مرت مصر عبر العصور بالعديد من الأزمات من حروب واحتلال، وفى كل هذه الأزمنة كان المصريون يقفون وقفة رجل واحد. وتاريخنا حافل بعظمة عمال مصر عند الأزمة الاقتصادية أثناء الحرب العالمية الأولى. خلال هذه الفترة كان الشعب فى احتياج للغذاء والكساء، ونشطت الأفكار الصناعية فظهرت الدعوة للصناعة.. ونادت جريدة «الأهرام» داعية إلى إنشاء مصانع للقطن ونسيجه وتبع ظهور هذه الدعوة لإقامة الصناعة الوطنية الارتفاع بمستوى التعليم الصناعى. وحث الناس على تشجيع الصناعة المصرية وتوسيع المدارس الصناعية حتى بلغت فى أغسطس 1915 عشرين ألف ورشة صناعية. فى 8 مارس 1916 قرر مجلس الوزراء تأليف لجنة للتجارة والصناعة من كبار الرأسماليين، وجاء قرارها بتعديل نظام الجمارك وإعفاء الصناعات من الضرائب الداخلية وفتح باب المدارس الصناعية والتجارية والتوسع فى خفض أجور النقل بالسكك الحديدية ومنح تسهيلات وفتح الأفضلية فى المناقصات الحكومية للحاصلات والمصنوعات، ومنح إعانات مؤمنة لبعض المشروعات وتقديم القروض، وإنشاء معهد للأبحاث الصناعية والفنية. عندما انقطع الوارد من الخارج وبدأت مصر فى تصنيع الساعات رأت مصلحة السكك الحديد والتلغراف تعذر مجيء الساعات الكبيرة من أوروبا. فطلبت من يعقوب أفندى صانع الساعات أن يصنع لها ساعة كبيرة. وبعد ستة أشهر تمكن من صنع الساعة وأشاد بها الخبراء. وتم إنشاء مصانع للورق. وتوالى إنشاء المصانع التى حلت محل مصانع المستورد ومنها مصانع الصابون ومصنع الكاوتش والسكر ومصانع الزيوت ومصانع البيرة ومصنع النشا والكازوزة. وصدرت جلود الحيوانات إلى الخارج وأقيمت عليه صناعة الأحذية. وتم إنشاء مصانع للألبان وتنقية الصوف وكان للمدارس الصناعية دور مهم.. لعل هذا الحديث يمثل خريطة طريق لمن لم يقرأ التاريخ ونعرف أن الأزمات تصنع الرجال لا تكسرهم . لمزيد من مقالات كوثر زكى