تعد دار الإفتاء المصرية من المؤسسات الدينية التى لها تجربة قوية وناجحة، فى محاصرة الفكر المتطرف فى «الفضاء الالكتروني» أو ما يعرف «بالسوشيال ميديا»، حيث اتخذت خطوات عملية وأعدت برامج وصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعى بلغات أجنبية متعددة، لتفكيك والرد على دعاوى وآراء وفكر المتطرفين، وذلك إلى جانب المجهودات الكبيرة الأخرى التى تقوم بها الدار حاليا، لنشر الفكر الوسطى وضبط الفتوى ومواجهة الفكر المتطرف فى الداخل والخارج، من خلال آليات متعددة مثل مرصد الفتاوى الشاذة والرد عليها بلغات متعددة، ومرصد «الاسلاموفوبيا» لتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام فى الغرب. وتحتل دار الإفتاء المرتبة الأولى عالميا على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» حيث يتعدى عدد متابعيها 3 ملايين و400 ألف متابع، بينما جاءت وزارة الأوقاف فى المرتبة الثانية حيث تعدى عدد متابعيها 900 ألف متابع . ومهمة دار الإفتاء فى محاصرة الفكر المتطرف فى الفضاء الالكتروني، تضاف الى مهامها الأخرى، حيث تعد مرجعا دينيا لمصر والعالم الإسلامى فى مجال الإفتاء، وبيان الأحكام الشرعية للناس فيما يعرض لهم من نوازل وقضايا، فمنذ إنشائها إلى الآن وهى تقف شامخة فى طليعة المؤسسات الإسلامية التى تتحدث بلسان الدين الحنيف وترفع لواء البحث الفقهى بين المشتغلين به فى كل بلدان العالم الإسلامي، فتقوم بدورها التاريخى والحضارى من خلال وصل المسلمين المعاصرين بأصول دينهم وتوضيح معالم الطريق إلى الحق، وإزالة ما التبس عليهم من أحوال دينهم ودنياهم كاشفة عن أحكام الدين الحنيف فى كل ما استجد على الحياة المعاصرة. ويقول الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، أن الدار استغلت الطفرة الإلكترونية الهائلة ووسائل التواصل الحديثة للوصول إلى أكبر قطاع ممكن من الناس من مختلف الدول وبمختلف اللغات، حيث أطلقت العديد من الصفحات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعى للرد على دعاوى المتطرفين، مشيرا إلى أن تلك الصفحات قد زادت أخيرا حتى بلغت ما يزيد على عشر صفحات يتابعها ما يقارب أربعة ملايين مستخدم، فضلًا عن الموقع الإلكترونى للدار الذى ينشر الفتاوى والمقالات والأبحاث ومقاطع الفيديو بعشر لغات عالمية. داعش تحت المجهر وأضاف: أطلقنا صفحة إلكترونية بعنوان «داعش تحت المجهر» باللغتين العربية والإنجليزية؛ لتصحيح المفاهيم الخاطئة التى تسوِّقها التنظيمات الإرهابية، كما أطلقنا مجلة إلكترونية سميناها «بصيرة» باللغتين العربية والإنجليزية لنشر وسطية الإسلام واعتداله، وقد قمنا بترجمة أكثر من ألف فتوى باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية نسبة كبيرة منها متعلقة بتفنيد مزاعم التيارات المتطرفة وما تسوقه من مفاهيم وتصدِّره من فتاوى مغلوطة، كما قمنا كذلك بإصدار موسوعة إلكترونية لمعالجة قضايا التطرف والتكفير باللغات الأجنبية، وما زالت الجهود متواصلة ومتجددة لبيان الدين ومواجهة انحراف المنحرفين. وفى سياق متصل، أكد الدكتور إبراهيم نجم - مستشار مفتى الجمهورية - أن المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعى التابعة لدار الإفتاء المصرية قد شهدت طفرة غير مسبوقة فى حجم وأعداد المشاركين والمتفاعلين مع تلك الصفحات وهذه المساحات الخاصة بالتواصل والتعارف مع الفئات المختلفة من مستخدمى التواصل الاجتماعي، وكذلك تطور نوعى فى المحتوى الذى ينشر عليها. تفنيد دعاوى المتطرفين وأضاف أن الدار أتاحت عبر صفحاتها وقناتها على «يوتيوب» عددا من البرامج والفيديوهات المصورة التى تفند دعاوى المتطرفين وترد على تساؤلات الناس بطريقة مبسطة، هذا فضلًا عن المواد المقروءة التى توضح صحيح الدين وأحكامه فيما يطرأ ويستجد على الساحة من قضايا ومسائل تهم مستخدمى تلك المواقع وروادها، مشيرا إلى أن تلك الجهود هى استكمال لمسيرة الدار فى اقتحام الفضاء الإلكتروني، حيث أطلقت الدار من قبل عدة حملات إلكترونية عالمية بلغات مختلفة كنوع من التفاعل مع الأحداث التى تقع، ففى سبتمبر الماضى وعقب هجمات باريس الإرهابية أطلقت دار الإفتاء صفحة رسمية عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» تحمل اسم «Not In The Name Of Muslims»، موجهة لغير العرب تشرح تعاليم الإسلام وتبين الفرق بين الإسلام الحق والتصورات المشوهة التى تروجها الجماعات المتطرفة فى الغرب، وكانت الحملة بثلات لغات هى الإنجليزية والألمانية والفرنسية، مشيرا الى أنه فى ديسمبر الماضى وتزامنا مع ذكرى ميلاد النبى صلى الله عليه وآله وسلم أطلقت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكترونى بالإنجليزية، وصفحتها على «فيس بوك» حملتها العالمية الثالثة باللغة الإنجليزية للتعريف بنبى الرحمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واستهدفت الحملة الوصول إلى 10 ملايين شخص حول العالم من غير المسلمين. وعن مرصد الفتاوى التكفيرية والشاذة، قال مستشار المفتى: إن دار الإفتاء استشعرت مبكرا خطر الفتاوى التكفيرية والفكر المتطرف على المجتمع المصري، فبادرت بإنشاء مرصد للفتاوى التكفيرية، يعمل وفق منهجية علمية منضبطة، بضوابط العلم والعمل الصحيح المنبثق عن الفكر الوسطي، حيث يقوم المرصد برصد جميع الفتاوى التكفيرية والمتطرفة، ويعمل على تحليلها، وفق منهج علمى رصين، يراعى السياقات الزمانية والمكانية للفتاوى، ويقدم ردودا علمية شاملة وموثقة ومعالجات موضوعية، وقد تم عرض تجربة دار الإفتاء المصرية، ونجاح مرصد الفتاوى التكفيرية فى محاصرة الفكر المتطرف فى الفضاء الالكترونى، فى مؤتمرات دولية وإقليمية مختلفة، للاستفادة بها فى هذا المجال.