رئيس المنتدى الزراعي العربي: التغير المناخي ظاهرة عالمية مرعبة    هشام نصر يوجه الشكر إلى اللجنة المنظمة لبطولة إفريقيا للأندية أبطال الكؤوس    حمادة أنور ل«المصري اليوم»: هذا ما ينقص الزمالك والأهلي في بطولات أفريقيا    بالمخالفة للدستور…حكومة الانقلاب تقترض 59 مليار دولار في العام المالي الجديد بزيادة 33%    بالصور.. نائب محافظ البحيرة تلتقي الصيادين وتجار الأسماك برشيد    عباس كامل في مهمة قذرة بتل أبيب لترتيب اجتياح رفح الفلسطينية    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    بيان مهم للقوات المسلحة المغربية بشأن مركب هجرة غير شرعية    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    قناة الحياة تحتفل بعيد تحرير سيناء بإذاعة احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    مباشر الدوري الإنجليزي - برايتون (0)-(3) مانشستر سيتي.. فودين يسجل الثالث    «ترشيدًا للكهرباء».. خطاب من وزارة الشباب ل اتحاد الكرة بشأن مباريات الدوري الممتاز    "انخفاض 12 درجة".. الأرصاد تكشف موعد انكسار الموجة الحارة الحالية    أحمد عبد الوهاب يستعرض كواليس دوره في مسلسل الحشاشين مع منى الشاذلى غداً    محمد الباز: لا أقبل بتوجيه الشتائم للصحفيين أثناء جنازات المشاهير    عبد العزيز مخيون عن صلاح السعدني بعد رحيله : «أخلاقه كانت نادرة الوجود»    دعاء قبل صلاة الفجر يوم الجمعة.. اغتنم ساعاته من بداية الليل    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على مواقيت الصلاة غدًا في محافظات الجمهورية    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    انخفضت 126 ألف جنيه.. سعر أرخص سيارة تقدمها رينو في مصر    جوائزها 100ألف جنيه.. الأوقاف تطلق مسابقة بحثية علمية بالتعاون مع قضايا الدولة    هل الشمام يهيج القولون؟    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    وزارة التموين تمنح علاوة 300 جنيها لمزارعى البنجر عن شهرى مارس وأبريل    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    10 ليالي ل«المواجهة والتجوال».. تعرف على موعد ومكان العرض    يمنحهم الطاقة والنشاط.. 3 أبراج تعشق فصل الصيف    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    افتتاح مبهر للبطولة الإفريقية للجودو بالقاهرة    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    عودة ثنائي الإسماعيلي أمام الأهلي في الدوري    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    النيابة العامة في الجيزة تحقق في اندلاع حريق داخل مصنع المسابك بالوراق    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    تأمين امتحانات الترم الثاني 2024.. تشديدات عاجلة من المديريات التعليمية    «الداخلية»: ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب 42 مليون جنيه خلال 24 ساعة    "ميناء العريش": رصيف "تحيا مصر" طوله 1000 متر وجاهز لاستقبال السفن بحمولة 50 طن    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    التجهيزات النهائية لتشغيل 5 محطات جديدة في الخط الثالث للمترو    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    مدحت العدل يكشف مفاجأة سارة لنادي الزمالك    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. إيقاف قيد الزمالك وبقاء تشافي مع برشلونة وحلم ليفربول يتبخر    الهلال الأحمر يوضح خطوات استقبال طائرات المساعدات لغزة - فيديو    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجل الاستقامة

الشخصيات الفذة المؤثرة فى محيطها العملى والانسانى تسبقهم دائما سيرتهم العطرة، وسجاياهم ومناقبهم الحميدة والرفيعة، وتتصدرها استقامتهم المهنية والحياتية، وما أن نفقد واحدًا من هؤلاء النبلاء فان احساسنا بالخسارة يكون كبيرًا وموجعًا، لأنه سيصبح من العسير تعويضه، فهم عملات نادرة قلما يجود زمننا الرمادى بمثلها.
الأسبوع الماضى فقدنا عزيزًا منهم، هو الأستاذ محمود عارف، نائب رئيس تحرير الأخبار، الذى أمضى سنوات عمره المديد فى بلاط صاحبة الجلالة حارسًا أمينًا وفيًا لقضايا التعليم وهمومه التى لا تنتهي، ويعد من القلائل المعدودين على أصابع اليد الواحدة الذين يشار إليهم بالبنان ولاسهاماتهم السخية عند الحديث عن الآباء المؤسسين لمسيرة اصلاح التعليم خلال ال 30 عامًا المنصرمة، ولدينا توثيق كامل شامل لهذه الاسهامات المدونة فى بابه الشهير «أخبار الجامعات»، الذى كان منصة انطلاق برزت عبرها أسماء باحثين وأساتذة لمعوا وأصبحوا ملء الاسماع والابصار لاحقا، وتحولوا إلى نجوم ساطعة تتلألأ فى الفضائيات والجامعات الحكومية والخاصة، وعبر مقالاته الثرية فى صفحة الرأى صباح كل خميس.
حياة الراحل كانت سلسلة متصلة من الحملات والمعارك الصحفية النزيهة الخالية من اللهث خلف المناصب، ومحاولات نيل الحظوة عند أولى الأمر الذين بيدهم منح الهدايا والعطايا والسفريات للداخل والخارج، إن كنت مطيعًا قادرًا على استثمار المساحات المخصصة لك فى صحيفتك، أو مجلتك لاصطياد المغانم والخيرات والأموال المتدفقة من اتجاهات ومنافذ عدة.
