حلق طائر الأحزان علي سماء حياتهم في لمح البصر وانفرطت عقود فرحتهم بالعيد في أبيار الإهمال واللامبالاة ودفعت الطبيبات الثلاث أرواحهن ثمنا للتهور والاستخفاف بأرواح البشر وتناثرت أجسادهن في الهواء وارتوي ثري الأرض بغيث دمائهن الطاهرة ورحلن عن الحياة ليتركن وراءهن ذكري أليمة. ارتبطت الطبيبات الثلاث منذ صغرهن والتحقن بنفس المدرسة وتعاهدن علي التفوق والالتحاق بكلية الطب حتي يتزين بالبالطو الأبيض وبعدها بثوب الزفاف وكبر الحلم حتي تحقق والتحقن بنفس الكلية وتخرجن ويشاء القدر أن يجتمعن داخل مستشفي واحد لقضاء سنة الامتياز ومن فرط حبهن وتعلقهن ببعضهن أصررن علي الإقامة في غرفة واحدة داخل مسكن الأطباء بالمستشفي إلا أنهن تناسين الاتفاق علي شيء واحد وهو الموت معا وذلك ما دبره القدر لهن وكأنه خشي عليهن من أحزان الفراق ووجع البعاد وفضل الموت لهن في لحظة واحدة. رفضت الطبيبات الثلاث ترك عملهن لقضاء إجازة العيد بين أسرهن وأصررن علي البقاء داخل المستشفي لمباشرة المرضي وفجأة اكتشفن أن أيام العيد مرت دون ان يشاهدن الشارع ولم يتناولن قطعة لحم مثل باقي البشر وانتهزن فرصة خلو قسم الاستقبال من المرضي وخلعن البالطو الأبيض وهرولن للشارع لتناول الغداء في احد المطاعم الشهيرة بطنطا وبعد أن فرغن من تناولهن غداءهن خرجن ليتوجهن الي المستشفي بعد تلقيهن عددا من المكالمات من رئيس قسم الاستقبال يطلب منهن العودة لمباشرة المرضي وركضن علي الرصيف لعبور الشارع وتصادف مرور زفة عروسين وكأنه موكب ملكي عشرات من الدراجات البخارية تتراقص يمينا ويسارا وترتفع في الهوا مثل الفراشة وخشيت الطبيبات علي أنفسهن وتعلقن ببعضهن في انتظار مرور الموكب الزفافي إلا أن سيارة طائشة يقودها شاب أهوج كان يترنح يمينا ويسارا للتباهي أمام زملائه بأنه قائد ماهر ويحترف عمل أكروبات الموت أطاح بهن عندما اختلت في يده عجلة القيادة واعتلي الرصيف والطبيبات الثلاث أسفل عجلات سيارته وتبدلت أصوات الزغاريد إلي صراخ وعويل وتخض ب البالطو الأبيض بالدماء النقية.