إسكان النواب: إخلاء سبيل المحبوس على ذمة مخالفة البناء حال تقديم طلب التصالح    بكام الفراخ البيضاء اليوم؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 4 مايو 2024    اليوم، تطبيق أسعار سيارات ميتسوبيشي الجديدة في مصر    شهداء وجرحى في قصف لطيران الاحتلال على مناطق متفرقة بقطاع غزة (فيديو)    5 أندية في 9 أشهر فقط، عمرو وردة موهبة أتلفها الهوى    احذروا ولا تخاطروا، الأرصاد تكشف عن 4 ظواهر جوية تضرب البلاد اليوم    تفاصيل التحقيقات مع 5 متهمين بواقعة قتل «طفل شبرا الخيمة»    الداخلية توجه رسالة للأجانب المقيمين في مصر.. ما هي؟    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    إغماء ريم أحمد فى عزاء والدتها بمسجد الحامدية الشاذلية    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    صحيفة: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    لو بتحبي رجل من برج الدلو.. اعرفي أفضل طريقة للتعامل معه    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة الجونة    المحكمة الجنائية الدولية تحذّر من تهديدات انتقامية ضدها    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم السبت في الصاغة    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    دفنوه بجوار المنزل .. زوجان ينهيان حياة ابنهما في البحيرة    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    العالم يتأهب ل«حرب كبرى».. أمريكا تحذر مواطنيها من عمليات عسكرية| عاجل    وكالة فيتش تغير نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية    صوت النيل وكوكب الشرق الجديد، كيف استقبل الجمهور آمال ماهر في السعودية؟    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    تعثر أمام هوفنهايم.. لايبزيج يفرط في انتزاع المركز الثالث بالبوندسليجا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. شحاته صيام: تفكيك الخطاب الفقهى القديم ضرورة دينية واجتماعية إصلاحية محمد عبده ومدنية الأفغانى وليبرالية الطهطاوى جاهدت للتكيف مع الحداثة
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 08 - 2016


خطاب جديد لا تجديد
تقوم الفكرة المحورية لهذا الملف على شهادات المفكرين والباحثين حيث طرحنا عددا من الأسئلة عن معنى الخطاب الدينى على عدد من الباحثين والمفكرين ومنها ماهية ملامحه، وماذا يحتاج العرب والمسلمون الآن: خطابا دينيا جديدا أم تطويرا للخطاب السائد؟
وهذه اسئلة الملف
ما المقصود بمصطلح الخطاب، وهل يمكن تطبيقه على النص الدينى المقدس أو ينسحب فقط على النصوص الشارحة و? وهل ثمة خطاب دينى واحد شامل جامع أم أنها خطابات دينية تنطلق من منطلقات التاريخ والتأويل، فلا يصح أن نتكلم عن خطاب دينى بل خطابات متعددة بتعدد الازمنة والرؤى ؟
كيف تقرأ عملية الإصلاح الدينى وتجديد الفكر الإسلامى منذ محمد عبده فى مصر وخير الدين التونسى حتى الآن ، ولماذا لم تصبح تيارًا سائدًا فى الثقافة العربية؟
*هل نحن بحاجة إلى تجديد خطاب راسخ بالمعنى الإصلاحى أم أننا بحاجة إلى خطاب جديد أو خطابات جديدة تنطلق من الافكار وعلاقتها بالواقع لا من الماضي؟ وكيف يمكننا ذلك: هل بإعادة قراءة النص أم بجعله ساحة للحوار وماهى قوانين اعادة القراءة ؟
ما هى الملامح الأساسية فى الخطاب الدينى السائد و التى تراها بحاجة إلى تجديد إن اتفقنا على تجديد الخطاب كحل مرحلي؟وما هى الملامح التى تفسد عملية تنجديد الخطاب اوانتاج خطاب جديد؟
ما هى العناصر المفقودة أو الفريضة الغائبة فى الخطاب الدينى السائد فى مصر والتى ترى أن وجودها أمر جوهرى فى أى خطاب دينى معاصر؟
هل يمكن للدين أن يكون أداة للتغيير الاجتماعى أم أنه بطبيعته التى تفرض إيقاعها يثبت الواقع؟ وهل ثمة تناقض فى دعوة الناس للتغيير بينما هو يسعى لتثبيت رؤاه؟
هل تجديد الخطاب أمر نخبوى لا يصح للعامة الحديث فيه بمنطق إلجام العوام أم أنه حديث جماهير يقود إلى دمقرطة الخطاب الديني، أم أن ذلك خطر على الدين والتجديد معا ؟
كيف ترى دور التصورات الشعبية للدين فى عملية أنسنة الفكر الدينى وتجديد الخطاب وهل اصبح محكوما على الاسلام بحتمية التحول الى الصوفية او الروحية كما يدعو البعض فى الغرب ؟
ماذا لم يشهد التاريخ الإسلامى تيارًا كبيرًا يمكن تسميته ب"لاهوت التحرير أو فقه التحرر" على غرار ما حدث فى أمريكا اللاتينية من مزج بين اللاهوت والماركسية على أيدى رجال الدين ؟

لكلٍ قراءة هو موَلّيها، وأينما فتحنا كتاب التراث على صفحة الواقع ومرآته سنجد أصداء بعدد التراثيين والمعاصرين. فالقراءة ليست تفسيرا معجميا يطلع من توابيت الكتب القديمة أو معاجم اللغة المحنطة، لكنها فعل عصرى بامتياز لا يتنكر لماضيه ولا يقوم بتحجيره فى محاجر الصمت أو السلطة. القراءة كالإيمان: ما وقر فى القلب وصدقه العقل والعمل...