استطاع فعل ذلك وأكثر لأنه كان كتلة صلبة من الاستقامة، فلم يحد يوما عن مبادئه لارضاء سين أو صاد من زملاء المهنة، أو المسئولين مهما ارتفع شأنهم، وظل حريصًا على ترك مسافة فاصلة بينه وبين وزراء التعليم المتعاقبين ورؤساء الجامعات وكل من لهم علاقة بالقطاع التعليمى وغيره، حتى يكتب ويقول ما يريده بحرية وصدق دون أن تربكه حسابات ومعادلات من قبيل أن ما سوف ينشره سيغضب فلانا أو علانا، فتفكيره كله كان متجها للوفاء بأمانة الكلمة ومدى نفعها للناس، واحترامه لذاته ولأفكاره التى كان مؤمنا ايمانا صادقا لا يتزعزع بها. ولم تضعف عزيمته يوما أو يلن جانبه أمام الاغراءات ومحاولات استمالته، فصوت الحق كان أقوى من أى اغراء يُعرض عليه، ولم يشعر فى أى وقت من الأوقات بالندم على موقف اتخذه وتحمل تبعاته مهما كانت فادحة، فقد تميز بالرضا الشديد بالمقسوم له، فاحترام النفس فى نظره أثمن وأعلى قيمة من المال والجاه والعز المقيم.
لذلك فإنه كان صارما فى التمسك بما يراه صوابا لدرجة كنت أشفق عليه من فرط ما يثقل به كاهله، لا سيما وأنه كان يواجه مافيا التعليم التى لا ترحم ويدها طويلة كما نعلم، وكم من مرة أبدى تحسره على عدم تجاوب السادة المسئولين مع المطروح من خطط لتطوير مناهجنا التعليمية البالية العقيمة، وطرق وأساليب إعداد المدرسين والارتقاء بمستواهم، وأن يتخرج من جامعاتنا طلاب أكفاء مهرة يمتلكون نواصى تخصصاتهم. وكان بيده كشف كثير من الخفايا والأسرار المحرجة للجالسين على المقاعد الوثيرة، لكنه كان يتعفف عن الانحدار لمثل هذا المستوى المتدني، خاصة أن بعضهم كان يقول فى العلن شيئا ويفعل عكسه فى الخفاء.
ولا يمكن لأى شخص منصف إغفال دوره الرائد فى تبنى قضية أرباب المعاشات من الصحفيين، حيث قاد حملة قوية لرد اعتبار من خدموا الصحافة ومنحوها زهرة شبابهم وعصارة جهدهم، فإذا بهم يحصلون بعد أعوام الشقاء على ملاليم لا تكفى سد احتياجاتهم الأساسية، ولا تتناسب مع مقاماتهم وعطائهم، ولا مع الارتفاع المطرد فى الأسعار، وعارض بشدة القاعدة المتبعة فى نقابة الصحفيين أن من يمنح معاشا منها يحرم من النشر الصحفي، ولا يحق لهم مواصلة العمل فى صحفهم التى تعتبر المتنفس لهم ولطاقاتهم وأكسجين الحياة بالنسبة لهم، ولم يسأم من متابعة دعوته لابداء التقدير اللازم والمستحق لهم بدلا من معاملتهم على طريقة خيل الحكومة عند بلوغهم سن الشيخوخة. ولا يخفى علينا أننا فى مصر لم نخط بعد مسارًا يعتد به نستطيع بواسطته الاستفادة من الخبرات المتراكمة، واستفادتنا منهم ليست خصما من حق الشباب وصغار السن فى إعطائهم فرصتهم فى البروز واثبات ذواتهم وقدراتهم وتصعيدهم للمواقع القيادية الحساسة وغير الحساسة، فأزمتنا أننا نهوى أسلوب التجزئة عند تعاملنا مع تاريخنا وخبراتنا، فالتاريخ فى نظرنا ليس حلقات متصلة ببعضها البعض، وأن احداها تقودك للأخري، لهذا نفتقد الجانب التراكمى فى مساعينا للتقدم والنهوض، فكل من يحل فى موقع قيادى يفضل البدء من نقطة الصفر، وليس البناء على الجيد والمفيد الذى تركه من سبقوه، فالكل يرفع شعار أنا ولا احد غيري، ولا يعنيه فى معظم الاحيان الصالح العام ومصلحة وطننا الباحث عن التنمية والتحديث.
اعتزاز الراحل بنفسه وبقلمه أكسبه احترام وتقدير من عرفه وأيضا ثقتهم، وكانوا يتسابقون للإنصات لمشورته فى العديد من الموضوعات المهمة، ومن هنا نستخلص الدرس المتمثل فى أن الاتساق مع النفس هو الميراث الحقيقى الثمين الذى نتركه خلفنا بعد مغادرتنا لدنيانا الفانية، وأن من يعيش لأجل الحق والصدق تبقى ذكراه حية نابضة فى قلوب وأذهان الناس، فتحية إكبار وإجلال للمحترم محمود عارف الذى لم يحن هامته سوى لرب الكون، وتمسك بالحق حتى يومه الأخير فى عالمنا المتلون.
[email protected]
لمزيد من مقالات محمد إبراهيم الدسوقى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.