يا لها من صورة مرعبة أطلقت صرخات الألم والحزن الفظيع فى جميع دول العالم، باستثناء دول العرب، حيث أغلق العربى عينيه وصم أذنيه وطلق الصراخ واعتصم بالصمت الطويل.. تلك صورة الطفل السورى عمران الذى نجا هو وأسرته وأشقاؤه الثلاثة وأخرجوهم من تحت الركام بمعجزة فى حلب بعد ضربات دامية قاتلة لطيران جيش بشار الأسد الجيش العربى السوري. الطفل عمران أبكانا جميعا دون أن يذرف دمعة واحدة كما فعل من قبل الطفل إيلان، الذى لفظه موج البحر الهادر على شاطئ رجب أردوغان فى تركيا، المتواطئ مع داعش وسائر تنظيمات الإرهاب والموت الجوال، حيث وفر لهم الممر والملاذ وغطاء الحماية لأكثر من خمس سنوات. ومن منا ينسى صورة الطفل حمزة فى درعا، الذى قطعت جحافل الجيش العربى السورى جسده ثم حرقته حتى العظام، حيث اعتصر قلب العالم أجمع قبل ثلاثة أعوام وذرف أنهار الدمع إلا أشقاءه فى عواصم العرب الذين طلقوا العروبة وقاطعوا النخوة ولاذوا بالصمت الفضيحة. خمس سنوات وأكثر وسوريا قلب العروبة النابض تدك يوميا بوجبات البراميل المتفجرة لبشار وتنويعات الصواريخ الروسية الفتاكة.. قوافل الشهداء والضحايا الطويلة لا تتوقف وجنازات الأطفال والشيوخ والنساء السبايا اللواتى انتهكت أعراضهن على يد أمراء قاطعى الرؤوس من داعش والنصرة وأحرار الشام وجند الإسلام، لا تتأخر عن مواعيد المراثى اليوميةالحصيلة مروعة، الموت فظيع، نصف مليون قتيل سورى فى خمسة أعوام وقرابة المليونى جريح ومصاب بعاهات مميتة، ناهيك عن 13 مليون سورى فى المنافى والشتات لاجئين يكابدون الموت البطيء وغرق البحر وحياة الذل والهوان، وحملات الاغتصاب الجماعى والصراخ والعويل اليومى الذى لا يتوقف على قدر الألم والجرج، ولم يعودوا قادرين على أن يكفكفوا الدمع، ولم يعودوا يمتلكون غير الدعاء ويبتهلون إلى الله أن يزيل الغمة طلبا لهذا الليل الطويل أن ينجلي. الخسائر فى الأرواح والبشر والحجر حدث ولا حرج، سوريا عادت إلى القرون الوسطي، الأممالمتحدة تقدر حجم الخسائر الحالية 300 مليار دولار، لم يعد هناك حجر إلا قصف ومبان ومنازل إلا أزيلت وسويت بتراب الأرض، حلب الشهباء سحقت بالكامل عاصمة سوريا والعرب الاقتصادية نسفت أكثر من 1700 مصنع ومنشأة فخر الصناعة العربية دكتها ودمرتها صواريخ وقنابل القيصر بوتين وأصبحت أثرا بعد عين. قالها بغضب وحزن والدمع يسبق كلامه أحد مساعدى الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية، فنزويلى الجنسية، إن فاتورة الحرب والدمار والتخريب فى سوريا حاليا فاقت كل ما لحق بكل دول أوروبا فى الحرب العالمية الثانية، حيث سدد السوريون نيابة عن عصابات الجرم والإرهاب وساكن قصر المهاجرين بشار، رئيس متهور ومخرب ومتعطش للسلطة فاتورة باهظة مدمرة، مضيفا لعن الله السلطة والحكم. أنا من جانبى مثل كل عربى أرى أن بشار قد ضيع سوريا، جعلها دولة مأزومة بات صاحب الحق الحصرى وامتياز الملكية الفكرية، بأنها أول وأكبر حرب طويلة فاشلة فى التاريخ لن تعود كما كانت يوما.. واهم من يعتقد أو يصدق أن سوريا قلب العروبة النابض ستعود كما كانت التقسيم والتفتيت والتشرذم إلى أقاليم وإمارات للطائفية والمذهبية من أمراء داعش وملالى الشيعة وعواقل العلويين، باتت أبرز ملامحها. ولكن أيضا العرب، كل العرب، مسئولون مشاركون فى المآلات التى وصلت إليها سوريا والشعب السوري، الصمت والتخاذل العربى كان قاتلا، تركوا أشقاءهم فى دمشق وحلب وحمص ودرعا والقامشلى والحسكة ودير الزور وعشرات المدن السورية يذبحون كالنعاج، التزموا الصمت وتكللوا بالعار واختفوا حتى من مواكب النائحات وتركوا الإيرانى البائس ينعش طائفيته، غضوا الطرف عن عصابات جيش فيلق القدس والقاتل الأكبر قاسم سليمان يرقص على جثث السوريين. لم يرفعوا الصوت عاليا فى وجه القيصر الروسى بوتين، بالقول كفى لا تكرر مذابح ومآسى الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان، سوريا العربية ليست أفغانستان، تركوه يرسل الطائرات وبوارج الصواريخ ويقيم القواعد العسكرية فى طرطوس وحميم لتصب حمم نيرانها ضد المدنيين العزل دون قواعد وإمارة داعش الإرهابية فى الرقة حيث لم تقتل أو تفتك من رجالها إلا النزر اليسير. من حقنا اليوم أن نقول لبشار الأسد، لقد قتلت وذبحت شعبك وفشلت فى إنقاذ وطنك ولن يذكرك التاريخ. ولكن نحن العرب أين نحن من كل ما جرى ويجرى فى سوريا، الجميع منا مسئولون كل العرب أضاعوا سوريا، ذبحوا ورقصوا على رقاب وجثث أشقائهم السوريين بصمتهم وسلبيتهم المقيتة عندما تركوا بشار وعصابات الإرهاب وجحافل الموت الجوال تذبح وتقتل السوريين. ليت بشار سمع كلام ونصيحة كوفى أنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة والمبعوث الدولى لأزمة سوريا، عندما التقاه فى قصر المهاجرين وسط سوريا وهمس فى أذنيه قبل أن يودعه لآخر مرة، بأنك تنتحر وتدفع شعبك إلى الانتحار الجماعى حيث اتجاه الرياح شديد فى وطنك، وعليك أن تغير اتجاه الشراع قبل فوات الأوان.. ليته فعل. ولكن هذا لم ولن يعفى العرب.. كل العرب مسئولون، لا أستثنى منكم أحدا حتى بالصمت العاجز قليل الحيلة عن ضياع سوريا والسوريين وإلى متي.. ليتكم تستقيلون من عروبتكم الآن. لمزيد من مقالات أشرف العشري