ومنذ فترة طويلة يحاول الدكتور شحاته صيام – أستاذ علم الاجتماع وصاحب كتاب «الدين الشعبي» و»ما بعد العلمانية وأنسنة الدين» - تفكيك المقولات الحاكمة فى تراثنا من زاوية علم الاجتماع، فيقرأ آليات الدين الشعبى الذى يختلف عن مقولات الخطاب الرسمي، ويسعى إلى اثبات رؤاه حول أنسنة الدين وتخليصه من فرض التصور الوحيد باسم طائفة هنا أو مذهب هناك.
المحاولة وحدها مهمة، سواء قبلنا نتائج الدكتور صيام أو اختلفنا معها، خاصة فيما يطرحه حول «ما بعد العلمانية»، والتى يرى أنها مرحلة تحاول العودة للدين وتقديمه باعتباره خيارا واقعيا يؤكد على أهمية الدين، فالمهم أن نحاول معه قراءة ما توصل إليه. وهذه بداية لقراءة مقولات الباحث حول تفكيك الخطاب الدينى الذى نسعى جميعا إلى تجديده، أو طرح خطاب جديد على أساس من واقعنا وليس من واقع السلف، وعلى أساس علمى لا عاطفي. فالعقل مناط التكليف وآلة العصرنة وسفينة الإنقاذ من طوفان الفوضى التى تضرب واقعنا العربى كله باسم خطابات توقفت منذ زمن عن تجديد نفسها...
يقول النفري: اقرأوا كل شيء قراءة ، وشحاته صيام قرأ التراث برؤيته ونحن هنا نشارك ما قرأ
ما المقصود بمصطلح الخطاب، وهل يمكن تطبيقه على النص الدينى المقدس أو ينسحب فقط على النصوص الشارحة ؟
لكل ممارسة خطابية المعانى التى تشكل المعارف الخاصة بها، وكل بنية خطابية تدعى امتلاك نهائية المعنى والدلالة من وجهة نظرها، كما أن التأويل والتفسير للنص من جماعة محددة يحمل نوعًا من القداسة ويعمل على الانتصار للذات، ومن ثم ينفى الآخر باعتباره الرأى النهائى ولسان حال العقيدة. ذلك مايفرض ضرورة تفكيك الخطاب الفقهي، لرصد طبيعة العمارة الفكرية التى استندت عليها الممارسات التراثية والفقهية، خاصة التى صدرت فى زمان وإطار تاريخى لتكييف قوانين ومعان وعلاقات خاصة بمفاهيمها هي، ولربط المعرفة بالسلطة والتحكم فى حركة المجتمع. والجمود أيضا يفرض علينا الوقوف على طبيعة الثورة الفكرية المضادة التى حاولت تاريخيا أن تحرر المجتمع من وصاية الفقيه وصولاً إلى أنسنة الدين.
