محافظ الغربية يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة الذكرى 42 لتحرير سيناء    أسعار الذهب محليًا في بداية التعاملات اليوم الثلاثاء 23 أبريل    استقرار أسعار الفاكهة في سوق العبور اليوم الثلاثاء 23 أبريل    خبير اقتصادي يكشف تفاصيل قانون المالية العام الموحد    تطبيق المواعيد الصيفية لغلق المحال العامة بداية من الجمعة 26 أبريل    سلاح الجو الإسرائيلي يعلن مهاجمة وتدمير نحو 25 هدفا في قطاع غزة    الدفاع الياباني: قوات أمريكية تشارك في عملية البحث عن طاقمي مروحتين تحطمتا بالمحيط الهادي    طلاب الجامعة الأمريكية يطالبون الإدارة بوقف التعاون مع شركات داعمة لإسرائيل    الدفاعات الأوكرانية: دمرنا جميع الطائرات المسيرة التي أطلقتها موسكو خلال الليل    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    عبد اللهيان: العقوبات الأوروبية مؤسفة وتصرف إيران كان دفاعا عن النفس    اليوم| سموحة يستضيف بلدية المحلة بالدوري    محافظ شمال سيناء: الاستراتيجية الوطنية ترتكز على الاستثمار في الشباب    سيدات الأهلي يواجهن أبيدجان بربع نهائي كأس الكؤوس لليد    أمير هشام يكشف حالة محمد عواد من المشاركة في مباراة دريمز الغاني    انتشار الحملات المرورية لرصد المخالفات بمحاور العاصمة    مصرع سائق في تصادم سيارتين على صحراوي سوهاج    «سيارات فارهة وأراضي».. كواليس مخُطط لغسل 60 مليون جنيه    أرخص موبايل شاومي في مصر.. Xiaomi Redmi 13C يتصدر المشهد    «الاتجاه التطبيقي في الجغرافيا».. ندوة بجامعة القاهرة لخدمة المجتمع    سلوى محمد علي تدير ماستر كلاس سيد رجب بالإسكندرية للفيلم القصير    أسعار الأسمنت اليوم الثلاثاء 23 - 4 - 2024 في الأسواق    الثانوية العامة 2024.. تعرف علي مواصفات ورقة امتحان اللغة الأجنبية الثانية    التهاب الجيوب الأنفية الحاد: أعراض ووقاية    وول ستريت تتعافى وارتفاع داو جونز 200 نقطة وخروج S&P500 من دائرة الخسارة    أزمة لبن الأطفال في مصر.. توفر بدائل وتحركات لتحديد أسعار الأدوية    بدرية طلبة تشارك جمهورها فرحة حناء ابنتها وتعلن موعد زفافها (صور)    نيللي كريم تظهر مع أبطال مسلسل ب100 وش.. وتعلق: «العصابة رجعت»    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    مصر تستهدف زيادة إيرادات ضريبة السجائر والتبغ بنحو 10 مليارات جنيه في 2024-2025    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 23-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    نجاة طفل تشبث أسفل قطار مسافة 100 كيلومتر    مصرع عامل دهسه قطار الصعيد في مزلقان سمالوط بالمنيا    ملتقى القاهرة الأدبي.. هشام أصلان: القاهرة مدينة ملهمة بالرغم من قسوتها    فاروق جعفر يضع خطة للزمالك للفوز على دريمز الغاني    إزالة 14 حالة تعد بمركز ومدينة التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية    لبنان.. شهيد جراء قصف طيران الجيش الإسرائيلي سيارة في محيط بلدة عدلون    أستاذ مناعة يحذر من الباراسيتامول: يسبب تراكم السموم.. ويؤثر على عضلة القلب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام عطلة شم النسيم 2024 للقطاعين بعد ترحيل عيد العمال    بعد وفاته في تركيا، من هو رجل الدين اليمني عبد المجيد الزنداني؟    بشرى سارة لجمهور النادي الأهلي بشأن إصابات الفريق    اتحاد الكرة يرد على الأخبار المنتشرة خلال زيارة وفد الفيفا الأخيرة    بلينكن ينفي "ازدواجية المعايير" في تطبيق القانون الأمريكي    نصائح مهمة لمرضى الجهاز التنفسي والحساسية خلال الطقس اليوم    الكونجرس يشعر بالخطر.. أسامة كمال: الرهان على الأجيال الجديدة    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    خلال ساعات العمل.. أطعمة تجعل الجسم أكثر نشاطا وحيوية    عامر حسين: الأهلي احتج على مشاركة حارس الاتحاد السكندري    علي هامش انعقاد مؤتمر الاتحاد العربي.. 11 دولة عربية في ضيافة النقابة العامة للغزل والنسيج بالقاهرة    الشرطة تداهم أوكار الكيف.. سقوط 85 ديلر مخدرات في الإسكندرية    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    علي جمعة عن سبب تقديم برنامج نور الدين: ربنا هيحاسبني على سكوتي    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23 أبريل في محافظات مصر    مصرع شخص وإصابة 2 في تصادم 3 تريلات نقل بالوادي الجديد    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتابة التاريخ واحترام عقل المصريين
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 05 - 2016

لا أخفى حقيقة أنى انزعجت كثيرا عندما نشرت الصحف أول خبر يحمل فى مضمونه تنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية.
