الحقائق الكونية

تدل كل الشواهد علي أن العالم مقبل علي عصر المعرفة الشاملة التي ستزيل التناقض والاختلاف وصدام الحضارات بل وستقلل من استخدام وسائل تقليدية كالمؤتمرات والاجتماعات
وما لم يكن مصدقا في الماضي بين أصحاب الفكر والعلماء إلا بالتجربة والحساب صار الآن واقعا بفضل تكنولوجيا المعرفة، فتكنولوجيا «التلي الميكرو» أصبحت تهتم بكشف المكنون من الأسرار وتقليص المسافة بين الإيمان المطلق من ناحية، والعلم من ناحية أخرى، فالعلم سطر أول صفحة في كتاب الإيمان بمصابيح المعرفة، ويتحول الإيمان شيئا فشيئا إلي علم، ومن المشاهدات الكثيرة في تاريخ العلم المعاصر تحول الإيمان بأقطار السماوات والمعارج ومواقع النجوم وغيرها إلي علم ونظريات حديثة أما التحدي للمؤمن فلماذا لا يستبق ويبرز المستور من علم في القرآن قبل اكتشافه؟ إذ يتبين الآن أنه جزء من معجزة القرآن ذاته فالمسلم وغيره سواسية، وفي خندق واحد تجاه ماجعله الله سبحانه علي كليهما مكنونا مطلقا بنص القرآن حتي مهما اتفقنا جدلا على أن القرآن الكريم ليس كتاب علم.
إن المدهش في حقائق الكشف العلمي أنها تتضافر مع القرآن مما يؤكد أنه كتاب مكنون »فلا أقسم بمواقع النجوم« (75)، »وإنه لقسم لو تعلمون عظيم« (76)، »إنه لقرآن كريم« (77)، »في كتاب مكنون« (78) سورة »الواقعة«، فأبرز ملامح نص الحقائق الكونية شقان، الأول إن النص يسبق العلم بقرابة 1400 سنة، والثاني يضمن سطوعه يوما ما إذا جاء زمن السطوع «ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء» من الآية 255 سورة «البقرة»، وتحتوي كلمة مكنون علي مظهرين هما تتابع السكينة والحركة أي الاحتجاب ثم السطوع التلقائي وقتما تتهيأ مقتضيات السطوح، فسكينة المكنون في دوامه وصونه ومطابقته للعلم، أما حركته فتتمثل في السطوع المتواصل بحسب المشيئة الالهية «سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق»، من الآية (53) فصلت.. ان القرآن عز المؤمن وقوة الإسلام لانه أحدث وآخر إصدارات السماء للأرض لكن معظم التفسيرات القديمة للآيات الكونية بالذات لا تواكب العلم وربما تفسر القرآن حسب الحدود الإدراكية لزمن الفقيه أو بنظرة اقليمية وبالتالي فإن الترجمات الإنجليزية تسير علي نفس المنوال وهذا دور ومسئولية فقهاء الدين المعاصر أمام الله.
د،. هواف عبدالحكيم جامعة حلوان