والخطاب الدينى يشير إلى الأقوال والنصوص التراثية المكتوبة التى تطرحها المؤسسات الدينية الرئيسية أو غير الرسمية، والتى تعبر عن مواقف أيديولوجية معينة مثل حركات الإسلام السياسي، وهو ما يجعلنا نميز بين ثلاثة أنواع من الخطاب: الأول :هو ما تنتجه المؤسسة الرسمية، والثاني: ما يطرحه الأشخاص عبر آليات هذه المؤسسات مثل آليات الإعلام والمساجد، أما الأخير فإنه يتحدد فى إطار ما يتفاعل به الأفراد مع بعضهم البعض فى إطار وقائع الحياة اليومية. وبغض النظر عن هذا التمايز، فقد أراد بعض المفكرين حصر الخطاب فى أمرين، الأول يرتبط بالسلطة، والآخر ينحصر فى الحقيقة.
كيف يتم ذلك ؟
يتشكل الخطاب فى جزء كبير من الواقع المعيش، ثم ينتشر ويسود ويرسخ آثاره، فيصبح صوت السلطة الذى يرسخ فعاليتها على الصعيدين الفكرى والعملي، فضلاً عن الادعاء بامتلاك الحقيقة، واحتكار المعنى وتوسم الشكل الرسمي، والاضطلاع بدور الوسيط بين المرسل والمستقبل، أو حسب تعبيرات الأصوليين بين «الشارع والُمكلف»، أى أن الخطاب يقوم بدور الوسيط بين الله والإنسان. ولما كان الخطاب الدينى يحمل رغبات السلفيين، فإنه يكون محملا بدلالات تعبر عن طبيعة الزمن الذى يريد السلف إعادة إنتاجه وتكريسه فى الواقع.
وهل هذا هو دور الخطاب فقط ؟
يلعب الخطاب دورًا محوريًا فى توجيه المعنى، ولما كان الخطاب الدينى خطابا تراثيا أو محافظا يعمل بكل قوة لاستدعاء الماضى لتكون مفرداته أساسًا للتعامل مع مفردات الواقع القائم، فإن الخطاب المتداول له يكون نظامًا محافظًا يعمل باستمرار وفق دلالات ومقولات بعينها، إذ يكون النص جزءا من سياق ثقافي، يكشف عن نظام وآليات داخلية ومظاهر متعددة، تلك التى تجعله آلية معرفية قياسية لفرض قواعد أخلاقية ومسلكية خاصة.
تجديد لا تغيير
هل الدعوة لخطاب دينى جديد خطر يهدد جوهر الدين كما يرى البعض فى فهمهم للتأويل على سبيل المثال ؟
استند التجديد فى الغرب إلى العصرنة التى هى تأويل التعاليم الدينية التقليدية على ضوء المفاهيم الفلسفية والعلمية الجديدة، أو تطويع مباديء الدين لتتكيف مع قيم الحضارة ومفاهيمها وإخضاع تصوراتها لها، فإن التجديد كمفهوم يكون محاولة للدفع بفهم جديد يتجاوز ما هو قائم، أو السعى إلى إضفاء عناصر جديدة نتيجة لتلافى خلل أو عجز فى التفسيرات القديمة، أو بمعنى ثالث أنه استبدال القديم والبحث عن أفهام جديدة، شريطة أن لا تؤدى إلى سقوط الدين أو تغييره. إذن التجديد ليس هو التغيير، إذ يرتبط بالإحياء وتغيير أساليب التبليغ، وبلورة الأحكام العملية شريطة الانسجام مع متطلبات الحياة، ذلك ما يجعله آلية للتطور والتقدم والإبداع بعيدًا عن الجمود .
والخطاب فى أى زمان يرتكز على ثلاثة ركائز، هي: اللغة والمحمول والمشار إليه، فتجديده يشير إلى ضرورة تجديد اللغة المستخدمة فيه بشكل ديناميكي، لكى يبتعد عن الحرفية والخشونة، وليدخل فى إطار التأويل وفحوى الخطاب، حتى تكتمل عناصر القياس الأربعة: الأصل، والفرع، والعلة، والحكم، وهو ما يجعل المؤول يهتم بمقاصد الشريعة وليس ظاهر القول والقياس وحرفية النص.
