لا شك في أن فوز المحامي المسلم من أصول باكستانية "صادق خان" بمنصب عمدة لندن.. له دلالة كبيرة، ففي وقت يحاول بعض الكارهين للإسلام والمسلمين في أوروبا تشويه صورة الدين الحنيف، نجد الديمقراطية والحرية تفتح الأبواب على مصراعيها، وتتيح لمسلم من الطبقة الكادحة أن يصبح عمدة في عاصمة غربية كبرى. السفير البريطاني بالقاهرة، جون كاسن كتب يوم الأحد الماضي، - في تغريده باللغة العربية على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"- معلقا على انتخاب خان عمدة لعاصمة الضباب لندن بأغلبية كبيرة"انتخاب صادق خان عمدة لندن ب 1.3 مليون صوت - ابن سائق الحافلات هو أول عمدة مسلم في الاتحاد الأوروبي". هذا وقد فاز صادق خان، بمنصب عمدة العاصمة البريطانية، بعد ترشحه في الانتخابات البلدية على قائمة حزب العمال، وتقدم على منافسه من حزب المحافظين زاك جولد سميث، بفارق تسعة أصوات. وبالرغم من حملات الترويج التي شنها اليهودي، جولد سميث، لدرجة وصفتها بعض الصحف البريطانية ب"القذرة"، ضد خان بعد زعمه بأنه ينتمي ل"المتطرفين المسلمين"، لكنه لم يفلح.. بل ويُنظر الآن إلى صادق خان بأنه المسلم الأكثر نفوذًا في بريطانيا بميزانية سيقوم برعايتها تقدر ب17 مليار جنيه إسترليني، للإنفاق على لندن من أجل الأمن والنقل والتخطيط والبيئة. وتعهد خان ابن سائق الحافلات، بدعم الأعمال التجارية في لندن وتغيير قواعد التخطيط للمساعدة على زيادة عدد المنازل بأسعار مناسبة. وصادق خان، هو مسلم مهاجر من باكستان، عمل والده سائق للحافلات في لندن بمجرد وصوله إلى هناك، وتدرج في الحياة السياسية إلى أن شارك في انتخابات البلدية التي جرت يوم الخميس الماضي، لينهى بذلك رحلته الانتخابية الشاقة ويكون الخليفة لرئيس البلدية من حزب المحافظين، بوريس جونسون، لفترة ولاية 4 سنوات. من أشهر مقولات صادق خان: "فخورٌ بأني مسلم، وبريطاني من أصل باكستاني، وأنى أب، ومناصر لنادي ليفربول منذ زمن طويل.. أنا كل هذا.. لكن العظيم في هذه المدينة هو أنك تستطيع أن تكون لندنيًا من أي معتقد أو بلا معتقد، ونحن لا نتقبل بعضنا بعضًا فحسب، بل نحترم بعضنا بعضًا، ونحتضن بعضنا بعضًا، ونحتفي ببعضنا البعض.. هذه إحدى المزايا العظيمة للندن". وابن الكادحين الذي انتصر في معركته على اليهودي في انتخابات أوروبية، والده عمل طوال 25 سنة سائقا قبل وفاته في 2003 .. بينما والدته (سهرون) فكانت تعمل "خيّاطة" بالقطعة.. وصادق خان، هو الابن الخامس لثمانية أبناء للعائلة التي هاجرت من باكستان إلى بريطانيا، وعاشوا على نفقة هيئة الرعاية الاجتماعية في منزل يتكون من 3 غرف بحي "توتنج" الشعبي جنوبلندن. وبالرغم من أن صادق خان نشأ فقيرًا في لندن، إلا انه استطاع أن يتجاوز كل صعابه ليصبح نائبًا عام 2005 بمجلس العموم البريطاني، بعدما أصبح محاميًا خريج جامعة شمال لندن وحقوقيًا. وتزوج عام 1994 من الباكستانية الأصل سعدية أحمد.. وأنجب منها ابنتين هن أنيسة وعمّارة، البالغتين 15 و17 سنة، وهو ملتزم دينياً، وأصبح وزيرًا للنقل عام 2008.. وفي 2009 كان أول وزير غربي يؤدى مناسك الحج بالمملكة العربية السعودية وهو بمنصبه! من قلبي: نتمنى أن يكون صادق خان، نقطة مضيئة في عالم اسوّدت فيه أشياء كثيرة واختلطت فيه مفاهيم الإسلام بالإرهاب، وفي وقت اجتاحت فيه "الإسلاموفوبيا" أوروبا في السنوات الأخيرة، كما نتمنى أن يكون صادق، اسم على مسمى، ويصبح الانطلاقة لدخول عدد من المسلمين إلى المناصب الأوروبية، ونأمل في تغييره لصورة الإسلام وتحسينها وإعطاء نموذجا جديدا يُحتذى به عن المسلمين في الغرب. من كل قلبي: يقول الله سبحانه وتعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". صدق الله العظيم. [email protected] لمزيد من مقالات ريهام مازن