بعيداً عن العيون ... تشهد القارة الأفريقية ... والساحة العالمية ... صراعاً بين كل من مصر وجنوب أفريقيا ... على زعامة القارة ... ولعل أهم أسباب ذلك الصراع، الخفي، بين هاتين الدولتين العظميين، هو من سيمثل قارة أفريقيا، في الفترة المقبلة، ويحتل المقعد الدائم في مجلس الأمن... وهو ما سيعد انتصاراً جديداً لمصر، وتتويجاً لها للمرة السادسة في القارة الأفريقية؛ حيث سبق أن حصلت على العضوية غير الدائمة خمس مرات من قبل، كان آخرها في أكتوبر الماضي، لتمثل مصر القارة الأفريقية لعامي 2016 و2017. ومن هذا المنطلق عرضت محطة CNBC، مؤخراً تقريراً عن هذا الصراع غير المعلن بين الدولتين، تحت عنوان «خسائر جنوب أفريقيا ... مكاسب لمصر»، تناولت فيه المحطة أبعاد التدهور الاقتصادي الذي تشهده، حالياً، دولة جنوب أفريقيا، والتي كانت حتى عهد قريب، ثاني أكبر اقتصادات قارة أفريقيا. وطبقاً لتحليل محطة CNBC، فإن دولة جنوب أفريقيا قد شهدت فترة اضطراب اقتصادي، بدأت في يناير 2016، بعد شهر واحد من إعادة تعيين Pravin Gordhan وزيراً للمالية؛ فقد تراجعت الصادرات بصورة كبيرة، محدثة هزة اقتصادية للبلاد، وذلك تزامناً مع المخاطر السياسية التي تهدد كيان رئيس الدولة Jacob Zuma. ومع تراجع العملة، فقدت جنوب أفريقيا بريقها بالنسبة للمستثمرين، خاصة بعد إعلان الحكومة الانكماش الاقتصادي في الربع الأول من عام 2016، مما أدى إلى تراجع ترتيب جنوب أفريقيا إلى المركز الثالث على مستوى القارة، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي IMF. وفي الوقت نفسه، قفزت مصر لتحتل مكانة جنوب أفريقيا في المركز الثاني، واضعة، بذلك، دولة جنوب أفريقيا بينها وبين نيجيريا، التي يحتل اقتصادها المركز الرابع على مستوى القارة، مما يجعل من مصر وجهة للمستثمرين في قارة أفريقيا. فوفقاً لبيانات مكتب الإحصاءات القومي في جنوب أفريقيا، فإن تعاقدات القطاع الزراعي ارتفعت بنسبة هائلة بلغت 6.5%، في حين تراجع قطاع التعدين بنسبة ما يقرب من 20%. وهذا يؤدي إلى مخاوف منخفض التصنيف الائتماني لجنوب إفريقيا إلى حالة «غير المرغوب فيه»، وهو ما لم يتم حتى الآن. وهنا يبرز تحليل محطة CNBC، الذي يشير إلى أن التدهور الاقتصادي في جنوب أفريقيا سوف يدفع المستثمرين إلى التحول نحو مصر ... أكثر بلاد الشرق الأوسط انفتاحاً في مجالات الاستثمار، خاصة في ظل التحسن في معدلات النمو الاقتصادي، الذي بلغ هذا العام نحو4%، ومن المتوقع أن تحافظ مصر على هذا المعدل في العام المقبل. ويضيف تحليل المحطة أنه بالرغم من أن حكومة الرئيس السيسى مازالت تعمل على الدفع بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية، إلا أن إمكانية تشديد الرقابة من الفيدرالي الأمريكي، مازالت تسبب بعض القلق للاستثمار في مصر، وفي الأسواق الناشئة بصورة عامة. وأضافت التحليلات، أنه بالرغم من كفاح جنوب إفريقيا لزيادة معدلات النمو، إلا أنها لم تنجح في ذلك، في حين شهدت مصر معدلات نمو اقتصادي بمتوسط 7.5% خلال الفترة من 2012 إلى 2015،وفقا لبيانات شركة KPMG. كما أكد التقرير أن محللى المخاطر المالية في شركة KPMGركزوا على أن إجراءات الرقابة المشددة التي فرضها البنك المركزي المصري، ساهمت في ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي المصري، ليتفوق على نظيره في جنوب إفريقيا خلال 2015. وفي النهاية خلص التقرير، إلى أنه من المتوقع أن تجذب مصر ما لا يقل عن 6 مليارات دولار، كاستثمار أجنبي مباشر سنوياً، خلال المرحلة المقبلة. وأضاف التقرير من محطة CNBC، أن هذه المعدلات، تبشر بالخير لهذا البلد على المدى القريب. وعلى الرغم من أن هذا التقرير تعامل مع الوضع الحالي في مصر بلغة الأرقام الصماء، حيث لم يتناول احتمالات المستقبل في مصر، بعد ظهور الغاز الطبيعي والبترول، في شرق الدلتا والبحر المتوسط، إلا أن هذه الأرقام تعطي اطمئناناً للمواطن المصري، على الوضع الاقتصادي الحالي، دونما تزييف في الأرقام. واختتم تقرير محطة CNBC، بأنه يمكن لمصر أن تحقق طفرة هائلة في الاستثمار الأجنبي المباشر ،إذا نفذت مصر كافة الإصلاحات الهيكلية العميقة، خاصة قوانين الاستثمار، والقوانين المرتبطة بتحسين بيئة العمل، مع تحسين الأحوال السياسية، ليس في مصر فقط، وإنما في المنطقة بصفة عامة. عزيزي القارئ، لقد قمت بعرض هذا التقرير الصادر عن أهم المحطات الأمريكية، CNBC، التي تتسم دائماً بالحيادية ... والموضوعية ... والصدق، كي نوضح للقارئ المصري كيف ينظر لنا العالم، خاصة في إطار المنافسة القوية المنتظرة بين مصر وجنوب أفريقيا، حول المقعد الدائم في مجلس الأمن. وأرجو أن يدفعنا ذلك، في الفترة القادمة، إلى الاهتمام بالاستثمار في مصر، والعمل على جذب المزيد منه، باعتباره مفتاح الحياة لنا وللأجيال القادمة. كما أن لدينا الأمل في المستقبل القريب، في اكتشافات الغاز والبترول الجديدة، في شمال الدلتا والبحر المتوسط. وكما عرضنا من قبل، أن الوثائق السرية الأمريكية، تؤكد أن عام 2018 هو عام استكمال هذه الاستكشافات، وأن عام 2020 هو عام الرخاء لمصر. يا رب اجعل هذا البلد آمناً، كما وعدت في كتابك العزيز! لمزيد من مقالات لواء أ. ح. د. م. سمير فرج