وهناك من يربط بين مفهوم الإصلاح أو التجديد بضرورة العودة إلى الينابيع، وفى الوقت نفسه مجاراة التطور فى العالم المعاصر وتفعيل الإنجازات العلمية والتكنولوجية لتحديث المجتمع، للترويج بأن الإسلام دين العلم والمدنية والعقل والحرية. التجديد وفق ذلك، ما هو إلا إعادة الدين على النحو الذى كان عليه الأولون، وهو ما يعنى أن تجديد العقيدة هو العودة إلى ما كان عليه السلف الصالح مع عملية الاستدلال والاستنباط من الكتاب والسنة لتجديد الشريعة. وذلك ما يفرض ضرورة فهم الدين فهمًا عميقًا لاستخلاص المعانى الصحيحة لنصوصه والأسباب التى أدت إلى تخلف المسلمين، وتحديد الانحرافات النظرية والفكرية والعملية والسلوكية.
لكن البعض يرى فى التجديد ابتداعا مرفوضا؟
نحن هنا أمام تيارين رئيسيين هما: منحى الرفض الكلى الذى لا يرى أية معان فى التجديد إلا الابتداع، ومنحى القبول الكلى وهو المرتبط بإدخال الجديد والتوفيق بين القديم والتجديد، وهو ما يحدث فى عملية التجديد التى عرفتها المجتمعات الإنسانية منذ عصر النهضة والإصلاح.
نحن بصدد جدل بين فسطاطين، الأول يسعى إلى نبذ التجديد والمناداة بالعودة إلى الأصول، والآخر يحاول أقلمة وتكييف وتنقية التراث من خلال تفعيل آليات التأويل، لتجديد الرؤية الإنسانية للدين، وهو ما يتطلب وجود عقلية فاهمة ومنفتحة على كل المذاهب والتجديدات الفكرية، حتى يتواكب مع المتغيرات الحادثة فى الواقع المعيش.
وكيف يمكن تحقيق القراءة الجديدة للقديم؟
يمكن قراءة النص قراءة جديدة من خلال التحليل والحفر والتفكيك للبحث عن النموذج المعرفى ومعقوليته، وأن نتعامل مع النصوص والخطابات كمنطوق وأطر مفتوحة بهدف البحث عن معانى جديدة. وباعتبار أن النصوص فى ضوء المعالجات الحديثة ما هى إلا مراجع معرفية تفرض ضرورة التشكك فى مرجعيتها والتحرر من سلطانها، فإنها تقدم قراءة فاعلة للمسكوت عنه وما يخفيه أو ما تم تهميشه.
الاصلاح الدينى
فى إطار التوفيق بين القديم والجديد، قدم تيار الإصلاح الدينى وتجديد الفكر الإسلامي، منذ محمد عبده فى مصر وخير الدين التونسى وحتى الآن الكثير، كيف ترى إسهامه فى تجديد الخطاب الديني، ولماذا لم يصبح تيارًا سائدًا فى الثقافة المصرية؟
عرفت المجتمعات الاسلامية طوال قرون عديدة فائتة نوعًا من هيمنة الخطاب الأصولى على كل المحافل والمنتديات والمؤسسات، وهو ما ساعدها فى التحصن بالمواقع الإيمانية والتراثية المرتبطة بالتراث المتشدد، و فى ظل هذا التمرس الأصولى تبزغ دعاوى متعددة تنادى بضرورة تفعيل المناهج الحديثة، لتخليص التأويلات البشرية مما علق بالنصوص من أساطير عملت على إيقاف التاريخ، والدعوة لوضع نتف من التراث ، أو حتى النصوص برمتها على محك الفحص النقدى والتاريخي، للتخلص من التعالقات اللاهوتية، وفتح الأبواب أمام المحاججة البيانية والكلامية، لتفكيك المنظومة التراثية عبر تقديم نقد نوعى وفهم جديد يتماشى مع طبيعة الدين والتحولات التى تشهدها المجتمعات الاسلامية.
ولدحض سيطرة الأفكار الثيولوجية والثيوقراطية لابد أن يتم تقديم قراءة جديدة للنص الديني، مخالفة لما قدمه حراس النصوص القدامى لكى تتوافق مع الظرف الآنى المعاش. آن الآوان أن يفكر الإنسان الحديث بعقله هو وبخطابه هو لا بكلام الفقهاء أو تأويلهم للنصوص، ودفع المجتمع إلى العلمنة، وجعل الأفراد يتحركون وينظرون ويتدبرون فى شئون العالم من خلال العقل العلماني.
