بحيرة «قارون» التى تمتد على مساحة 55 ألف فدان، تعد أحد أهم المعالم السياحية المهمة بمحافظة الفيوم حيث يقصدها الزوار من مصر ومختلف بلدان العالم للاستمتاع بها خاصة سياحة اليوم الواحد نظراً لطقسها المعتدل وقربها من القاهرة، لكنها تعرضت خلال الآونة الأخيرة للعديد من المشكلات الناجمة عن ارتفاع نسبة الأملاح وزيادة الملوثات العضوية فيها، الأمر الذى أدى إلى تدهور إنتاجها من الثروة السمكية والتأثير سلباً على النشاط السياحي. تشير الدراسات إلى أن تاريخ إنشاء بحيرة قارون يرجع إلى العصر الفرعونى حيث أقامها الملك امنمحات الثانى لتخزين المياه فيها خلال فترة الفيضان وكانت مساحتها تبلغ 2800 كيلومتر مربع، وكانت مياهها عذبة قبل إدخال نظام الرى المستديم فى القرن التاسع عشر، لكن مع مرور الوقت ولأنها بحيرة صناعية مغلقة زادت نسبة التلوث الناتج عن مخلفات الصرف الزراعى من مبيدات وأسمدة ومعادن، ومياه الصرف الصحى التى تصب فيها من القرى المحيطة بها، كما تعانى البحيرة من مشكلة بيولوجية نتيجة تعفن الطحالب فى قاعها خصوصاً خلال أشهر الصيف عندما تنحسر المياه، مما يؤدى إلى انبعاث روائح كريهة ناتجة عن غاز كبريتيد الهيدروجين الذى جعل البحيرة تبدو كأنها مجمعا للصرف الصحي، كما أدت زيادة المواد العضوية إلى نقص كمية الأوكسجين اللازمة لتنفس الأسماك فانهارت الثروة السمكية ، مما أدى الى معاناة 10 آلاف مواطن يعملون فى حرفة الصيد من أبناء الفيوم. المهندس صلاح نادى مدير عام منطقة وادى النيل للثروة السمكية يقول : ماتعانيه بحيرة قارون يعود إلى تراكمات 30 عاما من الصرف الصحى غير المعالج والذى أدى إلى تدهور الإنتاج السمكي، لأن المواد العضوية الناتجة عن الصرف الصحى تؤدى إلى زيادة تركيز «الأمونيا» التى تحرق الأوكسجين وتؤدى إلى نفوق الأسماك، وتم إجراء مقايسة تقديرية لمسافة 10 كيلو مترات فى الجزء المواجه لمصرف البطس تبين أن كمية المواد العضوية المطلوب رفعها من هذه المساحة فقط تقدر بنحو 39 مليون متر مكعب. وأضاف: مع الوقت تزايد التأثير السلبى لارتفاع كمية المواد العضوية فى مياه البحيرة بشكل تدريجي، لكنه ظهر بشكل ملحوظ خلال شهر ديسمبر من عام 2014، ففى الوقت الذى بلغ فيه إنتاج بحيرة قارون من الأسماك عام 2014 نحو 4555 طنا، انخفض الإنتاج عام 2015 ليبلغ 1030 طنا فقط أى نحو ربع إنتاج العام السابق، وكانت الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية تقوم بزيادة كميات الزريعة التى يتم القاؤها فى مياه البحيرة لمواجهة النفوق المتوقع فى الأسماك بسبب المواد العضوية، حيث تم تزويد البحيرة ب18 مليون وحدة زريعة خلال العام الماضى 2015، ووفرت الهيئة كراكتين عملاقتين لتطهير البحيرة من المخلفات العضوية المترسبة فى قاع البحيرة لإعادة الحياة إليها مرة أخري، كما يجرى دراسة إقامة مصنع لإنتاج الأملاح على مساحة 4 آلاف فدان وغابة شجرية على مساحة 5 آلاف فدان شمال شرق بحيرة قارون لتخفيف حدة الملوحة التى وصلت إلى ما يقرب من 34 ألف جزء فى المليون. وعلى الصعيد الإنسانى اشتكى صيادو الفيوم من تدهور الإنتاج السمكى فى بحيرة قارون بسبب ارتفاع نسبة التلوث، وعدم وجود خطة واضحة المعالم لمواجهة هذه المشكلة التى أثرت على معيشتهم وجعلتهم يهجرون المحافظة للبحث عن لقمة العيش فى محافظات أخرى مما يعرض حياتهم للخطر، وطالب الصيادون بزيادة كميات الزريعة التى يتم تزويد البحيرة بها وسرعة وضع حلول عاجلة لمشكلة الصرف الصحى التى تصب فى مياهها. من جانبه أكد المستشار وائل مكرم محافظ الفيوم، اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية بتنمية محافظة الفيوم وتوفير المناخ المناسب للاستثمار فيها، لخلق فرص عمل جديدة للشباب فى إطار الخطة القومية لتنمية الصعيد، مشيراً الى أن المحافظة لا تألو جهداً فى البحث عن آليات جديدة لتنمية بحيرة قارون والحفاظ على الحياة المائية فيها، الأمر الذى يعود بالنفع على أبناء المحافظة خاصة من العاملين بمجالى الصيد والاستزراع السمكي. وأوضح مكرم أنه تم إعداد مخططات تنموية للساحل الشمالى لبحيرة قارون على مساحة 2760 فدانا بوصفها أحد أهم المناطق السياحية الواعدة على أرض المحافظة، حيث سيتم إقامة عدد من الفنادق والمنتجعات السياحية ونادى للرياضات المائية وغيرها من المشروعات التى تسهم فى تحسين المستوى الإقتصادى وتوفير العديد من فرص العمل للشباب، كما يجرى دراسة إقامة مصنع لاستخراج الأملاح بطاقة 600 ألف طن سنوياً لتخفيف نسبة الأملاح فى مياه البحيرة، وتسعى المحافظة لحل مشكلة تلوث مياه بحيرة قارون من الصرف الصحى بشكل جذرى من خلال تنفيذ مشروع عملاق لإقامة محطات صرف صحى تخدم 88 قرية بالمناطق القريبة من البحيرة بتكلفة إجمالية 2,8 مليار جنيه.