فحتى لحظة الإعلان هذه، لم أكن أعلم كمواطنة مصرية أن هذه الجزر لم تكن ملكا لمصر قبل عام 1950. لم أدرس ذلك فى كتب التاريخ أو فى خرائط الجغرافيا. كما أنه قد مر على مصر منذ عام 1950 ثمانية حكام هم الملك فاروق ثم محمد نجيب فعبد الناصر فالسادات تبعه حسنى مبارك فمحمد مرسى ثم عدلى منصور ثم عبد الفتاح السيسي، لم يعلن أى منهم أن المملكة العربية السعودية هى المالكة للجزيرتين. فى الوقت نفسه أشك أن جماهير الشعب فى المملكة العربية السعودية درس تاريخ الجزيرتين فى مدارسه أوعلم أن مليكه قد تنازل عن إدارتهما لمصر فى ذلك العام المذكور.
لم أستطع ان استمر طويلا فى الهدوء والروية، فمنذ الإعلان عن هذا الاتفاق أحاطتنا جميعا بحالة من الآراء المتناقضة الصادرة من شخصيات تنتمى للصفوة الاجتماعية ذات السمعة الثقافية الطيبة التى تعتبر من المرجعيات فى صفوفنا. لكل منها رأيها وتفسيرها وتحليلها ، وأسلوب هجومها الشخصى والعام، الذى يستدرج كلا منا إلى اتجاه معاكس للذى تم استدراجنا إليه فى الساعات السابقة.فلسنا جميعا مؤرخين ولا جغرافيين ولا من المقربين من السلطة المصرية منذ أن تبلورت البدايات لمصر الحديثة، لكى نستند على اجتهاداتنا الشخصية. لذلك أحسست أننا نعيش فى متاهة كالتى عشتها مع الكثيرين والكثيرين من المواطنين المصريين فى حالات سابقة ومشابهة للحالة التى نحن فيها الآن.
الفارق بين الحالة الحالية والحالات السابقة هو أن تلك الحالات العديدة السابقة التى مرت بنا قديما حدثت فى عوالم مغلقة على نفسها. لم تكن مجتمعاتنا قد تعرضت للتغييرات والديناميكيات التى تتعرض لها مجتمعاتنا الحالية. حينذاك كان الحكام يستطيعون التعتيم وإخفاء الحقائق، أما اليوم فقد اختلفت الأوضاع فى كل مكان. وبات من الخطأ ألا يعترف الآن الحكام بالتغير الهائل الذى حدث فى المجتمعات نتيجة للتقدم التقنى والمعلوماتى والاتصالاتي. فلم يعد يخفى على أى إنسان أى معلومة يسعى للبحث عنها أو رأى يتأكد منه. فالحقائق التى كان يخفيها الأقدمون باتت تكشف الآن وبأسرع مما يتصور الحكام فى أى مكان. ولم يعد العلم بالحقيقة حقا للمواطنين فحسب بل بات واجبا على الحكام إعلان هذه الحقيقة وإعلام المواطنين بها بكل التزام بالشفافية الكاملة.هنا لا أستطيع إلقاء اللوم على الحكومة الحالية أو على الدولة الحالية إلا لأنهما لم يعترفا بضرورة تغيير منهاج الحكم والتعامل مع المواطنين فى البلاد بحيث تتحول العلاقة بين المسئولين والمواطنين ليس كما كانت فى القديم المستمر بين حكام ومحكومين لتصبح الآن علاقة بين قيادة منتخبة ومواطنين يشاركون فى صياغة مستقبل بلادهم. لذا على القيادة المنتخبة أن تتعود على الإعلان عن الحقيقة وأن يكون هذا الإعلان أسلوبا دائما للتعامل ومنهاجا سياسيا متبعا من كل سلطة تنتخب مستقبلا ولاحقا.
