تعد دار الإفتاء المصرية من أبرز المؤسسات الدينية التى تبذل قصارى جهدها بمختلف الوسائل العلمية المنهجية والتكنولوجيا الالكترونية العصرية الحديثة، ومواقع التواصل الاجتماعى لمواجهة الفكر المتطرف من ناحية، ومجابهة "فوضى الفتاوي" من جهة أخري، ولعل المؤتمر العالمى لدار الإفتاء ومبادرة توحيد الفتوى وتأسيس أمانة عالمية للإفتاء الذى عقد منذ نحو عام بالقاهرة، خير شاهد على ذلك. ونحن بدورنا نتساءل: ما الذى تحقق بعد عام مضى على صدور توصيات المؤتمر؟ وإلى اى مدى تم تنفيذ توصيات هذا المؤتمر على ارض الواقع، وما أبرز النتائج حتى الآن؟، وهل يوجد تنسيق مع دور الإفتاء فى الدول العربية والإسلامية؟ وماذا عن استعدادات دار الإفتاء فى التوسع لإنشاء لجان للفتوى فى جميع المحافظات للتخفيف عن معاناة المواطنين؟ الخطاب الإفتائى يقول الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، إن دار الإفتاء اتخذت خطوات جادة وحقيقية لمحاصرة «فوضى الفتاوى»، وتم تنفيذ العديد من الخطوات العملية عقب مؤتمر دار الإفتاء العالمى فى أغسطس العام الماضى. حيث أعلنا نهاية العام الماضى عن تأسيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم يكون مقرها القاهرة، بحضور أكثر من 30 مفتيًا من مختلف دول العالم، وتتولى هذه الأمانة بناء استراتيجيات مشتركة بين دور الإفتاء الأعضاء لمواجهة التطرف فى الفتوى وصياغة المعالجات المهنية لمظاهر التشدد فى الإفتاء، والتبادل المستمر للخبرات بين دور الإفتاء الأعضاء والتفاعل الدائم بينها، ووضع معايير وضوابط لمهنة الإفتاء وكيفية إصدار الفتاوى تمهيدًا لإصدار دستور للإفتاء يلتزم به المتصدرون للفتوي، وكل هذا يصب فى مصلحة تجديد الخطاب الدينى وتقويض فوضى الفتاوي، ومنذ أن أعلنا عن إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء ونحن نعقد اجتماعات مستمرة ودورية من أجل توحيد الخطاب الإفتائى على مستوى دور الإفتاء والهيئات الإفتائية من الأعضاء، كما سيتم عقد مؤتمر دورى سنوى يهتم ببحث قضايا الإفتاء، سعيًا إلى مساعدة الأمة الإسلامية فى ظل التحديات التى تواجهها، والتى تسببت فى واقع عصيب تعيشه كثير من بلاد المسلمين سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا وأخلاقيًّا، وسيكون عنوان المؤتمر القادم: “التكوين العلمى والتأهيل الإفتائى لأئمة المساجد للجاليات المسلمة“، كما ستخرج بعض القوافل الإفتائية المشتركة فى عدد من دول العالم، وهناك عدد من المشاريع العلمية التى تعكف الأمانة على البدء فيها وفقًا للإستراتيجية التى تم وضعها ستظهر للنور قريبًا. وأضاف: إن الأمانة العامة للإفتاء أنشأت موقعًا إلكترونيًا بلغات عدة لكى يستطيع الوصول لأكبر عدد ممكن من الناس من مختلف البلدان، حيث يستقبل الفتاوى والتساؤلات ويرد عليها، كما يعرض أبحاثا ومقالات تفند الفكر المتطرف وترد عليه، كما تم إنشاء مجلة تحت باسم “مجلة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم” سيصدر أول عدد منها فى أبريل المقبل، وهى مجلة فصلية علمية مُحكَّمة، تصدر بعدة لغات، ومتخصصة فى نشر البحوث العلمية من مختلف دول العالم. مجالس إفتائية وحول عدد لجان الفتوى بالمحافظات وتعميم ذلك فى كل المحافظات، يوضح الدكتور محمد وسام خضر أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الدار لديها 3 فروع، الأول فى القاهرة وهو الرئيسى ثم فى الإسكندرية وأسيوط، ونبحث التوسع فى الفترة القادمة فى عدد من المحافظات، ولكننا وحتى يتم هذا قمنا بعمل جولات ومجالس إفتائية فى عدد من محافظات مصر فى مراكز الشباب هناك بالتنسيق مع وزارة الشباب، وقد لاقت اقبالًا كبيرًا، كما أننا حققنا طفرة كبيرة فى استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعى للوصول إلى أكبر عدد ممكن من طالبى الفتوى من مختلف محافظات مصر وبلدان العالم والإجابة على تساؤلاتهم، وكان آخر تلك الوسائل تدشين برنامج فتاوى دار الإفتاء على الهواتف الذكية بنظامى “آى أو إس” و”أندرويد” يتيح للجميع إرسال الفتاوى واستقبال ردود الدار عليها بسهولة ويسر عبر الهواتف الذكية. وعن جهود دار الإفتاء فى مساعدة المواطنين وعدم تركهم نهبا لشيوخ الفضائيات غير المتخصصين، أشار مستشار المفتى إلى أن الدار بذلت ولا تزال تبذل الكثير من أجل القضاء على فوضى الفتاوى وتجديد الخطاب الديني، ومواجهة الفكر المتطرف والتى بدأتها بإنشاء مرصد لرصد فتاوى التكفير والرد عليها وتفنيدها، كما قامت الدار بإصدار العديد من الإصدارات المطبوعة والإلكترونية بالعربية والإنجليزية من أجل تصحيح المفاهيم فى الداخل والخارج، فضلًا عن موقع الدار الذى يبث بعشر لغات وصفحات التواصل الاجتماعي. وأضاف: لم تقتصر مجهودات الدار على ذلك فقط، بل أوفدنا- وما زلنا - علماء دار الإفتاء فى جولات خارجية للعديد من دول العالم لتصحيح صورة الإسلام فى الخارج وتوضيح المفاهيم الإسلامية السمحة، ويجب هنا أن أنبه إلى أن القضاء على فوضى الفتاوى وتجديد الخطاب الدينى هو عمل مؤسسى ولا يقتصر فقط على المؤسسة الدينية المتمثلة فى الأزهر الشريف، ولكن تشارك فيه أيضًا المؤسسات التعليمية والثقافية والتى يجب أن تقوم بدورها بالتوازى مع دور المؤسسات الدينية من أجل الرقى بالمجتمع، ودار الإفتاء بالفعل تقوم بتدريب الكثير من طلبة العلم والأئمة على مهارات الإفتاء، وذلك فى إدارة التدريب بالدار التى تقوم بجهد كبير فى هذا الشأن، ولا يقتصر الأمر على تدريب الأئمة وطلبة العلم فى مصر فقط، بل تم تخريج دفعات من برامج التدريب على الإفتاء من مختلف دول العالم بعد أن استمروا فى التدريب لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.