أفردت «مجلة لوموند» الصادرة هذا الشهر مع الجريدة الشهيرة ملفا كاملا عن أهم العروض التى شهدتها فرنسا فى تاريخها، وأكدت أن حفل السيدة أم كلثوم فى عاصمة النور سنة 1967 كان واحدا من أهم هذه العروض التى شهدتها فرنسا على الإطلاق. وكان من حيثيات هذا الاختيار هو المغامرة باستضافة مسرح أوليمبيا الشهير لحفل تغنى فيه أم كلثوم فى نوفمبر عام 1967 بمبلغ خرافى يفوق أجر «اديث بياف» مطربة فرنسا الأولى .. وأقيم الحفل بعد خمسة شهور فقط من وقوع نكسة يونيو وهى المغامرة الثانية لاحتمال مقاطعة العرب واليهود لهذا الحفل. وقد اتصل«ملحق الجمعة» بالأستاذ محمد سلماوى الذى أفرد ملف المجلة الفرنسية مساحات واسعة لمشاهداته عن الحفل حيث كان حاضرا بصفته مترجما لأم كلثوم ، فروى الأستاذ سلماوى مواقف لم تذكرها المجلة كان بطلها الرائع الراحل جلال معوض حين قدم الحفل قائلا :«اليوم أيها السادة تغنى أم كلثوم فى باريس وغدا بإذن الله تغنى فى القدسالمحتلة بعد تحريرها» فاعتبر مدير المسرح «كوكاتركس» هذا التقديم «كلاما فى السياسة» فى محفل فنى ، الأمر الذى قد يثير ضده الانتقادات ويهدد بمصادمات مع الجالية اليهودية، وقال المدير هذا الكلام باللغة الفرنسية وفهمت أم كلثوم ما قاله ولم تنتظر الترجمة منى وردت على الفور باللغة العربية قائلة: « قل له إننى هنا فى مهمة سياسية، لإزالة آثار العدوان على بلادى، وأجر هذا الحفل سوف يخصص لذلك، وكل العرب وأنصار مصر والمعادين للظلم والعدوان جاءوا لكى يسمعونى ويسمعوا صوت مصر المنتصرة التى لا تموت ولن تموت، وإذا كنت تخشى الحرج وموقف اليهود من الحفل وأسلوب تقديم الحفل فأنا سأعفيك من الحرج وعليك أن تلغى الحفل على مسئوليتى» ، فاضطر «كوكاتركس» إلى المغامرة للمرة الثالثة والرضوخ لمنطق ملكة مصر أم كلثوم وطريقة تقديم جلال معوض لحفلها.