وفى السياق ذاته، فهناك نفر من المفكرين يحاولون تكريس مقولة الاجتهاد والتأويل بزعم إحياء التراث، أو لفرض تطويع الكل لمستجدات العصر، وهو ما دفعهم إلى الاهتمام بتفكيك المقدس الذى ولى وتبدل. لقد آمن هؤلاء بضرورة تفسير النص القرآنى بطريقة مفتوحة، ذلك ما دعاهم إلى اعتبار النص غير ثابت أو نهائي، وأنه نص لغوى جاء فى سياق زمنى ومكانى معين، وهو ما يفرض ضرورة إخضاعه للقراءة والتأويل والنقد حتى يتواكب مع حركة التطور الحادث فى المجتمع.
إن سعى هذه الزمرة المفكرة لإعادة فتح باب الاجتهاد ومنح العقل قيمة جوهرية لتحفيز وتجديد الواقع، دفعهم إلى ضبط ونقد الفكر وتجديده، ونزع النظرة التقديسية عن التراث، بما يعمل على بعث الحياة من جديد وتفعيل العقل والعودة إلى الفهم وإحداث التطور ودفع عجلة التاريخ إلى الأمام، حتى يكون التجديد هو ثورة على الارتكازات الفكرية التى ساهمت فى قلب الأوضاع عن صحيحها.
هؤلاء الداعون إلى تعديل المقلوب عن وضعه يسعون إلى تجديد الفضاء الثقافى والأخلاقى من خلال البعد عن المنظومة الفقهية السائدة تمامًا، حتى تتأسس فلسفة جديدة فى الدين تسهم فى إيجاد أصول جديدة تتناسب مع طبيعة التطور والتغير الحادثين فى الواقع المعيش. وحتى يحدث ذلك، فإنهم يدعون بقوة إلى ضرورة فتح الاجتهاد من خلال الاتكاء على مفهوم المقاصد والمصالح والمغزى والروح والجوهر والضمير والوجدان والأخلاق، تلك التى تطرحها بعض الرؤى العلمانية كآلية لإقصاء الدين عن الدنيا.
قد يفهم البعض أن ثمة خصاما هنا بين العلمانية والدين ؟
لن تتخاصم «ما بعد العلمانية» مع الدين، وبالتالى لن يسعى الأخير إلى إنهاء وجود الأول، فالضدية لا تعنى أفول الدين أو غياب العقل. فإذا كانت العلمانية تحاول تلوين منطق الحياة بلون دنيوي، دون سلب لقيم الدين أو لوجوده، فإن ما بعد العلمانية تسعى إلى إعادة الدين مرة أخرى لتكريس الروحانيات والقيم الاخلاقية والانسانية التى تشجع على سيادة السلام والتسامح واحترام الآخر.
وباعتبار أن كل جديد يشهد مقاومة ويضع ذاته فى إطار خصومة شديدة ضد من ينتقدهم أو يقدم ذاته كمخلص ضد ما هو ثابت ويقيني، فإن الرائى لمعركة الخصومة بين التجديد والتحديث والثبات أو النكوص للخلف يجعل كل جديد دائماً فى مرمى الطعن.
ماذا تقصد بما بعد العلمانية وما علاقتها بما بعد الحداثة ؟
مابعد الحداثة على المستوى النظرى هى نهاية السرديات الكبرى ..ولما كانت كل الانساق الدينية هى حكى واسع دون إبانة ملموسة ، فإن مابعد العلمانية تأتى لكى تتجاوزها حتى تطيح بمسألة الهوية الدينية المتكلسة التى يتشح بها البعض، ومن خلالها يتشبثون بالماضى وبالسلف، ويمارسون الاستعلاء، ومن ثم ينصبون ذواتهم كمرجعيات لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها. ووفق هذه الحالة فالدين يكون ذاتيا ولايخرج عن حيز الموجود ذاته، وبالتالى تحل الرؤى الإنسانية والتسامح وقبول الآخر كأسس لفهم الدين بشكل جديد فى إطار التفاعلات الإنسانية برمتها.
وهل سيسمح التيار القديم بحدوث ذلك ؟
إذا كان هذا حال كل ما هو جديد، ففى إطار الخطاب الديني، دائما ما يضع حراس العقيدة ذواتهم وتأويلاتهم، حتى لا تتم إزاحتهم وهو ما يجعلهم شديدى الخصومة مع من يخالفهم، وهو ما يجعلهم أيضاً يتخندقون بقوة فى إطار التراث الذى يدفعهم إلى التشدد وإملاء إرادتهم واستبعاد الآخرين. وطبيعى فى إطار شيوع هذا الأمر فإنه يصبح من الصعب وجود تيار يسعى إلى العقلانية وتفسير الدين فى إطار خدمة الإنسان.
