محافظ شمال سيناء: رفح الجديدة متكاملة الخدمات    تطرح مرحلتها الأولى اليوم للمستفيدين... مدينة رفح الجديدة" درة تاج التنمية" على حدود مصر الشرقية بشمال سيناء ( صور)    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    «المحامين» تعلن موعد جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد بجميع الفرعيات    ارتفاع هامشي بأسعار الذهب في مصر وعيار 21 يسجل 3100 جنيه    البنك المركزي التركي يقرر تثبيت سعر الفائدة    وزير قطاع الأعمال يبحث تطوير ملاحة "سبيكة" بسيناء    وزيرة التخطيط تناقش أهم إنجازات مدينة طربول الصناعية    محافظ الفيوم يشهد فعاليات الجلسة الختامية لورشة مخرجات الخطة الاستراتيجية    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    إصابة 4 ضباط أثناء اعتقال 108 طلاب في بوسطن الأمريكية    "حماس": حال قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس سنضم جناحنا العسكري للجيش الوطني    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    كولر يكشف سر تغيير مركز متولي ونصيحة قمصان    هل ممدوح عباس وعد لاعبي الزمالك بمكافأة حال الفوز على دريمز؟    انطلاق البطولة العربية العسكرية للفروسية بمدينة مصر للألعاب الأولمبية بالعاصمة الإدارية    برشلونة عن بقاء تشافي: الاستقرار عنوان النجاح    حملة مكبرة لإزالة التعديات على الطريق العام بحي جنوب الجيزة (صور)    السيطرة على حريق نشب أمام ديوان عام محافظة بني سويف    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    مصرع شخص في ماكينة دراس قمح بمركز بلاط في الوادي الجديد    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    «الجيزة» تزيل تعديات وإشغالات الطريق العام بشوارع ربيع الجيزي والمحطة والميدان (صور)    تجاوزت المليون جنيه، إيرادات فيلم شقو في السينمات أمس    أيمن الشيوي عن أشرف عبدالغفور: «رجل أخلص لنفسه وفنه»    10.5 مليون جنيه.. إجمالي إيرادات فيلم عالماشي في دور العرض    منة تيسير عن تأجير الأرحام: «ممكن أتبنى طفل»    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي للفصل الدراسي الثاني 2024 محافظة القاهرة    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    عقب سحب «تنظيم الجنازات».. «إمام»: أدعم العمل الصحفي بعيداً عن إجراءات قد تُفهم على أنها تقييد للحريات    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    رئيس المنصورة: أتمنى أن يحظى الفريق بدعم كبير.. ونأمل في الصعود للممتاز    رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر والسيسي بالذكرى الثانية والأربعين لتحرير سيناء    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    بكام يا أخضر.. سعر صرف الدولار اليوم الخميس 25 أبريل 2024    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    انطلاق القافلة الطبية المجانية حياة كريمة بقرى الخير والنماء بمركز الفرافرة    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرية «الكرم» بين الشعور بالذنب والعار
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 05 - 2016

يفرق علماء الاجتماع بين الشعور بالذنب والشعور بالعار. الأول يدفع الشخص إلى الكشف عن الخطأ، والسعي إلى تصحيحه، والحيلولة دون تكراره. أما الشعور بالعار فهو ذات طبيعة مغايرة، حيث يهيمن على الشخص إحساس بالفضيحة، والرغبة في التخلص منها بانكارها، فإن لم يتسن له ذلك، يلجأ إلى التهوين من شأنها. شعور لا يؤرقه وقوع الرذيلة، ولكن يشغله الرغبة في التعتيم على الفضيحة.
في حادثة قرية “الكرم”- مركز أبو قرقاص- في محافظة إلمنيا وجدنا تجليات لكل من الشعور بالذنب، والشعور بالعار. فقد جرى الاعتداء على منازل وممتلكات مواطنين مسيحيين، وتعرية سيدة مسنة من ملابسها أمام حشد من الناس إثر شائعة بوجود علاقة آثمة بين مسيحي ومسلمة.
الحادث شكل بالنسبة للبعض صدمة، وشعروا بالذنب تجاه مواطنين أبرياء تعرضوا للاعتداء، وسيدة ناهزت السبعين من العمر تتعرض لإساءة بالغة، وشكل هشتاج “مصر تعرت” عنوانا لتعليقات مواطنين كثر، مسلمين ومسيحيين، على مواقع التواصل الاجتماعي، رأوا فيما حدث جرما ينبغي أن ينال مرتكبوه العقاب القانوني، وأن تتخذ التدابير التي تحول دون تكراره. هؤلاء يعبرون عن مجتمع يريدونه لكل المواطنين، يتمتعون بالأمان والمساواة، تختفي فيه انتهاك حقوق الإنسان، والافتئات على مواطنين، كل جرمهم أنهم مختلفون في المعتقد الديني. وبينما كان هؤلاء يعبرون عن شعور المواطن المصري بالذنب الذي يريد أن يرفعه عن كاهله، كان هناك أصحاب الشعور بالعار يسعون إلى انكار الحادث برمته، أو التهوين من شأنه، وبلغ الأمر ببعضهم إلي اعتبار ما حدث أمرا عاديا، لا ينبغي تضخيمه. حالة ذهنية بيروقراطية سقيمة ترى أن ترك المشاكل بلا حلول هو أفضل سبيل لحلها، وأن التعتيم على المشكلات يقضي عليها، لا يعبأون بحق مواطن انتهك، أو بكرامة سيدة أهدرت، أو شعور بالرعب تملك على مواطنين أبرياء تعرضت ممتلكاتهم للنهب والتدمير.
