رعب شديد أصاب بسنت الطفلة ذات العامين عندما هاجمها كلب مسعور أمام منزلها الأسبوع الماضى فى أسوان، ليفترس وجهها أثناء وداع والدها قبل ذهابه للعمل، والذى تمكن بصعوبة من إنقاذ ابنته بعد أن أصيبت بتشوهات بالغة، وصدمة نفسية شديدة لن يمكن علاجها بسهولة. قصة »بسنت« تتكرر يومياً مئات المرات مع اختلاف التفاصيل فى كل محافظات مصر، حتى وصلت الأعداد المسجلة بوزارة الصحة للحالات التى عقرتها الكلاب فى مصر خلال عام 2015 فقط إلى 324 ألفا و986 حالة، منها 55 حالة وفاة، أى أن هناك ما يقرب من 890 حالة عقر يومياً على مدى العام الماضي، وهى أرقام هائلة تمثل جرس إنذار قويا ينبه إلى ضرورة التحرك بحسم لمواجهة المشكلة. الدكتور حسن الجعوينى رئيس الإدارة المركزية للصحة العامة والمجازر بالهيئة العامة للخدمات البيطرية والمسئول الأول عن مكافحة الكلاب الضالة، يقول »نبذل قصارى جهدنا للقيام بالدور المنوط بنا وهو الحفاظ على الصحة العامة وحماية المواطن المصرى فى إطار صلاحياتنا وتحت ضغوط هائلة نتعرض لها دولياً ومحلياً من منظمات وجمعيات الرفق بالحيوان«. ويضيف »تواجهنا صعوبات كبيرة خلال ممارستنا عملنا، فبعض المواطنين يشكون من انتشار الكلاب الضالة ويطالبون بالتخلص منها حماية لهم ولأسرهم والبعض الآخر يهاجمنا ويتهمنا بالوحشية وعدم مراعاة حقوق الحيوان رغم أننا من أشد المؤيدين لها ولدينا بالفعل وحدة للرفق بالحيوان، ولكننا نستند فى عملنا إلى القانون وهناك فتوى دار الإفتاء الصادرة بتاريخ 13 نوفمبر 2007 والتى توضح أن الشرع جعل من حق الإنسان أن يدفع ضرر الحيوانات المؤذية عن نفسه ولو بقتلها إذا لم يندفع ضررها إلا بذلك«. ويوضح الدكتور الجعوينى »أخطار الكلاب الضالة تمتد إلى ما هو أبعد من الإصابة بالسعار نتيجة العقر، فهناك أكثر من 300 مرض مشترك ينقلها الكلب للإنسان منها الديدان الحويصلية والجرب والقراع والتوكسوبلازما والسل والسلمونيلا والديدان المفلطحة والديدان الشريطية والفلاريا والبروسيلا وغيرها«. ويشرح الجعوينى » البيئة الأصلية للكلاب هى الصحراء لذلك تكون أكثر انتشاراً فى المدن التى لها ظهير صحراوي، ولكنها تركت بيئتها واتجهت للمناطق السكانية نتيجة انتشار القمامة التى تتغذى عليها، وفى حالة عدم توافر الطعام تتجه الكلاب لمهاجمة الحيوانات والبشر لكى تحصل على غذائها«. وحول أسباب تزايد حالات العقر سنوياً والتى ارتفعت من 273 ألفا و942 حالة فى 2013 إلى 303 آلاف و861 حالة فى 2014، قبل أن يصل العدد إلى أكثر من 324 ألف حالة العام الماضي، قال »انتشار القمامة هو السبب الرئيسى خاصة بعد ثورة يناير 2011 والتى وصل بعدها حجم القمامة فى الشوارع إلى معدلات غير مسبوقة«. الدكتور أيمن محروس مدير الإدارة العامة للصحة العامة والأمراض المشتركة بالهيئة يقول أنه لا يوجد حصر دقيق لأعداد الكلاب فى مصر، لافتاً إلى إنه كانت هناك محاولة بالتعاون مع إحدى الجهات الأسبانية لحصر أعداد الكلاب فى مصر، ولكنها فشلت بسبب عدم ثبات الكلاب وتجولها باستمرار من منطقة لأخري، وإن كانت بعض التقديرات التقريبية ترجح وجود أكثر من 15 مليون كلب فى شوارع مصر. وحول إمكانية تعقيم الكلاب كأحد الحلول للحد من تزايد أعدادها يوضح »تعقيم الكلب الواحد تتراوح تكلفته من 250 إلى 300 جنيه مما يعنى صعوبة القيام بذلك نظراً للتكلفة المالية الهائلة التى ستصل للمليارات من الجنيهات، بجانب ما يتطلبه الأمر من تجهيزات متطورة ومكلفة للغاية للإمساك بالكلاب، وتوفير مكان لإعاشتها لمدة يوم بعد تعقيمها«.