الشارع المصري صغير وكبير.. غفير و وزير.. الكل نسى الأحوال الاقتصادية والمعيشية وأصبح لا سيرة له سوى الطائرة المصرية المنكوبة.. لكن لابد أن نقف جميعنا على حقيقة أن المعلومات المتاحة ليست بكثيرة أو كما قال الرئيس السيسي يوم السبت الماضي إن المعلومات في مثل هذه الحوادث "ما بتبقاش كتير"! تخوض فرق البحث سباقا مع الزمن للعثور على الصندوقين الأسودين للطائرة المصرية المنكوبة التي سقطت في عرض البحر المتوسط يوم الخميس الماضي. وفي حين يظل سبب تحطم الطائرة غامضا حتى الآن. تتواصل عمليات البحث عن الجثث والحطام وخصوصا الصندوقين الأسودين لطائرة مصر للطيران اللذين يفترض أن يتيحا التعرف على أسباب سقوط الطائرة وعلى متنها 66 شخصا أثناء قيامها برحلة بين باريس والقاهرة. وتكثيفا لجهود البحث عن الصندوقين الأسودين، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي إن"غواصة تستطيع أن تصل إلى عمق ثلاثة آلاف متر تحت سطح البحر، ستشارك في الجهود المبذولة للبحث عن حطام الطائرة وانتشال الصندوقين الأسودين". ولكن ما هو الصندوق الأسود الموجود على الطائرة؟ بداية، تلزم القوانين الدولية المتفق عليها جميع الرحلات التجارية بحمل جهازي تسجيل معلومات خاصين بأداء الطائرة وظروف الرحلة أثناء الطيران. ويعتقد الكثير من الناس أن لون الصندوق هو "اللون الأسود" وهذا خطأ، فلونه برتقالي أو أصفر وذلك لتمييزه بسهولة بين حطام الطائرة. ما يزال سبب التسمية غامضاً تاريخياً، فقد ذهب البعض أنه سمي باللون الأسود بسبب الكوارث الجوية وحوادث تحطم الطائرات. وهناك أيضا مسجلة قمرة القيادة في كابينة كل الطائرة.. وهي تسجل آخر الأحداث التي أدت إلي تحطم الطائرة.. وتساعد المحققين على معرفة إذا ما كان الطيارون قد شعروا بوجود خلل قبل تحطم الطائرة وما هو نوعيته، وتسمح بمقارنة المعلومات الموجودة في الصندوق الأسود مع مسجل قمرة القيادة وهي تسجل مكالمات الملاحين منذ تشغيل الشبكة الكهربائية للطائرة وحتى توقفها عن العمل وذلك لمدة نصف ساعة وهي فترة قصيرة بالمقارنة بالصندوق الأسود وهي تسجل أهم جزء وهو الجزء القريب جداً من الحدث! يوجد في كل طائرة صندوقين (أسودين) وليس صندوقا واحدا يقعان في مؤخرة الطائرة يسجلان ما يحدث للطائرة طول فترة سفرها. الصندوق الأسود الأول، وظيفته حفظ البيانات الرقمية والقيم الفيزيائية (الوقت، السرعة، الاتجاه). أما الصندوق الأسود الثاني، فوظيفته تسجيل الأصوات (مشاحنات، استنجاد، حوارات). والصندوقان مجهٌزان ببث غوص يندلع إذا ما غاصت الصناديق في الماء وتطلق إشعارا فوق الصوتي للمساعدة على العثور عليهم. يبث هذا الإشعار على ذبذبة 37,5 كيلوهرتز ويمكن التقاطه في عمق يبلغ 3500 متر (14000 قدم). تحفظ هذه الأجهزة في قوالب متينة للغاية مصنوعة من مواد قوية مثل عنصر التيتانيوم، تحيطها مادة عازلة لتتحمل صدمات تبلغ قوتها أضعاف قوة الجاذبية الأرضية، ولتتحمل حرارة تفوق 1000 درجة مئوية وضغطا قويا يعادل ضغط المياه على عمق 20000 قدم تحت البحر. وتلف قطع التسجيل عادة بمادة عازلة تحميها من مسح المعلومات المسجلة عليها وكذلك من العطب والتآكل من جراء مياه البحر لمدة 30 يوما. ويتراوح سعره بين 30 و85 ألف دولار تقريبا. وللصندوق الأسود خصائص: مدة التسجيل : من 30 إلى 120 ساعة عدد القنوات : 4 مقاومة النيران : 1100 درجة مئوية/1 ساعة (وهي درجة احتراق الكيروسين) مقاومة ضغط الماء: 5000 متر (20000 قدم) البطاريات: 6 سنوات مدة بقاء المعلومات: طويلة (تخزين المعلومات على شريط مغنطيسي أو ذاكرة وميضية) تم إجراء تجربة بإطلاق قذيفة على الصندوق بقوة 3400 نيوتن ولم يتأثر يتحمل إسقاط ثقل معدني يزن 230كج فوقه من ارتفاع 3.5 متر. وله أيضا فوائده، حيث تستخدم المعلومات الموجودة به من قبل: - دوائر هندسة الطيران لرصد أداء الطائرات وتحسين مستوى صيانتها. - دوائر ملاحي الطيران للرقي بمستوى الملاحين. - شركات صناعة الطائرات لرفع مستوى السلامة في الطائرات الحديثة والقديمة. - تفيد المعلومات الموجودة في الصندوق الأسود خبراء الأرصاد الجوية فهي تقدم معلومات دقيقة عن الظواهر الجوية الخطرة مثل المقصات الجوية والانفجارات الهوائية الصغيرة. من قلبي: كلنا في انتظار نتائج التحقيقات وفي انتظار العثور على الصندوقين الأسودين.. لنعرف منهما أسرار هذه الرحلة المنكوبة كما سيكشف لنا العثور عليهما عن المستور والمؤامرات الدنيئة التي تحاك ضد وطننا الغالي بإذن الله! من كل قلبي: قلوبنا تعتصر ألما وحزنا على شهداء الوطن الأبرار.. تغمدهم الله بواسع رحمته وأسكنهم فسيح جناته.. اللهم أمين يا رب العالمين. [email protected] لمزيد من مقالات ريهام مازن