ثلاثة ملفات رئيسية كانت على مائدة كافة المناقشات والاجتماعات التى اجرها وفد مجلس النواب المصرى برئاسة الدكتور على عبد العال رئيس المجلس خلال زيارته للعاصمة الروسية موسكو منتصف شهر يوليو الحالى ، أبرزها طلب مصر من الجانب الروسى بالعمل على إعادة تشغيل خط الطيران المباشر بين القاهرةوموسكو والذى علقته السلطات الروسية عقب حادث سقوط الطائرة الروسية . بالاضافة الى مادار خلال اللقاءات من مناقشات مهمه حول العمل على عودة حركة السياحة الروسية لمصر وهما ملفان بدا من خلال اللقاءات أنهما لا يشغلان اهتمام الجانب المصرى وحدة بل يشاركة فى ذلك المسئولون الروس ، وهو ما كشف عنه لقاء الوفد مع فالنتينا ماتفيينكو رئيسة الاتحاد الروسى والتى أبدت حماسا كبيرا لدفع العلاقات بين مصر وروسيا وعودة خط الطيران ، وتأكيدها على أن البرلمان المصرى يعد أهم حليف عربى للبرلمان الروسى ، وعبرت خلال اللقاء عن تطلع الروس واهتمامهم بعودة خط الطيران وحركة السياحة ، وأكدت حرصها الشخصى على ذلك استنادا الى علاقة الصداقة والود والمصاهرة التى تربط الشعبين الروسى والمصرى ، أضف الى ذلك ما كشف عنه سيرغى ناريشكين رئيس مجلس الدوما خلال لقائه الوفد البرلمانى المصرى فى ختام زيارته لروسيا عن عقد الرئيس الروسى فلادمير بوتن اجتماعا ناقش فيه مع عدد من المسئولين الروس ما دار خلال جولة وفد البرلمان المصرى لموسكو ، وبصفة خاصة الزيارة المهمة التى قام بها الوفد لمحطة كالينين للطاقة النووية. صحيح أن الزيارة - والتى صاحبتها حالة من الجدل وصلت للانتقاد والادعاء بعدم جدواها نظرا لانها تمت خلال فترة عطلة مجلس النواب الروسى «الدوما» - ، إلا أن واقع الزيارة أثبت خلاف ذلك تماما ، فمن جهة أولى لم تكن الزيارة بدافع تحرك شخصى من البرلمان المصرى للتواصل والانفتاح مع برلمانات العالم «وأن كان ذلك مشروعا» بل كانت استجابة لدعوة وجهها مجلس النواب الروسى «الدوما» لرئيس البرلمان المصرى ، وتمت اجراءات الزيارة والتنسيق لها بتخطيط من قبل الدوما الذى تولى تنظيم كل كبيرة وصغيرة فى جولة وفد البرلمان المصرى لروسيا ، هذا بالاضافة الى اللقاءات التى عقدت مع عدد من كبار مسئولى الدوما كان أولها استقبال ألكسندر رامونوفيتش نائب رئيس مجلس الدوما للوفد المصرى بمجرد وصوله الى العاصمة الروسية موسكو ، وعقده للقاء رسمى آخر فى ثانى أيام الزيارة ثم العديد من اللقاءات التى تمت مع عدد من أعضاء المجلس كان من أبرزها لقاء السياسى البارز فى المجتمع الروسى الكس بشكوف رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالدوما واللقاء مع سيرغى ناريشكين رئيس مجلس النواب الروسى الدوما والذى اختتم به وفد البرلمان المصرى زيارته للعاصمة الروسية، هذه اللقاءات والتى تم اجراؤها جميعا داخل مقر الدوما ذاته كانت أكبر رد على تلك الادعاءات . وما يجب الاشارة أليه هنا هو أن تلك الادعاءات تكشف عن حالة خلط واضح للأوراق فزيارة الوفود البرلمانية لا يكون لها أى نتائج واقعية سواء باتفاقيات أو مفاوضات توقع، انما هى أدوار سياسية مهمة، فدورها الأول هو تعميق التواصل السياسى المباشر بين برلمانات الدول وبعضها واجراء المناقشات السياسية حول الملفات المطروحة لعرض وجهات النظر السياسية المصرية، أما المفاوضات والاتفاقيات والتوقيع ان وجد فهى أدوار لا علاقة للبرلمان به ، ولذلك فان دور الزيارة البرلمانية هو سياسى بحت، وهو دور بالغ الاهمية تبنى عليه المواقف والاتفاقيات. وجود رئيس البرلمان المصرى بموسكو ومصاحبته لوفد