من أخطر الملفات التي تنتظر الرئيس المقبل, ملف تجارة المخدرات, والعمل علي الحد من انتشارها, وتجفيف منابع غسل الأموال الناتجة من الإتجار بالمخدرات التي تزايدت منذ قيام ثورة25 يناير بشكل كبير. حتي أصبحت خارج السيطرة, حيث تسبب الانفلات الأمني الذي شهدته مصر علي مدي الشهور ال16 الماضية منذ قيام الثورة, وحتي الآن, في رواج غير مسبوق للمخدرات, التي تغيرت الخريطة الخاصة بها من حيث عدد التجار ومروجي الصنف الذين تزايدت أعدادهم بشكل كبير. لم تعد هذه التجارة مقصورة علي معتادي الإجرام والمسجلين خطر, فقد دخلت هذه الدائرة فئات أخري من المجتمع بحثا عن المكسب السريع بينهم موظفون وطلبة جامعة وعمال, وما شجعهم علي هذا حالة الانفلات الأمني التي شهدتها مصر. كما شهدت خريطة المخدرات تغييرا كبيرا خلال الفترة القصيرة الماضية, وأصبح الهيروين من بين أكثر المخدرات شيوعا بسبب زيادة كميات التجارة به, وأصبح ينافس الحشيش, والترامادول, والبانجو في صدارتها لسوق المخدرات, حيث لا يتجاوز سعر تذكرة الهيروين الشعبي ال50 جنيها, وزاد الإقبال عليه بشكل كبير, خصوصا في المناطق الشعبية التي أصبح الهيروين بها في متناول الجميع في ظل غياب الرقابة والمتابعة الأمنية. وتشير الإحصائيات حسب تقارير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان بمجلس الوزراء إلي أن حالة السيولة الأمنية التي يعيشها الشارع المصري حاليا أوجدت تدفقا غير مسبوق للمخدرات, فالحالة الأمنية انعكست بشكل سلبي علي انتشار المخدرات, فوفقا لآخر الإحصائيات دخل مصر بعد الثورة قرابة ال105 ملايين قرص ترامادول, كما أن الأعداد تضاعفت في الفترة الأخيرة خاصة مع استمرار تهريب عقار الترامادول الآسيوي, الذي تعتبر المادة الفعالة فيه أضعاف المادة العادية, مما يؤثر في سرعة إدمان العقار في فترة زمنية أقل. وحسب إحصائيات صندوق مكافحة وعلاج الإدمان يحتل إدمان الترامادول الترتيب الأول الذي وصل إلي53%, خاصة أنه ينتشر بين فئة عمرية صغيرة جدا وصلت إلي11 سنة, علي الرغم من الانتشار الكبير لعقار الترامادوال لايزال مخدر الحشيش يتربع علي عرش انتشار المواد المخدرة. ومن أبرز الصعوبات التي تواجه مكافحة تجارة المخدرات والتوعية بخطورتها في مصر ضعف مصادر التمويل, فهل يستطيع الرئيس المقبل أن يغير هذا الواقع؟ اللواء مجدي البسيوني مساعد وزير الداخلية الأسبق يري أنه من الضروري أن تقوم وزارة الداخلية بتشديد الإجراءات الأمنية علي الأكمنة المختلفة لضبط كميات المخدرات المختلفة التي يتم تهريبها بين المحافظات للحد من انتشار هذه الظاهرة. وأضاف البسيوني أن تجار المخدرات روجوا كميات كبيرة خلال الفترة القصيرة الماضية بسبب انشغال الأمن في المظاهرات, وإرهاقه في أمور أخري, وأن تجار المخدرات أصبحوا يستعينون بالأطفال والنساء المنتقبات للإفلات من مطاردة الشرطة لهم ونجحوا بالفعل في هذا. وشدد اللواء البسيوني علي أنه علي الداخلية أن تكثف نشاطها لضبط التجار الكبار الذين يدخلون كميات كبيرة للبلاد عبر المنافذ المختلفة وليس مطاردة المتعاطين الذين يعتبرون ضحية. وأضاف البسيوني أن وزارة الصحة مسئولة عن انتشار الترامادول بسبب عدم رقابتها الجيدة علي الصيدليات, كما أن الأسرة مسئولة عن انتشار تعاطي المخدرات بسبب عدم الرقابة الجيدة علي أولادها. الدكتور شريف كمال أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة أكد أننا في حاجة إلي نصوص جديدة تتعلق بالإجرام المنظم مثل عصابات الاتجار في المخدرات وتهريب الأسلحة والآثار, فالتشريع الموجود لا يكفي لمواجهة هذه الظواهر. وأضاف كامل أن ما يحدث في مصر حاليا من انفلات أمني قابله وجود عصابات دولية منظمة استغلت الفراغ الأمني وجلبت كميات كبيرة من المخدرات إلي البلاد, ولابد من محاربة هذه العصابات بالقانون كما حدث في دول الاتحاد الأوروبي التي سنت تشريعات جديدة لمواجهة المافيا, وهذه التشريعات كان لها دور في الحد من حجم تجارة المخدرات.