خطاب جديد
هل نحن اذن بحاجة إلى تجديد الخطاب الراسخ بالمعنى الإصلاحى أم أننا بحاجة إلى خطاب جديد أو خطابات جديدة تنطلق من الأفكار وعلاقتها بالواقع لا من الماضي؟
عرف العقل الفقهى الأصولى نوعًا من الاندفاعة الغريزية للبعد عن المناطحة والاختلاف، إذ جعل من ذاته قيمًا على تفكير وسلوكيات الآخر، وهو ما ساهم فى إقامة ثنائية ضدية بين النحن والآخر، أو قل بينهم كمؤمنين وغيرهم ككفار، ذلك الذى انسحب على التمييز بين الحقول المعرفية وتوليد المعانى والالتزام بالنص، وإنتاج المعارف وإعلاء شأن الخطابات التمجيدية وتضخيم الذات الفقهية.
وبات العقل الفقهى فى شكله السائد أداة عقلية تعمل على تكريس التصلب والتشدد، ولعل استدعاء النصوص من زمانها لتطبيقها على الأحداث الواقعية دون مراعاة مناسباتها لخير دليل. فالتسلط على المجتمع باسم الله وسيادة الصرامة والجمود لأصول الفقه، والالتزام بحرفية النص وقياس الحاضر على ما كان تاريخيًا، عمل على تعطيل الإبداع وتحريم التجديد، ناهيك عن جعل المجتمع الإسلامى يستبطن الشريعة الإسلامية ويتماهى معها، الأمر الذى جعل كلام الفقهاء هو الموجه لكل شيء.
وتبعا لذلك، بات للقياس المُكْنة فى إرساء ما ينبغى أن تكون عليه السياسة الشرعية، إذ بمقتضاها يتم قياس حالة راهنة بأخرى مع ما ورد فى النص، فضلاً عن استخراج الأدلة التى وفقا لها يتم الدفاع عن الشريعة وإثبات قطعيتها، ومن ثم تجريم العقل المنادى بالحرية والتجديد. وبهذا تتأسس سلطة السلف الملزمة التى تجعل الناس تعيش على ذكريات الماضي، ومن ثم تغلق أبواب الاجتهاد، ويتم تعطيل العقل لعدم اكتشاف المطمور من النص فى ضوء تحولات الواقع المعاش.
والمشكلة فى الخطاب السلفى أنه ينصب ذاته أمينا على النص المقدس ، ويحتكر المعانى والدلالات والتفسيرات، وينغمس فى البحث عن المألوف والواضح والمنقول، ولايوافق على وجود المختلف.
وماهى ملامح الخطاب الجديد الذى تدعو إليه؟
لما كان الخطاب الدينى المراد تأسيسه يتم فيه التحرك فى ضوء الزمان والمكان، ويسعى إلى فتح مسالك التأويل والابتعاد عن الجمود، ومن ثم إعادة الروحانيات إلى وجودها حتى تتلاءم مع معارف ومعطيات الواقع المعيش، فإن الخطاب الدينى الذى نشير إليه هنا ينفتح على مختلف التأويلات والمعانى المتعددة التى تتناسب وطبيعة هذا الزمان، وبما يفضى إلى تأسيس نموذج «ما بعد علماني» يعتمد على الروحانيات والأخلاقيات وقيم الإنسانية، تلك التى تفيد فى تحرير الإنسان من وثن السلعة وعبودية المادة، وتسلط الإكراهات المختلفة، وتفعيل الحرية واحترام حقوق الآخر. ولئن كان هذا النموذج الجديد يسعى إلى إزاحة الأساطير والحكي، فإنه من ناحية أخرى يكون فى إطار ما يسمى بما بعد الدين، يحمل دلالة إيجابية نحو القيم الدينية، إذ يقلص الانحراف الروحى الذى اتشحت به الإنسانية بعد طغيان الذرائعية التى أبعدت الدين عن خدمة الإنسان. فالبعد عن تكاليف الماضى يجعل الدين للإنسان بقدر ما يكون الإنسان للدين، وهو ما يحقق فكرة العدالة والإنصاف واحترام حقوق الإنسان، أو ما نسميه ب»دنيوة» الإيمان التى من خلالها يقاس مدى إنسانية الدين فى تحقيق إشباعات الإنسان على جميع الأصعدة.
