صياغة القوانين ومراجعتها، ومبادئ الأحكام الواجب الالتزام بها ، ومدى تدخل السلطة التنفيذية فى إعداد التشريعات ،مشروعات القوانين التى أثارت جدلا وانتهت برفضها او تعديلها ، قانون تنظيم الصحافة واهم ملامحه، وتوقيت الانتهاء من مراجعته، ومدى إمكان الاستعانة بشيوخ المهنة فى مراجعة نصوص القانون، هذه كلها قضايا طرحنا على المستشار محمود رسلان رئيس قسم التشريع ونائب رئيس مجلس الدولة، بالإضافة لعديد من القضايا الأخرى لأهم التشريعات التى انتهى القسم من مراجعتها واهم السلبيات التى يقف عليها قسم التشريع فى إعداد مشروعات القوانين من الجهات المختصة. صناعة التشريعات من المهام الكبرى التى خول المشرع لقسم التشريع بمجلس الدولة دون سواه هذا الاختصاص ليكفل للتشريع الدقة وحسن الصياغة، وعدم تعارض وتصادم اللوائح مع القوانين، فما أهم المشكلات والمعوقات التى تواجهكم سواء فى صياغة أو مراجعة القوانين؟ ليس هناك مشكلات أو عراقيل من شأنها أن تعطل عمل قسم التشريع، سوى تأخر بعض الجهات الإدارية صاحبة طلب المراجعة، وعدم تعاونها كما يجب فى إيفادنا ببعض الملاحظات أو بالبيانات والاستفسارات و الوثائق والمستندات ، وهو الأمر الذى يتسبب فى طول فترة مراجعة التشريعات بالقسم، ولا سيما أن عملية الصياغة المثلى للقانون يلزمها فهم واف لكل تفاصيل المشروع والإلمام بجميع النقاط فى الموضوع، وتوافر هذه الآليات يدعم ويسرع من توقيت إنجاز التشريع. وهل تستعينون فى مراجعة التشريعات بالخبراء المختصين بمجال كل تشريع سواء كان اقتصاديا أو صناعيا أو غيرها من المجالات ؟ بالطبع، حيث نطلب من داخل الجهة الإدارية أن ترسل لنا خبراء كمندوبين مفوضين من هذه الجهات ليتمكن من توضيح الرؤى وكل ما يصعب تفسيره إلا من خلال المختصين بهدف إعداد قانون متكامل، وعلى سبيل المثال لذلك فى مراجعة اللائحة التنفيذية لقانون الكهرباء التى انتهينا منها اخيرا، وقد عقدنا عديدا من الجلسات مع مجموعة من المختصين بالوزارة، وكذلك الحال بالنسبة لقانون الضريبة على القيمة المضافة. وقانون تنظيم نشاط سوق الغاز. وبالنسبة لقوانين الهيئة الوطنية للإعلام أو قانون الصحافة هل سيستعين قسم التشريع بشيوخ المهنة أو أعضاء بالمجلس الأعلى للصحافة فى مراجعة هذه القوانين؟ نحن لا نطلب ابدا خبراء من خارج إطار الجهة الإدارية، بل نطلب من الجهة والوزير المختص أن يرسل لنا مفوضا عنه يوقع على محضر بما تم الانتهاء إليه فى المناقشات من تعديل أو حذف أو إضافة فى مشروع القانون، وهذا ما حدث فى القوانين التى ذكرناها من قبل، وهذا ما سيتم العمل عليه فى قانون الصحافة أو الهيئة الوطنية فى حال احتياجنا لذلك، أما إذا كانت الأمور واضحة وليست فى حاجة لتفسير فلن نطلب أحدا. وما الجديد بشأن قانون الصحافة والهيئة الوطنية للإعلام والخدمة المدنية وغيرها من القوانين التى تحظى باهتمام بالغ بدوائر متعددة؟ مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام ومشروع قانون الهيئة الوطنية للانتخابات ورد قسم التشريع اخيرا يوم الأربعاء الماضي. هناك بعض المواد التى أثير حولها جدل وتثير قلقا فى الوسط الصحفى فما أهم ملامح قانون تنظيم الصحافة والإعلام؟ القوانين المطروحة على قسم التشريع لا يجوز لنا التحدث بشأنها إلا بعد الانتهاء من مراجعتها وصياغتها بصورتها النهائية، ولاسيما أن مشروعات القوانين تعد أمانة مودعة إلينا من الحكومة فلا يجوز التحدث حتى ننتهى من مراجعتها وفى الحدود التى لا تتعلق بالأمور السياسية. ومتى تتوقع الانتهاء من مراجعة قانون تنظيم الصحافة بقسم التشريع؟ نحن لا نتنبأ بتوقعات، وكل مشروعات القوانين نأخذها على وجه السرعة مهما يكن حجمها أو قيمتها وعدم أهميتها للرأى العام، ولكن هذين المشروعين سواء الخاص بتنظيم الصحافة أو الهيئة الوطنية للانتخابات من مشاريع القوانين الكبرى ويشملان عددا كبيرا من المواد ومع ذلك بدأنا العمل بهما على وجه ناجز وسريع وبعد مراجعته وصياغته سيتم إرساله للجهة المسئولة والمختصة لوضع أسس وملامح مشروع القانون ولها تقدير إصداره. وما تفسيرك لحالة التخبط وتصريح بعض الجهات بوصول قانون الصحافة لمجلس الدولة بالمخالفة للواقع ولاسيما مع تأكيدكم بعدم إرساله قبل التاريخ الذى ذكرته؟ هذا شأن يخص هذه الجهات، ولا يعنينا التعليق على مثل هذه الأمور، أما بالنسبة لقسم التشريع فيتعامل مع الإعلام بكل شفافية ويصدر بيانات مقتضبة لمشاريع القوانين التى ترد إلينا أولا بأول، وهذا الجدل واللغط حدث من قبل مع اللائحة الداخلية لمجلس النواب، مع انه فور إرسال اللائحة للقسم أصدرنا بيانا لوسائل الإعلام فى اليوم نفسه. ولابد أن يكون واضحا أن قسم التشريع غير مسئول عن أى معلومة ترد عن شئونه من غير المختصين بالقسم للتصريح الإعلامي. وهل هناك مدة زمنية ملزمة للانتهاء من مراجعة أو إعداد القوانين؟ ليس هناك توقيت ملزم لمراجعة أى تشريع، غير أن مجلس الدولة هو الأحرص على سرعة إنجاز عمله، واكبر دليل على ذلك، آن قسم التشريع من 1 أكتوبر 2015 حتى الآن انتهى من مراجعة ما يزيد على 150 تشريعا والمتبقى فى أجندة المشروعات لا يتجاوز ال15 مشروعا وجميعها مطلوب فيها ردود من الجهات الإدارية المختصة، وهى فى طور إعداد الحيثيات والمبررات من قبل قسم التشريع وفى عداد المنتهية، وأستهدف خلال فترة ولايتى المتبقية بقسم التشريع الانتهاء تماما من اجندة التشريعات بالقسم. أما عما تردد عن وضع حد أقصى لمراجعة التشريع خلال 30 يوما من قبل مجلس النواب فى اللائحة الداخلية للمجلس، فهذا ينطبق فى حال إذا أرسل مجلس النواب التشريع لقسم التشريع لمراجعته بعد انتهائه من الإجراءات، ومع ذلك هذا الموعد غير ملزم ومثل مشكلة دستورية واستجاب مجلس النواب فى حلها وجعل المدة 30 يوما على الأكثر دون ترتيب اثر على تعدى هذه المدة، لأن تأخر المراجعة عن ال30 يوما قد يكون بسبب تأخر الحكومة أو الجهة فى الرد عن استفسار أو استيفاء معين من شأنه تعطل عمل مراجعة التشريع وما أهم المبادئ الحاكمة لمراجعة التشريعات؟ من أهم المبادئ الحاكمة لمراجعة التشريعات ضرورة أن تخضع للدستور، ولا يجوز بأى حال من الأحوال أن تخالفه، كما لا يجوز أن تخالف اللائحة القانون أو الدستور، ففكرة التدرج التشريعى أمر فى غاية الأهمية فى عملية مراجعة التشريعات، بحيث يجب أن يكون التشريع الأدنى فى حدود ما يرسمه التشريع الأعلى بحيث تحترم اللائحة القانون ولا تخرج على نطاقه أو نطاق الدستور، وكذلك القانون أيضا ومن المبادئ الحاكمة أيضا أن قسم التشريع بمجلس الدولة لا يقوم بالتشريع ولا يشارك المشرع سلطته فى التشريع ولا يتدخل فى الملاءمات والمواءمات