغن وملحن وشاعر وفنان أمريكي، ويعد شخصية مؤثرة فى الموسيقى والثقافة الشعبية الأمريكية لأكثر من خمسة عقود. والكثير من أعماله الأكثر شهرة كتبها وتغنى بها بالستينات من القرن الماضي، وتضج كلمات أغانيه بقدر كبير من الحكمة والاحتجاج، فقد أتى ديلان من الطبقة العاملة والمضطهدة بأمريكا، كما تم استخدام بعض أغانية كنشيد لحركة الحقوق المدنية للأفارقة الأمريكيين والحركة المناهضة لحرب فيتنام، وتميز بغنائه العديد من الألوان الموسيقية، وتضمنت كلمات أغنيات ديلان مجموعة متنوعة من التأثيرات السياسية والاجتماعية والفلسفية والأدبية. بعزفه على الجيتار والبيانو والهارمونيكا تحدى ديلان بموسيقاه وأغانيه مظاهر وممارسات الظلم الاجتماعى والحروب والعنصرية وتبنى خلالها قيم التحرر والتمرد، فاشتهر سريعا كناشط بارز فى مجال الدفاع عن الحقوق المدنية، ويعد ديلان من رموز الثقافة الأمريكية المضادة والتقدميةفى مواجهة الفكر الرأسمالى الأمريكى والسياسة الرسمية والظلم وغياب العدالة. وربما كان للحقبة التاريخية التى نشأ وبرز فيها ديلان دور فى شهرته، نظرا لتأثره بالظروف السياسية والاجتماعية التى وجد جيله بأكمله فى مواجهتها، حيث كان عصر المعارضة الأمريكية بامتياز، سواء كانت معارضة التمييز العنصرى أو معارضة حرب فيتنام، وكان ديلان يحلم بأن يكون له بصمته الخاصة، ونجح بالفعل فى ذلك، فحول موسيقاه إلى مقاومة وتمرد لكل ما يرفضه. واسمه الحقيقى هو روبرت زيمرمان وغيره إلى بوب ديلان تيمنا بالشاعر ديلان توماس المعروف بنزعاته الروحية والصوفية، وسجل عددا مذهلا من الأعمال بلغ 300 أغنية فى السنوات الثلاث الأولى من مسيرته الفنية، استهواه الشعر والأدب بصورة عامة وكان متأثرا بالأديب والروائى جون شتاينبك، و ترجمت قصائد ديلان الغنائية لكثير من اللغات. ومن أشهر أغانيه «الإعصار» أو «الطرق على أبواب الجنة» التى انتقد فيها الحرب، وكذلك أغنية «فى مهب الريح» التى قال فيها :» كم من طريق يجتاز الإنسان قبل أن يُدعى إنساناً؟..كم من بحر تعبر الحمامة البيضاء قبل أن يتسنى لها النوم على الرمال؟..أجل..وكم من القنابل ينبغى أن تقذفها المدافع.. قبل أن تُحظرَ إلى الأبد؟.. الجواب يا صديقى كمن ينفخ فى وجه الريح»، وقد أشارت صحيفة الإندبندنت لتلك الأغنية خلال مقال بعنوان «70 سبب يشرحون الأهمية الفائقة لديلان فى تاريخ البوب الأمريكي»، فجاءت تلك الأغنية ضمن تلك الأسباب. وفى إحدى المقابلات معه يقول ديلان: «أنا لست مهتمًا بنفسى باعتبارى مؤديًا. المؤدون هم أناس يؤدون لأناس آخرين. على عكس الممثلين، أعرف ما أقول. إنه بسيط جدًا فى عقلي، لا يهم نوع رد فعل الجمهور الذى قد يحصل. ما يحدث فى المسرح واضح، ولا أتوقع من خلاله أى جوائز أو أشياء جيدة من أى نوع من مثيرى الشغب. الأمر فائق البساطة، وسوف يكون موجودًا لو كان هناك من يشاهد أو لا». ويضيف فى مقابلة أخري: «أغنياتى ليست أحلام. إنهم أكثر من مجرد استجابة طبيعية...بالنسبة لي، عندما كنت فى حاجة إليها، فإنها تظهر. حياتك لا يجب أن تكون فى حالة اضطراب لكتابة أغنية من هذا القبيل ولكن عليك أن تكون خارجها. هذا هو السبب في أن الكثير من الناس، وأنا منهم، يعتقدون أن كتابة الأغانى لها شكل واحد». باع ديلان أكثر من 100 مليون أسطوانة فى جميع أنحاء العالم، مما جعل منه واحدًا من الفنانين الأكثر مبيعًا من أى وقتًا مضي. وقد تلقى العديد من الجوائز بما فى ذلك، 11 جائزة جرامي، وجائزة أوسكار واحدة، وجولدن جلوب واحدة، وفى مارس 2012 تلقى ديلان وسام الحرية الرئاسى من الرئيس باراك أوباما، وأول ألبوم له صدر فى عام 1962.