ما هى الملامح الأساسية فى الخطاب الدينى السائد والتى تراها بحاجة إلى تجديد إن اتفقنا على تجديد الخطاب كحل مرحلي؟وما هى الملامح التى تفسد عملية تجديد الخطاب أو إنتاج خطاب جديد؟
فرضت الظروف الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة ضرورة وجود الخطاب التجديدى فى العالم الإسلامي، خاصة بعد أن خلف الخطاب الأصولى مجموعة من الإشكاليات التى تعترى ممارساته الواقعية على الصعيدين المحلى والعالمي. فنتيجة لغلق باب الاجتهاد تولدت حالة منهجية ومعرفية من إغلاق العقل، ومن ثم البعد عن العمل والنشاط والتجديد، وتوليد المعانى السطحية الناتجة عن تفسير أحكام الشريعة، لإسقاط الماضى على الحاضر، وشيوع الجمود وتأجيج الصراع بين النص والعقل، مما ساهم فى وجود كتلة من التفسيرات المنقولة عن الكون والمجتمع والإنسان، تلك التى ابتعدت عن العقلانية ومسايرة التطور الحادث فى العالم. وقد عرف الواقع الإسلامى مجموعة من السجالات الفكرية والمناقشات التى جاهدت من أجل إنتاج المعارف الجديدة، وكشف ما هو مسكوت عنه وتحريك الفهم، وضخ أفاق جديدة فى تفسير ونقد النص الديني، وهو ما ولد محاولات متنوعة تعكس طبيعة الإسلام الجديد الذى تتحدد مراميه فى التحرر من النظرة اللاهوتية وتفكيك النصوص المرتبطة .
«النرجسية» الأصولية
وكيف يمكن البدء فى طرح الخطاب الجديد ؟
من المهم أن نقدم نقدًا عقلانيًا للمعرفة الدينية. فباعتبار أن الدين إلهى وفطرى ومطلق وثابت ومقدس ومتعالٍ، فإنه يتباين عما يسمى بالمعرفة الدينية التى ينتجها العقل الإنسانى الذى يخضع للخطأ والجدل، ذلك ما يجعل الواقع يعج بقراءات مختلفة، وكل منها تذعن إلى إسلامها وتفترض فى تأويلاتها الصحة والتمام. ولما كان هؤلاء يؤمنون بأن المعرفة الدينية تحمل نوعًا من الثبات، وأن تأويلاتهم لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وأنها لا تشوبها أية شائبة، فإنهم يسجنون ذواتهم حتى لا يطول عقولهم النور. إن عدم انفتاح الأصوليين على ما هو جديد يجعلهم يعيشون فى شرنقة النرجسية العقائدية المتضخمة.
إزاء هذا الشعور والمسلك، فإننا نريد أن نزعزع عملية التماهى مع الأصل، وهو ما يدفعنا إلى تفعيل مفهوم القبض على معنى النص أو الشريعة، لكى يتم بسطها وقبول تعددية المعنى ودلالالته. و إزاء ذلك، نحاول أن نقدم مجموعة من المفاهيم الجديدة التى تطيح بوجود حراس العقيدة، لتحديد المعانى والحقول والتراكيب، التى من شأنها أن تتجاوز الجمود وتقدم نوعًا من الزحزحة والإحالة والتأويل والفهم الجديد للأصل الدينى والثوابت العامة.
وما نرمى إليه يفيد فى تطوير المعرفة الدينية من خلال التوكأ على الظروف الموضوعية، التى أسهمت فى تأسيس النص الدينى وتطبيقاته، ذلك ما جعلنا نضرب بقوة فيما توصل إليه الفقهاء من تفسيرات وآراء خاصة ، تلك التى نعتبرها أمرًا دنيويًا وتأويلاً ذاتيًا، وليس من مراد الخالق.
سمات السائد
ما هى العناصر المفقودة أو الفريضة الغائبة فى الخطاب الدينى السائد فى مصر والتى ترى إن وجودها أمر جوهرى فى أى خطاب دينى معاصر؟
دعنا أولا نقول أن الخطاب الأصولى يكتسى بمجموعة من الملامح، تتحدد فيما يلي:
تتشكل الأصولية من المقولات المرتبطة بظاهر النص، إذ من خلال القياس على النص تتأسس مرجعيتها، وهو ما يجعلها حبيسة المعنى ومسجونة بمرجعيتها وأدواتها.