السياسية المستهدفة للتشريع، وكل دوره مراجعة التشريعات وضبط صياغتها، بحيث لا تتضارب مواد التشريع مع بعضها، ولا يخالف قانون آخر، إلا بشكل واضح، بحيث يكون المقصود منه نسخ الفقرة القانونية بذلك القانون بين سطور التشريع الجديد، وذلك لضمان عدم ضياع الحكمة من التشريع. وعدم مخالفة الدستور. وفى بعض الأحيان قد يبدى قسم التشريع الرأى بالإشارة والتنويه لسياسة الدولة المنتهجة، واحتياج التشريع لإعادة النظر فى توقيت إصداره وذلك على سبيل النصح فقط، لان القسم ليس له علاقة بعملية الملاءمات والمواءمات السياسية لإصدار القانون، فالمشرع «الممثل فى البرلمان» ومعه الحكومة المسئولان عن وضع اقتراح التشريعات وإقرارها. وماذا عن قول البعض أن الحكومة تكتفى بمراجعة قسم التشريع لملخص التشريع والتبويب له ولا ترسل لكم المشروع بالكامل؟ هذا غير حقيقي، فالحكومة لا يمكن أن ترسل قانونا مجتزأً أو مقتطعا، بل ترسل نصوص القوانين لمراجعتها من الألف إلى الياء، بداية من ديباجة مشروع القانون انتهاء بتوقيع إصدار المشروع، كما يرفق به المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، حيث يتم مراجعة أبوابه وفصوله وتسلسل مواد المشروع بالكامل. ما مدى تدخل الحكومة فى تشكيل وصياغة المواد فى أثناء مراجعته بمجلس الدولة؟ الحكومة ترسل مشروع قانون كامل البنيان مواد مسلسلة، ومن بداية تسلمنا مشروع القانون لمراجعته بقسم التشريع الحكومة لا تتدخل من قريب أو بعيد ولا يجوز لها التدخل فى اختصاص قسم التشريع فى القيام بواجبه الدستورى كسلطة قضائية، وما أود التأكيد عليه أن الحكومة لم تتدخل مطلقا بعملنا فى مراجعة التشريعات. من وجهة نظركم كيف نقضى على ظاهرة تضخم التشريعات وتنقيتها؟ لجنة الإصلاح التشريعى تعمل منذ فترة على متابعة التشريعات ومحاولة تنقيتها، وتجميع المتشابه منها، واقتراح انسب التعديلات، وإضافة لذلك فمن المؤكد أن مجلس النواب صاحب السلطة بكل ما يتعلق بالتشريعات ومنها مراجعة جميع القوانين ومتابعة القوانين التى فى حاجة للإلغاء، غير أن كثرة هذه القوانين تحتاج لمراجعة ونظرا للظروف الراهنة التى تمر بها البلاد يركز أعضاء البرلمان على القوانين اللازم إصدارها فى هذه الفترة. ما أهم القوانين التى انتهى قسم التشريع من مراجعتها فى الوقت الراهن؟ انتهينا من مراجعة عدد من القوانين وآخرها قانون الضريبة على القيمة المضافة وتعديل قانون رقم 7 لسنة2000 بشأن لجان توفيق المنازعات للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة، وتلك اللجان كان يشترط اللجوء لها، قبل اللجوء للقضاء و تصدر توصيات وإذا تم الاتفاق عليها تصبح نافذة وتنال حجية وسند التنفيذ، وأجريت تعديلات على هذا القانون، حيث استهدف مشروع القانون تحرير توصيات لجان المنازعات من جميع القيود وتنفيذها لينهى المنازعات قبل اللجوء للقضاء لرفع عبء التقاضى على المواطن والقضاة سواء بمجلس الدولة أو القضاء العادي، مما يتيح لها التفرغ للنظر فى القضايا الأخرى. هل فى مراجعتكم لقانون ضريبة القيمة المضافة تم مراعاة البعد الاجتماعى وأثره على محدودى الدخل؟ فى وجهة نظر الجهة القائمة على إعداد القانون إنها راعت البعد الاجتماعى وهذه من المواءمات والملاءمات التى تحدثنا عنها من قبل، أما بالنسبة لعملنا بقسم التشريع فمراجعة القانون للتأكد من مطابقته للدستور من عدمه، وفى حال وجود مخالفة نشير لها، أما فى حال مطابقته فنعتمد المراجعة ونخطر الجهة المختصة دون تدخلنا بالأمور السياسية. ارجع الخبراء عدم فاعلية بعض القوانين لعدم مراعاتها للبعد الاجتماعى فى أثناء صياغتها وإعدادها، ألا ترى انه من الضرورى على قسم التشريع التأكد من تحقق ذلك المبدأ فى صياغة القوانين الجديدة؟ إذا كنت تقصدين الآثار الاجتماعية التى نص عليها الدستور، وكمراجعة دستورية فمن الضرورى أن يتأكد قسم التشريع من عدم مخالفة هذه النصوص الدستورية، ولكن لابد أن نتفهم أن العدالة الاجتماعية أمر نسبى، وقد تقدرها الحكومة بخلاف مايقدرها قسم التشريع أو السلطة القضائية أو الإعلام، ومع كل هذا ما يعنينا هو مراجعة التشريع دستوريا، أما الأمور النسبية المرتبطة بتقدير السلطة المختصة بالتشريع، فقسم التشريع لا شأن له بها. وما مدى استجابة السلطة التنفيذية للملاحظات التى يبديها القسم بشأن بعض القوانين؟ السلطة التنفيذية فى وضعنا الحالى باستجابتها أو عدم الاستجابة، أمر اختلف شأنه ولاسيما فى وجود مجلس النواب، الذى تعرض عليه جميع التشريعات وكل ما يتعلق بها، وفى هذه الحال يكون الأمر خاضعا لتقدير مجلس النواب إذا عرض عليه مشروع القانون، فقد يعرض مشروع القانون على مجلس الدولة من السلطة التنفيذية، ورأينا فى هذا الشأن يعد استشاريا متخصصا ومن الصعوبة إهماله، أما إذا تغافلت الحكومة عن ملاحظات قسم التشريع فهذه مسئوليتها أمام السلطة المختصة بالتشريع والرقابة البرلمان ففى بعض الأمور ينتهى قسم التشريع لرأى معين فى مشروع القانون ثم تقوم الحكومة بتقديم مشروع القانون على خلاف رأى مجلس الدولة، والقول الفيصل هنا يكون لمجلس النواب الذى يطرح أمامه ما انتهى إليه رأى مجلس الدولة وكذلك رأى الحكومة. وما الموقف المنوط بقسم التشريع فى حال إجراء تعديلات على مراجعته للتشريع؟ ليس من اختصاص قسم التشريع تتبع تشريعات القوانين بعد انتهائه من مراجعتها، فالمتابعة تختلف عن التتبع، فنحن نتابع لحرصنا على فهم الأمور التشريعية ومجرياتها بالدولة، أما تتبع القوانين بعد الانتهاء من مراجعتها فليس من اختصاص مجلس الدولة، ومن له حق تقدير مدى التزام هذا القانون بالضوابط الدستورية من عدمه يعود للمحكمة الدستورية حال الطعن أمامها من أصحاب الشأن. وما مشروعات القوانين التى أثارت جدلا وانتهى قسم التشريع الى رفضها؟ تمثل هذا فى مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بسماع الشهود الذى ارتأى مجلس الدولة فيه شبهة عدم دستورية ظاهرة وواضحة ورفض مراجعته بشكله الحالى وخاصة انه لا يجوز منع احد الخصوم فى الدعاوى الجنائية سواء من النيابة العامة آو المتهمين من سماع الشهود المطلوبين، غير أن وزير العدل فى هذا التوقيت كان يحاول جاهدا تمرير هذا القانون، إلا أن قسم التشريع لا يجوز له مخالفة الدستور بأى حال من الأحوال ولا قبول هذا، فمن حق الخصوم بالدعوى الجنائية ونعنى بهم على السواء النيابة العامة والمتهم سماع الشهود المطلوبين دون فرض قيود على الخصم سماع شهود بعينهم دون الآخرين أو رفض سماع الشهود، ولتطبيق ذلك لايصح ولايتوافر إلا بضبط شديد للأمر وهو ما لم يتوافر فى مشروع تعديل الإجراءات الجنائية الذى أرسل لنا ولذا تم رفضه.