أتذكر إحدى تلك الحالات الصادمة التى تعود حكامنا على اتباعها كأسلوب سياسى للتعامل مع المواطنين، تلك التى صدمت المصريين قبل حرب الخامس من يونيو 1967 عندما اعلن الرئيس جمال عبد الناصر اغلاق مضيق تيران أمام الملاحة التجارية الإسرائيلية وطلب سحب القوات الدولية التى تفصل بين الجانبين المصرى والاسرائيلي. حتى ذلك التاريخ لم يكن المصريون يعلمون أن إسرائيل خرجت من حرب السويس «العدوان الثلاثي» بمكاسب مهمة مثل حرية الملاحة فى خليج العقبة ومن ثم فى البحر الأحمر بعد المرور على الجزيرتين تيران وصنافير. والكارثة اننا كنا بدأنا نحتفل بالجلاء عن بورسعيد عام 1956 «ولا نزال» كانتصار تام وخالص حققه الشعب المصرى بإرادته وبمقاومته وأسقط فيه إمبراطورية «لم تكن الشمس تغيب عنها». وأكثر من ذلك أنه بات نموذجا للشعوب الصغيرة فى نضالها للوصول إلى أهدافها السياسية. حتى صدور قرار الرئيس عبد الناصر عام 1967، لم يكن الشعب المصرى يعلم تلك الحقيقة التى عاشت على أرضه منذ عام 1956.
كانت هذه الحالة من التكتم على الحقيقة استمرارا لسابقاتها ثم أساسا للاحقات بها. وكانت إحدى هذه الحالات اللاحقة عندما اجتمع حسن التهامى مستشار الرئيس السادات بموشيه ديان فى المغرب بعلم من مليكها وملوك ورؤساء عرب آخرين للاتفاق على بنود اتفاقية كامب ديفيد «المتفق على إجرائها مع بعض القادة العرب وإسرائيل والولايات المتحدة». وهى الاتفاقية التى وقف الرئيس المصرى حينذاك يعلن أولى خطواتها كمفاجأة للشعب المصرى ووزارته ولكل العالم.واستمرت حالة التعتيم على الحقائق حتى تلك المرتبطة باتفاقية كامب ديفيد نفسها عندما تم إخفاء حقيقة أن الاتفاقية أسقطت أهم المطلبين الأساسيين للشعب الفلسطينى وهما عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وكذلك عودة الدولة الاسرائيلية إلى ما قبل حدود 1948. لم يرد المطلبان فى الاتفاقية على الاطلاق.
وحتى فى تلك الحالات التى لا تستحق الاخفاء أو التعتيم لعدم أهميتها الكبيرة التاريخية أو السياسية يستمر الحكام فى إتباع السياسات نفسها التى تحمل معنى واحدا وهو الاستهتار بالشعب وعدم احترام عقله وإرادته. لقد كان من الغريب على جيلين كاملين من الشباب المصرى تعلما فى المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية وأكملا المرحلة الجامعية وربما حصلا على درجتى الماجستير والدكتوراه أن يكتشفا فجأة وبلا أى مقدمات أن أول رئيس لجمهورية مصر كان الرئيس محمد نجيب ولم يكن الرئيس جمال عبد الناصر. حقيقة تاريخية بسيطة لن تزيد من قيمة الأول كما أنها لن تقلل من قيمة الثانى لكن تم التعتيم عليها بحذفها من كتب التاريخ الرسمية وكأنها من المعلومات الحربية الشديدة الحساسية.وعندما علمت هذه الأجيال تلك الحقيقة لم تصدقها فى البداية ولما تيقنت منها اهتزت مصداقية الدولة أمامها ولم تعد تأخذ كل ما يصدر عن هذه الدولة، بكل مؤسساتها، على محمل الجد والمصداقية. واستمر الشكوالريبة يحكمان علاقة الدولة بالمواطنين وخاصة بالشباب. فالخطأ هنا ليس خطأ الشعب المصرى وصفوته الفكرية والسياسية ولا فى شبابه وإنما يكمن الخطأ فى تمسك الدولة بهذا المنهاج من العمل السياسى وفى إدارة شئون البلاد. وهو منهاج يعبر عن عدم ثقة االنظامب فى عقل االمحكومينب ولا فى عقل الأمة ولا فى ضميرها وبالتالى يخفى عنها الحقيقة ويتستر عليها. ويتعامل مع الحقائق على أنها شأن خاص بالحكام فى حين أن الحقيقة الوطنية هى شأن عام يخص كل المواطنين.
وعندما يأتى الوقت لأن تظهر الحقائق كما هى بلا تعتيم أو تزييف، يحدث هذا الارتباك الحادث الآن فى صفوف وطننا.
قمنا بثورتين ورفعنا شعاراتنا. نريد العيش فى بلدنا كمواطنين وليس كمحكومين. نسعى للمشاركة فى بناء وطننا ومن أجل تحقيق هذا الهدف. لذا لابد أن نعرف الحقائق فى وقتها. ومادام يطلب منا وطننا التضحيات من أجله فلابد ان نعرف، لماذا نضحي؟.
لمزيد من مقالات أمينة شفيق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.