ليس معنى أن يحرض أحد الصحفيين المبتدئين على الرئيس والجيش والشرطة، أن كل الصحفيين كذلك ،فأكثر من 95% من الصحفيين مؤيدون للرئيس ، محبون لجيشنا ولشرطتنا، ولم يكن يومًا الصحفيون ضد تطبيق القانون ، أو ضد دولتهم، بالعكس فالتاريخ الصحفي يعج بالكثير من كبار الصحفيين الذين انبروا للدفاع عن الوطن وقضاياه وشعبه وجيشه وشرطته في جميع مراحل الزمن ، وأقربها فترة حكم الإخوان ،و99% من الصحفيين كانوا مع الشعب كله في ثورة يونيو للإطاحة بحكم الإخوان ، وكثيرون منهم سقطوا شهداء في تظاهرات ضد نظام الإخوان، وفي كل فترات التاريخ دفاعًا عن الوطن ، والشعب ، وكل مؤسسات الدولة، وهذه كلمة حق تقال عن صحفيي مصر . الغريب في الأمر أنه بمجرد أن وقعت الأزمة الأخيرة مع الداخلية تعالت الأصوات سبًّا وقذفًا في كل الصحفيين بلا استثناء وكأنهم أعداء ،وليسوا أبناء هذا الوطن ولهم مواقف صلدة وتضحيات يشهد بها التاريخ ، وخرجت دعوات تمييز ضدهم واتهامات بأنهم ضد الدولة ومثيرون للفوضي وغيرها !! وهي اتهامات جد ظالمة ، لأن 90 % من الصحفيين شرفاء يحبون بلدهم بجنون قبل نقابتهم ، ويحترمون القانون والمؤسسات الأخرى ، وكم تعالت أصواتهم تأييدًا لجيش وشرطة مصر ، في ثورتنا على الإخوان ، لكن كل هذا ضاع هباء وتناسي كثيرون ذلك مع اشتعال الأزمة الأخيرة . أنا مع دولة القانون وسيادة القانون واحترم تنفيذ القانون ، لكنّ هناك شيئ مهم اسمه روح القانون أيضًا كان من الممكن أن يجنب مصر تلك الفتنة الخبيثة لو تعامل وزير الداخلية مع الأمر بشيء من الحنكة لا أقول أن يستأذن نقيب الصحفيين قبل الدخول للقبض على المحرضين الفيسبوكيين "العيال" الذين لايعون خطورة الأمر ولايعرفون شيئ اسمه الأمن القومي ويكتبون نقدهم عيانًا على مواقع التواصل بكل سذاجة لايعون أن هناك عيونًا عالمية ترصد مصر تريد لها السقوط بفتنة تضرب عنصري الوطن أو أبناء الفئات العاملة المختلفة المكونة للمجتمع المصري ، كان من الممكن قبل أن يدخل رجال الشرطة لإلقاء القبض على عمرو بدر ومحمود السقا أن يتواصل الوزير مع النقيب ويتحاور معه في الأمر وهذا ليس إقلالًا من شأنه أو انتقاصًا من قدره كوزير وأنا على يقين من أن النقيب قلاش وقتها كان سيقدر ذلك ويقدم له المتسببين في الأزمة من تلقاء نفسه أو يُقْدِم على طردهم من النقابة لأنهم يسيئون للوطن ومؤسساته السيادية وبالتالي كان الأمر سيمر بهدوء دون أزمة هذا ما أعنيه ب"روح القانون"، "وذكاء المسئول" . صحيح أنني ضد عصبية ردة الفعل الصحفية وهذا رأيي لأنها أساءت لمصر قبل الصحفيين أنفسهم ، وكنت أرى أن الأمر كان يمكن أن يعالج بحكمة أكثر من ذلك برفع شكوى ضد الداخلية لرئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو تقديم طلب استجواب ضد وزير الداخلية في البرلمان رغم أنه ينفذ القانون ، لكن ماداموا اعتبروا ذلك اقتحامًا للبيت وبالتالي إهانة لهم فليعترضوا ولكن بالطرق الشرعية . ومبرري الوحيد لما فعله النقيب وجموع الصحفيين من تلك الانتفاضة القوية أن حدوث القبض فجأة بدون إخطاره اعتبره قلاش تجاهلًا سافرًا له كشخص في موقع المسئولية ، مثله مثل وزير الداخلية تمامًا لا فرق بينهما ، وفقًا للقانون فكل مسئول عن أسرته ، فالوزير مسئول مسئولية مباشرة عن قياداته وضباطه وعساكره ، وكذلك قلاش مسئول عن حريات وقضايا الصحفيين من أصغرهم لأكبرهم . أسوأ ما في تلك الأزمة هو حالة الغضب العارم التي أفقدت الناس بصيرتهم في التفرقة بين الأزمات السياسية والعلاقات الإنسانية لدرجة أن الناس فقدت أحباء وأصدقاء بل وأهل عائلة واحدة ، في تلك الأزمة فأسرة لديها صحفي وأخرى لديها ضابط شرطة، تنقطع وشائجهما بسبب أزمة سياسية عابرة !! .. أو حتى حبيب يخسر حبيبه لمجرد أن كلاهما يرى غير الآخر!! وتخيل لو أن هناك شقيقين أحدهما صحفي والآخر ضابط شرطة .. ماذا كان سيحدث بينهما ؟! ! الظاهر في الأفق أن هناك حالة عدم وعي كلما وقعت أزمة تُحْدِث غضبًا بين الناس فتعمي أبصارهم وبصيرتهم وتفقدهم عقولهم وتجعلهم يخلطون بين الصالح والطالح .. أقول لكل المنتفضين على الفيس بوك ، دفاعًا عن الشرطة أو الصحافة .. رفقًا بأنفسكم .. ورفًا بأحبائكم .. ورفقًا بمصر ، أنتم في النهاية الخاسرون لأنها أزمة و"هتعدي" لكن أنتم من ستخسرون الأقربون والأحباء .. اللهم أستر مصر بسترك .. وقِهَا الشدائد والفتن .. وانصرها دومًا .. واحمِها بشعبها .. من كل المهن .. والمستويات .. والفئات .. فكلنا في الآخر مصريون .. نبت بلد واحد . [email protected] لمزيد من مقالات ياسر بهيج