المجتمعات لا تتقدم إذا تملكها الشعور بالعار، أو هيمن عليها الرغبة في اسدال ستار الظلام على الفضيحة، لا تزعجها الرذيلة، ولا يؤرقها حدوثها.
في كل الأحداث المسماة بالطائفية، ومصر لا تعرف بالمعني الانثربولوجي طوائف، يظهر فيه سيناريو يكاد يكون مكررا اعتدنا عليه لعقود. تسري شائعة، أحيانا تفتقر إلى المنطق، في مواجهة مسيحيين، يترتب عليها تعبئة لسكان محليين مسلمين، إما بفعل أطراف تنتمي للإسلام السياسي، أو قيادات محلية متعصبة، تعتدي على ممتلكات وأرواح سكان مسيحيين، فيما يشبه العقاب الجماعي. وفي أغلب الأحيان لا يربط الضحايا بالأشخاص التي دارت حولهم الشائعات سوى أنهم ينتمون إلى ديانة واحدة. يسود التعصب، ويطفح مخزون الكراهية، الذي لا علاقة له بجوهر الدين ذاته، وينتهي الأمر إلى وجود طرف معتد وآخر معتدى عليه. تؤجل دولة القانون، ويجري تنظيم جلسات عرفية لتسوية الأزمة، وهو ما يشكل إهدارا لمبادئ المواطنة، التي تتصدر الدستور، وتعلو ألسنة المثقفين والساسة، وتصبح هذه الجلسات بمثابة مخرج لكل الأطراف: طرف معتد يريد أن يفلت من عقاب قانوني يترتب على جرائم ارتكبها، وطرف معتدي عليه يريد أن يلتمس سبل العيش، وجهة حكومية تريد أن تستعيد سريعا الحياة في المكان الذي شهد التوترات الدينية، التي تأخذ شكل جرائم يعاقب عليها القانون. وطالما لا يطبق القانون، يصبح الاعتداء مأمون العواقب، ونهايته معروفة. نظام مبارك كان نموذجا لإدارة الأزمات ذات الطبيعة الدينية على هذا النحو، وهو ما أدى إلى تكاثرها، وتناميها، وتحولها إلى أسلوب معتاد.
في حادثة قرية “الكرم” التي استيقظ المجتمع بعد أيام من حدوثها، اشتعلت على الفضاء الالكتروني، وبدأت مؤسسات المجتمع في الاستيقاظ الواحدة تلو الأخري ببيانات استنكار وشجب، وهم لا يدرون أنها ليست الأولى، وسبق وقوع حوادث مشابهة خلال السنوات الماضية، يعرفها المتابعون للشأن الديني، ولم تتوقف، وتحتل محافظة إلمنيا نصيب الأسد فيها.
هذه المرة، بعد أيام من إنكار وتهوين السلطات المحلية مما حدث، جاء بيان رئاسة الجمهورية واضحا حاسما، من حيث معاقبة الجناة، وإصلاح المنشآت التي تعرضت للاعتداء، والتأكيد على احترام المرأة المصرية. التوجيه الرئاسي هام في هذا الخصوص، ولكن ما حدث، وسبقه أحداث كثيرة، يلفت الانتباه إلى قضية أساسية، هي دور القيادات المحلية في التصدي للمشكلات بالقانون، والتخلص من ثقافة الانكار، والرغبة في التعتيم على الأخطاء. ففي مجتمع تتكالب عليه مشكلات اقتصادية واجتماعية وثقافية سوف تتكرر توترات ذات طبيعة دينية، ولا يوجد ضمان لعدم تكرارها رغم استمرار الحديث عنها بوصفها غريبة على المجتمع، أو تتعارض مع اخلاق وقيم المصريين، وهو ما يتطلب أن تتحمل كل الأطراف مسئوليتها، القيادات المحلية، والمؤسسات الدينية، والإعلام، والتعامل معها ليس بوصفها عارا نسعي للتخلص منه بالانكار والتهوين وإهالة التراب عليه، بل ذنب يحمله المجتمع على كاهله، ينبغي أن يتخلص منه، بالشفافية، وكشف الأخطاء والتجاوزات، ومحاسبة المخطئين، واختيار قيادات تؤمن بالمواطنة، قادرة على التصدي للأزمات، ومواجهة التطرف، وعدم التواطؤ معه، إذا كنا جادين في مكافحة الإرهاب، لأن الخيط الرفيع بينهما باهت، تغذيه روافد في التعليم، والخطاب الديني، وثقافة المجتمع.
لمزيد من مقالات سامح فوزي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.