يستند الخطاب الأصولى إلى مجموعة من الإشارات، التى تعد الخيط الناظم للعلاقة بين أطراف الخطاب (المتكلم والمتلقى والسلطة المرجعية للخطاب وقوانين الخطاب اللغوية والأسلوبية أو المضمونية)، والتى من خلالها يتبين مقاصد المتكلم وطبيعة الخطاب وقوته فى التأثر والإقناع.
يعمد الأصوليون إلى توظيف القياس ليخلعوا المعنى على أدلتهم التى اقتطعوها من سياقاتها من أجل إثبات صلاحية الحكم المقاس على الشريعة،
من هنا نقول إن الأصوليين يستندون على التصرف فى حدود المقدس والقياس عليه بما يتوافق مع تفعيل النقل وعدم الاستناد إلى العقل والاجتهاد، يجعل مبحث القياس مجالاً خصبًا لتداخل مجموعة من الإشكاليات الحرجة التى استندت على سلطة النص وقياس الفقيه.

********************************

التوقف عن التجديد
إذا كانت الفترة الممتدة من القرن الثانى الهجرى وحتى نهاية القرن الرابع قد عرفت نوعًا من التجديد فى الفكر الأصولي،فإنه مع قدوم القرن الخامس كانت قد أفلت تمامًا، إذ انحسرت عمليات التجديد بعد ما انفرد المتكلمون بالساحة الفقهية والتشريعية، ومن ثم تم القضاء على عمليات الإبداع .
ومع أواخر القرن السابع وبداية القرن الثامن ساهمت الاضطرابات والفتن والانحرافات فى شيوع فتاوى ابن تيمية الخاصة بالهجرة ومحاربة الأعداء وقتال الطائفة الممتنعة، وهو ما توّجته أحداث القرن العاشر، التى أفضت بعدم جواز الفقهاء للإختيار أو الترجيح، وبالتالى إلى إغلاق باب الاجتهاد.
والمتابع لطبيعة المحاولات الباكرة لمنح العقل دورا فاعلا فى دفع المجتمعات الاسلامية نحو التحديث يمكنه أن يسلم بأن علمانية محمد عبده ومدنية الأفغانى وليبرالية الطهطاوى جاهدت للتكيف مع الحداثة، إذ ركزت على التربية والتعليم والتنوير وإعلاء شأن العقل فى مقابل النقل، ذلك ما يجعل هذه المحاولات الباكرة فى التاريخ الحديث محاولة لجعل الإسلام أيديولوجيا سياسية تتسم بالروحانية، أو قل لجعل الدين عقيدة وعبادة وأخلاقًا وعقلاً، بهدف تأسيس دولة مدنية حديثة. وفى ضوء معايشة الجمود الفقهى ومخاصمة التجديد، عرفت المجتمعات الإسلامية ألوانا متعددة ومحاولات لتجديد الخطابات بداية من خطابات «الأفغانى 1897» و»محمد عبده 1905» و»رشيد رضا فى 1935» و»الخطاب الثورى الإيراني» ومرورًا بالخطاب النقدى المعرفى الجديد، ومحاولات التأويل التى عرفتها حقبة ثمانينيات القرن الفائت، التى نادت بأهمية البحث والتنقيب والحفر ونقد القديم وتجاوزه، لمسايرة المستجدات المجتمعية. فالمتابع لهذه المحاولات يجدها تنشد تأسيس إسلام جديد، يعتمد بالأساس على رفض أشكال الوصاية التى تفعلها المؤسسات الدينية ذات المنحى المتشدد، ناهيك عن الدعوة إلى تنوع الأفكار والتأويلات وحرية التفكير والدعوة إلى الانفتاح الفكرى وتعرية الذات الأصولية وخداعها وجمودها وضيق أفقها. أو بمعنى آخر أن محاولات تجديد الفكر الإسلامى جاء لخلق مصالحة بين التراث الجديد وقيم الحداثة وما بعدها، وفتح باب الاجتهاد ونزع القداسة عن الآراء والتوجهات الإنغلاقية والارادات السياسية، وضعضعة الأرضية التى تقف عليها المرجعيات القديمة وقبول التعددية والتحرر من اللاهوت، والحد من استخدام الإسلام كأيديولوجيا ترهيبية ، وإحكام الرقابة على التأويل الواحدى للتراث وتفكيك النصوص المرتبطة به، وربط الدين بالمصالح الإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.