لاتزال ردود الفعل والجدل القانوني حول استرداد الأموال المهربة للخارج مستمرين بعد صدور حكم محكمة الجنايات ببراءة حسني مبارك ونجيله من بعض التهم التي وجهتها إليهم النيابة العامة بالفساد, لكن الرأي القانوني أن هذا الحكم ليست له صلة بإجراءات استرداد هذه الأموال لأن استردادها سيكون بمقتضي أحكام قضائية عادلة تصدرها المحاكم المصرية. بينما يري البعض الآخر أن أحكام البراءة وسام علي صدر القضاء المصري, وإقرار صفة الإنصاف والعدل. يوضح المستشار ممدوح راغب عبدالظاهر مساعد وزير العدل للتشريع الأسبق والرئيس بمحكمة استئناف القاهرة, أن أحكام البراءة التي حصل عليها المتهمون ليست مجال التحقيقات التي تجريها إدارة الكسب غير المشروع, أو النيابة العامة في قضية استرداد الأموال المهربة للخارج, ويطمئن الرأي العام بأن الأيام القليلة المقبلة ستحمل مفاجآت سارة في هذا المجال, مؤكدا أن إجراءات استرداد هذه الأموال تستغرق فترة زمنية حتي تكون صحيحة, مطمئنا القوي الثورية أنه تتخذ عدة إجراءات قانونية حيال عملية استرداد هذه الأموال علي مستوي إدارة الكسب غير المشروع, وإدارة غسل الأموال, ولن تعلن النتائج إلا بعد الاطمئنان لصحة هذه الإجراءات وتفعيلها. وأشار إلي أن هناك بعض العقبات لابد لسلطات التحقيق أن تتغلب عليها بالأساليب القانونية, حيث إن هناك قانون سرية الحسابات المصرفية, وهناك دولا تشجع عمليات غسل الأموال ذات المصادر غير الشرعية, والأحكام القضائية المصرية الصادرة لابد أن تحترم مثل هذه المصدات القانونية حتي يكون الحكم مغلفا بطابع الشرعية والعدالة. ويقول الدكتور إبراهيم العناني عميد حقوق عين شمس الأسبق وأستاذ القانون الدولي: إن اتفاقية مكافحة الفساد التي انضمت إليها مصر عام2004 تؤكد أن جرائم الفساد واستغلال النفوذ لا تسقط بالتقادم. وأكد أن أحكام البراءة لن يكون لها تأثير يذكر علي الإجراءات القانونية الدولية لاسترداد الأموال المهربة, مؤكدا أن وزارة العدل تبذل إجراءات قانونية صحيحة في هذا الصدد نحو استرداد هذه الأموال. الأقوال نفسها يؤكدها الدكتور أحمد شرف الدين رئيس قسم القانون المدني الأسبق بحقوق عين شمس قائلا: إن أحكام البراءة لن يكون لها تأثير مباشر علي قضايا استرداد الأموال المهربة, لكن ما يخشي أن يطالب محامي المتهمين بالدفع نفسه الذي قدمه محامي آل مبارك في أثناء المرافعة في قضايا تهريب الأموال واستغلال النفوذ, مشيرا إلي أن التقادم في الجرائم الجنائية يبدأ منذ تاريخ خروج هذا الموظف من الوظيفة العامة إلي المعاش أو الإقالة. أما مصطفي تامر مدير عام الشئون القانونية بالبنك الأهلي المتحد فيقول: إن قانون سرية الحسابات المصرفية يكون عائقا أمام أي جهةلكشف أرصدة شخص ما, إذ يجب أن يتم انتهاك هذه السرية بالطرق القانونية حتي لا يطعن عليها بالبطلان من خلال طلب يقدم إلي رئيس محكمة الاستئناف مع تقديم الأسباب الدافعة لذلك, وعندما يتأكد رئيس المحكمة من جدية الطلب يقوم بالموافقة بالإضافة إلي أن عمليات غسل الأموال تتم بأساليب محكمة للغاية يصعب تتبعها, لكن إدارة غسل الأموال تجري تحريات مكثفة لتعقب دخول وخروج هذه الأموال حيث يقوم المجرمون بغسلها عبر قنوات شرعية, وهي الشركات متعددة الجنسيات, وشركات التجارة الدولية, والأدهي من ذلك أن عمليات غسل الأموال تجري من خلال صناديق ال أوف شور التي لا يعلن عن مؤسسها أو جنسية هذه الصناديق. أما علي الصعيد الاقتصادي فإن الدكتور أحمد جلال رئيس منتدي البحوث الاقتصادية فيري أن أحكام البراءة لا تخل بأحقية مصر في استرداد أموالها المهربة, بل إنها خير كاشف عن عدالة القضاء المصري, وبالتالي يجعل الدول المهربة إليها هذه الأموال تطمئن إلي عدالة هذه الأحكام, فتتعاون مع سلطات التحقيق في مصر. وأضاف أن عدالة هذه الأحكام تجذب أنظار المستثمرين, وتبعث برسالة طمأنينة علي استثماراتهم. وأضاف حمدي رشاد رئيس لجنة الاستثمار بجمعية رجال الأعمال المصريين أن عدالة ونزاهة القضاء تشجع المستثمرين علي دخول البلد لاستثمار أموالهم, أما الأحكام العشوائية فهي تطفش المستثمرين الجادين, أما الفاسدون فإنهم ينتعشون في ظل هذه الظروف.