هو شيخ عموم المقارئ المصرية ورئيس اتحاد قراء العالم، الشيخ محمود خليل الحصرى، رحمه الله، من مواليد قرية شبرا النملة مركز طنطا محافظة الغربية عام1917م. كان أبوه قد نزح من قرية سنورس محافظة الفيوم إلى قرية شبرا النملة فألحقه بكتابها عند بلوغه الرابعة من عمره فكان يحفظ القرآن سماعيا ثم يكتب ما يحفظه على اللوح بعد أن تعلم الحروف الأبجدية وقد أتم حفظ القرآن فى الثامنة من عمره. ولم تكن المعاهد الدينية فى ذلك الوقت تسمح بقبول الطلاب قبل أن يتم الثانية عشرة من عمره فظل مع شيخه ومحفظه بالكتاب فتعلم التجويد فكان يذهب إلى مسجد القرية فى صلاة العصر ليقرأ ما يتيسر من آيات الذكر الحكيم فنال إستحسان مستمعيه وفى ذلك الوقت أيضاً بدأت الناس تتعرف عليه وتدعوه ليشاركهم أفراحهم وحفلاتهم حتى نضج صوته وعلا صيته فى القرية كلها.. وعند بلوغه الثانية عشرة من عمره التحق بالمعهد الدينى بمدينة طنطا وظل يدرس حتى مرحلة الثانوية العامة ثم انقطع عن الدراسة لتعلم القراءات العشر وفى تلك الفترة كان يذهب لإحياء الليالى والمآتم كلما دعى إلى ذلك وظل مقيماً بقرية شبرا النملة حتى التحق بالإذاعة عام 1944م. من جانبه اوضح لنا حفيد الشيخ الحصري, المستشار سامح عبد الحكم, نائب رئيس محكمة الأستئناف ان جده قد تقدم فى عام 1944 للاذاعة بطلب تحديد ميعاد لامتحانه وبالفعل تم تحديد ذلك الميعاد وأجتاز الاختبار وتم التعاقد معه فى نفس اليوم فكانت أول قراءة له على الهواء مباشرة يوم 16 نوفمبر عام 1944 وكان وقتها لا يزال مقيماً بقرية شبرا النملة. وقد عين أول تعيين له كشيخ لمقرأة سيدى عبد المتعال بمدينة طنطا عام 1948م. وانتدب للقراءة بمسجد سيدى أحمد البدوى بمدينة طنطا وظل بالمسجد الأحمدى حتى عام 1955م حيث توفى الشيخ الصيفى الذى كان قارئاً للسورة بمسجد الإمام الحسين بالقاهرة فتم نقله إلى القاهرة قارئاً للسورة بمسجد الإمام الحسين فأنتقل إلى القاهرة وأقام فيها حتى وفاته. وقد تقلد الشيخ الحصرى مناصب عديدة كلها فى خدمة القرآن الكريم, فتم تعيينه شيخاً بعموم المقارىء المصرية عام 1960م ثم مستشاراً فنياً لشئون القرآن بوزارة الأوقاف عام 1963م فرئيساً للجنة تصحيح المصاحف ومراجعتها بالأزهر عام 1963م فخبيراً فنياً لعلوم القرآن والسنة عام 1967م بمجمع البحوث الإسلامية. كذلك أصبح الشيخ الحصرى أول صوت يجمع القرآن الكريم مرتلاً على أسطوانات وكان ذلك برواية حفص وقد تم تسجيل بعض السور ثم عرضت على وزارة الأوقاف التى وافقت على الاستمرار فى تسجيل المصحف مرتلاً كاملاً وقد كتب لهذا التسجيل النجاح المنقطع النظير ثم تم التسجيل مرتلاً برواية ورش عن نافع ثم سجل الشيخ الحصرى أيضاً القرآن مجوداً بصوته ثم مرتلاً برواية قالون والدورى ثم سجل المصحف المعلم وقد ظل مدة تقترب من السنوات العشر لتسجيل المصحف مرتلاً بالروايات المختلفة. وقد منحه الرئيس عبد الناصر وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1967م تكريماً له لتسجيله المصحف المرتل كما نال تقدير الملوك والرؤساء فى العالم العربى والإسلامي. وأُفتتحت به إذاعة القرآن الكريم وظلت تقتصر على صوته منفرداً حوالى عشر سنوات. وفى عام 1967 إنتخب رئيساً لاتحاد قراء العالم ، وحصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى فى عيد العلم ، طاف القارات الخمس لنشر القراءات الصحيحة للقرآن الكريم فى مختلف أنحاء العالم. وكان أول من قرأ فى الكونجرس الأمريكى وهيئة الأممالمتحدة. فضيلة الشيخ الحصرى له اثنا عشر مؤلفا فى علوم القرآن الكريم هى: مع القرآن الكريم, أحكام تلاوة القرآن الكريم, معالم الاهتداء فى الوقف والابتداء, رواية الدورى عن أبى عمرو بن العلاء البصري, القراءات العشر من الشاطبية , نور القلوب فى قراءة الإمام يعقوب, أحسن الأثر فى تاريخ القراء الأربعة عشر, رواية ورش عن الإمام نافع المدني, السبيل الميسر فى قراءة الإمام أبى جعفر, رواية قالون عن نافع, فتح الكبير فى الاستعاذة والتكبير ورحلاتى فى الإسلام. وقد أوصى بثلث تركته للإنفاق على مشروعات البر والخير بعد أن شيد مسجدين ومعهدا أزهريا . وقد انتقل إلى رحمة الله إلى جوار ربه يوم الإثنين 24 نوفمبر 1980 الموافق 16 من شهر المحرم 1041 هجرياً فور انتهائه من صلاة العشاء بعد عودته من الحج وكانت آخر قراءة له فى الحرمين المكى والنبوي.
خارج مصر .. وفى كل أنحاء العالم الإسلامى كانوا يطلقون عليه شيخ القراء المصريين ، وهى تسمية خطأ ، والصحيح أنه شيخ المقارئ ، والمقارئ هى إدارة رسمية ، وكان المرحوم الحصرى هو شيخها بلا منازع ، أما شيخ القراء فى عصر الشيخ الحصرى فكان الشيخ مصطفى إسماعيل صاحب الحنجرة الذهبية ، وبوفاته أحتل الشيخ عبدالباسط عبدالصمد مكانه بلا منافس. محمود السعدنى " الحان السماء"