تتنامي الدعوة الي مقاطعة الجولة الثانية في انتخابات الرئاسة بالامتناع عن الذهاب الي الصناديق يوم الانتخاب, أو الذهاب من أجل إبطال الأصوات بوضع علامة خطأ أمام اسمي المرشحين محمد مرسي وأحمد شفيق إمعانا من جانب المبطلين لأصواتهم في التأكيد علي أنهم اختاروا موقفا إيجابيا من شأنه أن يقلل الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها كلا المرشحين, بحيث لا يحقق الفائز في انتخابات الإعادة سوي الحد الأدني من الأصوات الذي يضعف شرعيته وينتقص من جدارة استحقاقه لأن يكون رئيسا لكل المصريين. ويأمل المقاطعون والمبطلون ان يتحصلوا علي ثلاثة ملايين صوت باطل من أصوات الملايين الثمانية الذين صوتوا لحمدين صباحي وأبو الفتوح, لإعتقادهم أن من صوتوا لعمرو موسي أكثر ميلا للتصويت لصالح المرشح أحمد شفيق. ومع احترامي لحق المقاطعين والمبطلين إلا ان المقاطعة وإبطال الأصوات تمثل نوعا من الترف والإسراف الشديد في تبديد أصوات الناخبين في دولة تخطو علي أول الطريق لتحقيق ديمقراطية كاملة تنهض علي إنتخابات حرة ونزيهة, لأن الانتخابات البرلمانية والرئاسية لا تجري دائما بين الفاضل والأفضل أو بين الحسن والأكثر حسنا, ولكنها شأن قرارات عديدة في حياتنا اليومية تلزمنا المفاضلة بين الممكن وغير الممكن أو بين الأسوأ والأقل سوءا, هذا هو ناموس الحياة يفرض علينا الذهاب الي الصناديق لمفاصلة نسبية, تنطوي في جزء كبير منها علي الاختيار بين الدولة المدنية التي تقبل بتداول السلطة والدولة الدينية التي يقبع علي رأسها مرجعية دينية وسياسية تضعها الجماعة في موقع أعلي من الرئيس, وربما تكون المفاضلة ايضا بين مرشح يمكن إسقاطه بعد دورة رئاسته الاولي, لأنه فشل في تطبيق برنامجه, ومرشح آخر يحمل مشروعا متكاملا من جانب جماعته لتغيير هوية الدولة المصرية وإعادة تركيب كل مؤسسات الدولة وفق رؤية الجماعة, بما في ذلك الداخلية والتربية والتعليم والأوقاف والعدل والاقتصاد والخارجية ومؤسسات الصحافة والإعلام التي ربما تكون أول من يتعرض للصدمة. وأيا كان الأمر فما يهمنا بالفعل أن ينزل المصريون بكثافة الي الصناديق يوم الانتخاب, يستخدمون عقولهم وقلوبهم وجوانحهم في المفاضلة بين المرشحين, لا يقاطعون ولا يبطلون وسواء اختاروا مرسي او شفيق, فالصندوق في النهاية سوف يأتي معبرا عن ارادة شعب أصبح يملك قراراه في يده, ولم يعد يسهل الضحك عليه, ولا يزال يرفض التكويش علي كل السلطات لان السلطة المطلقة مفسدة مطلقة. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد