لغتنا العربية في حاجة لمن يأخذ أمرها مأخذ الجد دون تكاسل أو تراخ حتي يقيل عثرتها أو عثرة أهلها وينأي بها من الوحدة التي تردت اليها. وسقطت حتي علي ألسنة الناطقين بها والذين ينتمون اليها ويزعمون أنهم سدنتها وحملة لوائها حول مشكلة دراسة اللغة العربية ومنهج معالجتها وحدود هذه الدراسة والمصطلحات التي تخصها, جاءت الدراسة البحثية التي أعدها الباحث منصور سعد السحيمي بعنوان العلاقة بين أنماط التركيب وفهم النص دراسة نظرية تطبيقية وقدمها الي كلية دار العلوم جامعة القاهرة لنيل درجة الدكتوراة في علم اللغة, وتشكلت لجنة المناقشة باشراف د. كمال بشر استاذ علم اللغة ود. فتحي يونس استاذ المناهج وطرق تدريس اللغة العربية وناقشها د. محمد المرسي ود. ابراهيم الدسوقي, وقررت اللجنة منح الباحث الدرجة العلمية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولي. إن اللغة العربية كما يقول الباحث في مقدمة الدراسة تفتقر الي المنظور التاريخي الدقيق الشامل الذي من شأنه أن يمد الدارسين والباحثين بتصور اجمالي كلي عن ظواهرها, أما افتقارها الي لائحة ترصد تراكيبها, وترسم مساراتها, وتبين الشيوع والتكرار فيها ونحو ذلك, مازال أمرا بعيد المنال. وتنبع أهمية هذه الدراسة من اهتمامها باللغة العربية في دور التعليم باعتبارها القاعدة الأساسية لتعليم اللغة العربية والاهتمام بها في مراحل التعليم, يقتضي توخي الحذر في تقديمها مفردات وتراكيب ليس في مقررات اللغة فحسب, بل في كل ما يقدم للتلاميذ, لذا تعين أن تكون اللغة المقدمة في المقررات التعليمية علي وجه الخصوص, مناسبة للأعمار والمراحل الدراسية حتي يمكن التلاميذ من الفهم والاستيعاب وأخذ الخبرة, ومن ثم ينمو محصولهم اللغوي ويتعمق وتسلم كل مرحلة إلي أخري حتي نصل في النهاية الي معرفة لغوية مناسبة يمكن أن تنسب الي الصحيح من الكلام. وقد اختارت الدراسة أن تكون المرحلة الثانوية محل الدراسة بوصفها المحصلة النهائية التي تنعكس عليها كل الجهود المبذولة في السنوات السابقة لها. تكونت الدراسة من بابين, اضطلع الباب الأول بالدراسة النظرية وقد حوي ثلاثة فصول اختص الأول منها بمشكلة الدراسة ومنهج معالجتها وحدود الدراسة وتساؤلاتها والمصطلحات التي تخصها. وتناول الفصل الثاني تتبعا لغويا تاريخيا للتركيب العربي. واهتم المبحث الثالث بتوضيح أنماط التركيب العربي في ضوء الدراسات اللغوية والتربوية التطبيقية. ودار الفصل الثالث حول الفهم القرائي وتحديد مفهومه بالنظر في الدراسات المتخصصة التي انصبت علي ذلك ومحاولة التوصل الي تصوير يخص البحث الحالي في تحديد مفهومه ومن ثم تحديد مهاراته ووسائل قياسه, و كما تناول قرائية النص العربي والعوائق الحائلة دون فهمه علي الوجه الأمثل. وضم الباب الثاني ثلاثة فصول اهتم الاول باجراءات الدراسة الميدانية والعينة المنتقاة والأسس التي روعيت في اختيارها. وتناول الفصل الثاني الدراسة الأسلوبية الاحصائية وتحليل النصوص المختارة للتطبيق في بناء اختبار الفهم القرائي, وحوي الفصل الثالث تحليل نتائج البحث. وقد أفضي البحث الي وجود عدة متغيرات تؤثر علي عملية الفهم والاستيعاب, منها ما يرجع الي القاريء ومنها ما سببه النص وكاتبه. وكان مناط التركيز في هذه الدراسة علي النص وما يتعلق به بداية من المفردات مرورا بالتراكيب المستخدمة وأنماطها. بالاضافة الي متغيرات أخري لها أثر علي فهم النص واستيعاب محتواه منها أسلوب الكاتب وطريقته في عرض أفكاره وطبيعة الفكرة المحورية التي يدور حولها النص.