برلمانى رفيع ضم كلا من السفير محمد العرابى رئيس لجنة العلاقات المصرية وأسامة هيكل رئيس لجنة الاعلام وطلعت السويدى رئيس لجنة الطاقة وسحر طلعت مصطفى رئيسة لجنة السياحة والنائب مجدى ملك والمستشار أحمد سعد الدين الأمين العام لمجلس النواب ورافقه السفير النشط جدا محمد البدرى سفير مصر بروسيا ، كان علامة فارقة فى العلاقات المصرية الروسية ، وبرز ذلك وفقا لتصريحات السفير البدرى من خلال الاهتمام الواسع لوسائل الاعلام الروسية فى متابعة الزيارة وحرص عدد من القنوات الروسية على اجراء لقاءات مع رئيس البرلمان المصرى وهى أمور بالغة الاهمية خاصة لما نلمسه من اهتمام من جانب الشعب الروسى قبل المسئولين الروس لعودة خط الطيران المباشر وحركة السياحة وهو الأمر الذى أكدته رئيسة مجلس الاتحاد الروسى عندما أشارت خلال لقائها للوفد المصرى بأن شعبنا ينتظر قرار عودة السياحة الى مصر لارتباطهم بمنطقتى الغردقة وشرم الشيخ ، وهو ذات الأمر الذى أكدت عليه عضوة الوفد سحر طلعت مصطفى رئيسة لجنة السياحة بمجلس النواب والتى أكدت على أن الوفد المصرى لمس خلال لقاءاته حرص كافة الجهات على عودة خط الطيران المباشر والحركة السياحية لمصر ، واشارت سحر الى ما أكدت عليه رئيسة مجلس الاتحاد الروسى عن أن مجلس الاتحاد لو شعر بوجود بيروقراطية من جانب الخبراء الروس فى ذلك سيتدخل ليزيلها، بالاضافة الى ما أكده نائب رئيس الدوما من أن جميع الأحزاب والكتل البرلمانية تقف مع عودة حركة السياحة فورا. الملف الثالث الذى كان على أجندة زيارة الوفد البرلمانى هو زيارة إحدى المحطات النووية ، ولم يكن حرص الوفد البرلمانى هو الزيارة لأى محطة انما كان حريصا على أن تكون الزيارة لمحطة تابعة لشركة «روس أتوم» على وجه الخصوص باعتبارها الشركة صاحبة عرض إنشاء محطة الضبعة النووية ، وأن كان ظاهر الزيارة يشير الى أن زيارة المحطة النووية كانت فى أخر جدول زيارة الوفد الى روسيا ، إلا أن واقع الزيارة وما صاحبها من جولات وتساؤلات سواء من جانب الدكتور على عبد العال رئيس المجلس أو من أعضاء الوفد وعلى رأسهم النائب طلعت السويدى رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب يؤكد على أن تلك الزيارة النووية كانت محورا مهما للغاية على جدول أعمال الوفد البرلمانى المصرى بروسيا ، تلك الزيارة التى بدأت مع الساعات الأولى من صباح الخميس 14 يوليو الحالى عندما توجه وفد البرلمان المصرى فى السادسة من صباح ذلك اليوم لاستقلال طائرة عمودية نقلته فى رحلة استمرت ساعة ونصف لمسافة 350 كيلو مترا انطلاقا من العاصمة الروسية موسكو وصولا الى مدينة كالينين حيث واحدة من أكبر المحطات النووية والتى تضم 4 مفاعلات ، وهى ذات المحطة المقرر انشاؤها بالضبعة. ..والضبعة وفقا لتصريح بوكرمانو تشرمن رئيس شركة روس أتوم من أنه سيطبق بها تكنولوجيا أكثر تطورا حيث تمتاز المحطات الحديثة بقدرتها على الانغلاق الذاتى حال حدوث أى خلل فى نظام عملها ، أهمية الزيارة ظهرت من خلال حرص رئيس مجلس النواب المصرى والوفد المرافق له على الوقوف على كل صغيرة وكبيرة بخصوص آلية عمل المحطة خلال جولتهم داخلها، ومتابعة عملها من داخل غرفة التحكم الرئيسية ثم انتقالهم الى منطقة التوربينات حيث التفاعلات النووية انتهاء بزيارة مركز المحاكاة والمنشأ خصيصا لتدريب المهندسين والفنيين ومتابعة منظومة تدريبهم وتأكدهم من عدم السماح لاى فرد بالعمل بالمحطة إلا بعد اجتيازه فترة تدريب تستمر 100 يوم يمنح بعدها المتدرب رخصة أو تصريحا للعمل داخل المحطة ، كما حرص الوفد على الوقوف على ارض الواقع على وسائل التأمين ومراقبة الأشعاع سواء بالمنطقة أو العاملين أنفسهم ، والسؤال عما اذا كانت تتم بشكل دورى أم عشوائى وكانت الردود الحاسمة بأن تلك الرقابة والقياسات لمستوى الاشعاع تتم على مدار الساعة من قبل مسئولى البيئة ، كما أن عمليات قياس مستوى الاشعاع للعاملين تتم خلال الدخول والخروج ، وكانت المفاجأة عندما كشف مسئولو المحطة عن أن الوفد البرلمانى خلال دخوله المحطة تم قياس مستوى الاشعاع بأجسامهم لحظة دخولهم عند الابواب الخارجية ليعاد القياس مرة أخرى لحظة الخروج لبيان عما اذا كان هناك أى فرق ، وهو أجراء متبع لكل العاملين والمترددين على المحطة . هذا الاهتمام من جانب الوفد المصرى بزيارة المحطة النووية الروسية قابله اهتمام كبير جدا من جانب المسئولين الروس ، وظهر ذلك من خلال التسهيلات فى جولة الوفد المصرى داخل المفاعل والذى يحظى بتدابير أمنية عالية وتحذيرات ومنع دخول بعض المناطق كاجراء أمنى وهو الأمر الذى تم تذليله تماما لوفد البرلمان المصرى والذى أتيح له التجول بحرية داخل المفاعل وبلغت تلك الحرية السماح بالتقاط صور للوفد من داخل غرفة تحكم المفاعل ذاته ، تلك التسهيلات الأمنية دليل واضح على الاهتمام الروسى بتوفير المعرفة لوفد البرلمان المصرى والذى من المفترض أن تعرض عليه الاتفاقية المصرية الروسية بشأن انشاء محطة الضبعة فور توقيعها . وقد كان الهدف من زيارة المحطة كما أوضح الدكتور على عبد العال، هو الوقوف على أرض الواقع على اجراءات الأمن والسلامة المطبقة فى المفاعل مشيرا الى أن مشروع الضبعة يتضمن 3 ملفات «فنى ومالى وقانونى» ولكل ملف جهة معنية به ، وأشار رئيس المجلس الى أن زيارة الوفد البرلمانى ليست من باب الدراسات الفنية فذلك له متخصصون ، انما هى زيارة لمعاينة الواقع وليس الفنيات ، وما يؤكد ذلك هو اصرار الوفد عقب انهاء زيارته للمحطة على اجراء جولة بالمناطق السكنية المحيطة بها للتأكد من سلامة الحياة الطبيعية والبيئية بالمنطقة المحيطة بالمفاعلات لازالة أى تخوفات بشأن المفاعلات وتأثيرها على الحياة الطبيعية ، فكانت الجولة والتى حرص خلالها الوفد على لقاء عدد من أهالى «سكان المنطقة المحيطة» وأجرى رئيس المجلس حوارا من خلال المترجم المرافق للوفد مع عدد من السكان والرسامات اللاتى تصادف وجودهن بمنطقة الغابات الطبيعية المجاورة للمفاعل ، كما حرص على الوقوف على سلامة الثورة السمكية بالبحيرة المستغلة فى عمليات تبريد المفاعلات واعادة المياه مرة أخرى لها ، وذلك من خلال حوار أخر أجراه الوفد ايضا مع عد من الصيادين للتأكد من عدم تأثر نشاطهم فى عمليات الصيد من البحيرة بوجود المفاعل النووى ، تلك التساؤلات كما أشار النائب اسامة هيكل رئيس لجنة الإعلام كانت هدفا للوفد لإزالة التخوفات التى كانت موجودة من احتمال تضرر السكان أو البيئة بالمناطق المحيطة للمفاعلات وهو الأمر الذى ثبت للوفد البرلمانى عدم صحته . نتائج الزيارة للمحطة النووية لم تكن فى حاجة لسؤال بعد التصريحات التى أدلى بها النائب طلعت السويدى رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب وأحد أعضاء الوفد عندما أكد فى نهاية الجولة الى أننا نتطلع فى البرلمان الى تشييد «الهرم الخامس» بمصر بعد السد العالى من خلال تنفيذ مشروع الضبعة النووى وهو ما دعانا للقيام بزيارة المفاعل لإزالة التخوفات التى كانت لدى بعض أفراد الشعب من أضرار هذا المفاعل ، ولذلك كان علينا كنواب للشعب أن نقف على صحة تلك الأمور .